ألان سركيس
يراهن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على ما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات سياسية داخلية يمكن أن تدفع في اتجاه تأليف الحكومة.
تؤكّد بكركي أنها ستستمر بالعمل بكل ثقلها والدفع نحو تأليف حكومة المهمة على رغم أن منسوب التفاؤل قد انخفض بعدما لمس البطريرك عدم رغبة سياسية في استيلاد الحكومة، إضافةً إلى وجود جو إقليمي ودولي غير مؤات لهذا الإستحقاق.
وهذا الأمر يزيد من غضب بكركي على القادة السياسيين، حيث تسأل الكنيسة لماذا ربط لبنان بالمحاور الخارجية في حين أن الخارج مشغول بهمومه ومصائبه؟
وترى الكنيسة في التصريحات الأخيرة للحرس الثوري الإيراني، من أن لبنان جبهة أمامية للصواريخ وغيرها من التصريحات الخارجية، تدخلاً سافراً في شؤون لبنان الذي هو بأمس الحاجة لتحصين سيادته والإنصراف لحل أزماته الداخلية وعدم إقحامه في صراع المحاور الذي يدفع ثمنه الآن، لذلك يبدي البطريرك الراعي تمسكاً اكثر من أي وقت مضى بمبدأ الحياد وفصل الأزمة اللبنانية عن أحداث المنطقة.
وتوازياً مع كل هذه التعقيدات الإقليمية، لم تحمل زيارة الوزير السابق سليم جريصاتي موفداً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى بكركي أي تطور جديد، حيث لا يزال كل طرف متمسّكاً بمواقفه.
وتؤكّد مصادر بكركي لـ”نداء الوطن” أن الراعي يعمل على مبدأ أساسي ومهمّ وهو تأليف حكومة إختصاصيين مستقلة، وهنا يبرز الفارق بين مبادرة الراعي ومبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فالمبادرة الفرنسية دخلت في توزيع الحقائب والأسماء، بينما الراعي لا يتدخّل في التوزيعة الوزارية ولا حتى في الأسماء، بل هو يعمل وفق خريطة طريق تضغط على السياسيين من أجل إيجاد حلّ للمأزق الحكومي.
وينتظر الراعي إعادة إطلاق الرئيس المكلّف سعد الحريري قطار التأليف وعرض الحلول من اجل الدخول على الخطّ والمساعدة في عملية حلحلة العقد.
ومن المتوقّع أن يجمع لقاء قريب الراعي والحريري يبحث خلاله الرجلان تطورات الوضع الحكومي وإكمال المبادرة الحكومية من حيث توقّفت، خصوصاً أن الاجواء تشير إلى أن الحريري ربما أجرى سلسلة إتصالات خارجية قد تكون كشفت بعض الغموض الحاصل.
ولا يُستبعد أن يقوم الراعي بزيارة في الأيام المقبلة إلى بعبدا لبحث الملف الحكومي مجدداً مع عون والتطرّق إلى آخر التطورات والبحث عن إمكانية تحقيق خرق ما، في حين أن الراعي كان قد توجّه إلى عون والحريري مباشرةً ودعاهما إلى اتخاذ القرار المسؤول والشجاع، إذا أبعدا عنهما الأثقال والضغوط، وتعاليا على الحصص والحقائب وعطّلا التدخلات الداخلية والخارجية المتنوعة، ووضعا نصب أعينهما مصلحة لبنان فقط.
ومن جهة أخرى، تراهن بكركي على الإتصالات التي سيجريها المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم والذي يُنسّق خطواته مع الراعي، ويعمل على خطّ إنجاح مبادرة البطريرك وذلك لإحداث تقاطعات يمكن أن تؤدّي إلى الولادة الحكومية المنتظرة.
لا تهدف بكركي للضغط فقط على عون والحريري، إذ تعتبر ان جميع من في السلطة مسؤول عما وصلت إليه أوضاع البلاد، لكنها في المقابل تعمل وفق الأطر الدستورية والقانونية وتعتبر ان عون والحريري بيدهما الإمضاء، وليقدّم كل شخص منهما التنازلات وبعدها فليتحمّل المعرقل مسؤولية عرقلته أمام الداخل والمبادرات الخارجية الإنقاذية.
“نداء الوطن”