ثريا شاهين
بعد نحو أسبوعين، أي في العشرين من الشهر الجاري، يتسلّم الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن مهمّته. ولن يحصل لبنان على اهتمام مباشر إلا بعد تعيين المسؤولين في الإدارة، سيّما في وزارة الخارجية، المعنيّين بمتابعة الملف اللبناني. وهؤلاء الأشخاص لن يتم تعيينهم وتثبيتهم قبل نحو شهرين، وفقاً لمصادر دبلوماسية بارزة.
من المؤكد أن وزير الخارجية الأميركي سيكون له تصوّره بالنسبة إلى لبنان، إلاّ أنّ ذلك يلزمه موقف المسؤولين المباشرين عن الملف داخل الإدارة، وهم الذين يعملون يومياً في هذا الملف. فهؤلاء يوفّرون الإقتراحات اللازمة حول لبنان. وتالياً، لن يكون موعد العشرين من الجاري بداية للإتصالات الأميركية بشأن لبنان، أو للإتصالات الأميركية مع المسؤولين والأفرقاء اللبنانيين حول تأليف الحكومة، أو حول شؤون لبنانية أخرى، بل أنّ لدى بايدن أولويات أخرى سيبدأ بها عهده، في مقدّمتها ملف إيران والصين وروسيا، وكلها تأتي قبل لبنان حتماً.
وفي المقابل، ينتظر بعض الأفرقاء اللّبنانيين إدارة بايدن، إذ أنّ الإعتقاد السائد، وفقاً للمصادر، أن ذروة الضغوط الأميركية حصلت في عهد دونالد ترامب خصوصاً مع اقتراب نهاية عهده. وذروة التشدد والعقوبات حصلت. ومع ذلك لم يتم التسهيل في المواقف لا في الشأن الحكومي ولا في غيره. كذلك توقف التفاوض حول ترسيم الحدود، كل ذلك طمعاً في الإستفادة من الليونة المرتقبة في موقف الإدارة الجديدة.
والآن خفّت مسيرة العقوبات التي كانت متوقعة، لكن مع إدارة بايدن، يبقى خطر هذه العقوبات قائماً والضغوط أيضاً قائمة. الآن، تبعاً للمصادر، تراجع تأثير العقوبات وسيتمّ تغيير النهج بالتهديد بالعقوبات، ولن يكون التهديد فاضحاً مثلما كان في عهد ترامب، إفساحاً في المجال أمام التفاوض الحتمي مع إيران، مع أن سيف العقوبات سيستمرّ، مع الإشارة إلى أن العقوبات لا تأتي من الإدارة فقط بل من الكونغرس أيضاً، ومثال على ذلك قانون قيصر الذي تم تهريبه، ووضعه في إطار قانون أشمل متعلق بتمويل الجيش الأميركي والدفاع بشكل عام مثل موازنة الدولة تماماً.
والعقوبات التي فُرضت لا يمكن وقف مفاعيلها إلا بعملية كاملة وليس بـ “شحطة قلم”. ستستمرّ هذه العقوبات، وفي الوقت نفسه، سيكون نهج بايدن وضع سياسة تفاوضية على عكس سياسة العقوبات من دون إلغاء سيف العقوبات.
وتؤكد المصادر أن “على لبنان التنبه والحذر من أن يتم تسليم لبنان لإيران من جراء عملية التفاوض معها وهنا تكمن الخطورة، ويجب توحيد المواقف الداخلية لكي لا يتمّ شيء على حساب لبنان.
وأوضحت المصادر أن “الحوار الأميركي مع إيران يخفّف الضغط عن لبنان كما يخفف التوتر في المنطقة، و بات أكيداً أن التفاوض مع إيران سيأتي، سيّما أنّ بايدن عيّن في الإدارة أشخاصاً ممّن كانوا مسؤولين عن التفاوض سابقاً مع إيران من أجل الإتفاق النووي”.
وبالتوازي، من المؤكد أنه توجد شروط متبادلة، وأن الأميركيين سينسِفون موقفهم مع حلفائهم الأوروبيين، بحيث لا يكون الموقف أحادياً كما كان في عهد ترامب، بل أن يتمّ كل شيء في إطار تفاهم دولي للعودة الى العمل بالاتفاق النووي على أن يتمّ إضافة ملحق إليه أو تعديل يتناول دور إيران في المنطقة، والصواريخ البالستية. والتخوّف على لبنان يأتي انطلاقاً من السوابق إذ في العام 1990 تم تسليم لبنان الى سوريا حتى العام 2005.
وتُشكّل إعادة التفاوض مع إيران تنفيساً للإحتقان في كل من لبنان والعراق واليمن، وتهدئة للتوتر بين الدول الكبرى أي في العلاقات الأميركية – الروسية. لكن لا يجب أن يتم ذلك على حساب الدول الصغيرة. مع أن لبنان يطالب بعلاقات مع إيران تشبه كل العلاقات مع الدول الصديقة وليس أكثر من ذلك. مع الإشارة الى أن ترامب وضع عراقيل أمام إعادة إحياء العمل بالإتفاق النووي، ومن غير الواضح الوقت الذي تستغرقه إزالة هذه العراقيل.
وعندما يحصل التفاوض بين واشنطن وطهران، يصبح لبنان ثانوياً. مع بايدن لن يكون لبنان أولوية، لكن لن يضع الضغط نفسه الذي وضعه ترامب عليه. والآن، هناك انتظار لتعيين المسؤولين عن الملف اللبناني ولتثبيت هؤلاء في مجلس الشيوخ، ونتائج انتخابات جورجيا ستكون مؤثرة فعلاً.
“Mtv“