خصصت الصحف الإيطالية مساحات واسعة لقرار الإرادة الرسولية، وعلى رأسها الحبر الأعظم البابا فرنسيس، نقل ملكية كل الموارد والحسابات المصرفية واستثمارات أمانة السر إلى إدارة خيور الكرسي الرسولي (الإدارة الخيريةAdministration Caritative)، وذلك بدءا من الأول من كانون الثاني 2021، حيث ستشرف الإدارة المذكورة على هذه الخيور وتديرها.
كذلك، ينص القرار الرسولي على أنه ستكون هناك جهة أخرى رقابية هي أمانة سر الشؤون الاقتصادية التي ستقوم بدءا من التاريخ المذكور، بدور الأمانة البابوية للشؤون الاقتصادية والمالية. وتقضي الإرادة الرسولية بأن تحول أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان، وحتى 4 من شباط 2021 كل ما لديها من سيولة مالية في حسابات مصرفية في الفاتيكان أو في الخارج إلى إدارة خيور الكرسي الرسولي، وتحديدا إلى حساب مصرفي ستحدده الإدارة.
القصة ليست جديدة ويعود تاريخها لشهر تموز عام 2019 حين كشفت هيئة الرقابة المالية في الفاتيكان، عن ضبط وإحالة 15 قضية مشتبه فيها إلى المدعين العموميين في عام 2019، في إطار جهود أب الكنيسة الكاثوليكية البابا فرانسيس المستمرة لتطهير المعاملات المالية للكرسي الرسولي.
يذكر أن هيئة المعلومات المالية في الفاتيكان، وهي هيئة لمكافحة غسل الأموال، نشرت تقريرا سنويا ذكرت فيه، أنها تلقت 64 “تقرير نشاط مشبوه” في عام 2019 وأرسلت فيما بعد 15 ملفا إلى مكتب المدعي العام للفاتيكان. ولم تنف حاضرة الفاتيكان ما نشره عدد من الصحف الكبرى الإيطالية ومفاده أن القضايا المتعلقة بالأمر تشير بشكل رئيسي إلى “جرائم الاحتيال الدولي، بما في ذلك الاحتيال المالي والاختلاس”.
وأوضحت أن “المبادئ التوجيهية الأكثر وضوحا حول كيفية تحديد الشذوذات المالية سمحت لها بتحديد حالات سوء السلوك بشكل أفضل”.
وكتب موقع “فاتيكان نيوز”: “ستتولى إدارة خيور الكرسي الرسولي مع بداية العام الجديد إدارة أموال ومقتنيات أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان، وذلك حسب ما تنص عليه إرادة رسولية للبابا فرنسيس نشرت الاثنين 28 كانون الأول الماضي. وكان الأب الأقدس قد أطلع في رسالة في شهر آب الماضي أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين على هذا القرار، وتتم عملية النقل على أساس وضعته لجنة خاصة تم تأسيسها في شهر تشرين الثاني”.
وتشير الصحيفة الناطقة باسم الكرسي الرسولي “أوسيرفاتوري رومانو” إلى أن “لهذه الخطوة أهمية من أجل إدارة مركزية للأموال وتعزيز الرقابة”، وتؤكد أن “أب الكنيسة الكاثوليكية لم يطلق الإصلاحات فقط، بل ورافقها بخطوط توجيهية دقيقة. ففي الوثيقة الجديدة يتحدث قداسته عن أن تنظيما أفضل للإدارة المالية والرقابة على النشاطات الاقتصادية والمالية للكرسي الرسولي هو أمر ضروري لضمان إدارة شفافة وفعالة وفصل واضح بين الصلاحيات والوظائف”.
وعن هذا الموضوع، قال الكاتب الإيطالي روبيرتو رودجيرو في حديث لـ”الوكالة الوطنية للإعلام”: “كل ذلك يأتي في وقت يعاني الاقتصاد الفاتيكاني أزمة مالية سببها انتشار وباء كوفيد-19 أن معظم مداخيل الكرسي الرسولي تأتي من السياحة والتبرعات. فمداخيل الفاتيكان تتمثل بما يدفعه السياح ثمنا للتذاكر أو رسوما لدخول المتاحف إلى جانب بيع طوابع البريد. ولكون هذه المصادر لا تسد كامل النفقات فهناك تقدمة تدعى “بنس القديس بطرس” يدفعها الكاثوليك حول العالم لدعم الفاتيكان، ويمكن تشبيهها بضريبة اختيارية”.
في 10 آيار الماضي نشرت صحيفة Messaggero مقالة تصف فيها الوضع الاقتصادي في الفاتيكان بالـ”كارثي”. وذكرت الصحيفة أن “الحبر الأعظم حث الدوائر المالية على أن تكون مقتصدة، وألا تقوم بالتعيينات، وأن تتجنب النفقات الزائدة عن الحاجة مثل السفر وحضور المؤتمرات”.