الخبر بالصوت

افتتح عام 2021 اولى ورقات روزنامته لبنانيا، بكارثة صحّية من العيار الثقيل. ما حذّر منه اهل الاختصاص في ‏مجال الطبابة والاستشفاء، وتنبيهاتُهم المتكررة من ان الاستهتارَ الشعبي بكورونا وخطره، معطوفا الى غياب الدولة ‏عن مراقبة حسن التقيد باجراءات الوقاية والسلامة اليوم، وتقصيرها قبل ذلك في فرض تطبيق تدابير الاقفال العام ‏على الارض، سيقود البلاد حتما الى السيناريو الايطالي حيث لن يجد المريض المصاب بالفيروس، سريرا في ‏مستشفى… وصلنا اليه اليوم. وها نحن الآن نحصد النتائج المفجعة لخلطة الموت، وقوامُها التقصير الرسمي والتفلّت ‏الاجتماعي (الذي تفاقم في فترة الاعياد): ظهر المستشفيات انكسر، غرف العناية الفائقة ممتلئة ولا قدرة لاستقبال اي ‏مصاب اضافي، هرجٌ ومرج في المختبرات مع إقبال مهول على اجراء فحوص “بي سي آر”، فيما عداد الاصابات في ‏ارتفاع مطّرد ينبئ بالاسوأ… ولتكتمل فصول فيلم “الرعب”، تنزل المصيبة هذه في بلد “دون رأس”، لا حكومة ‏حقيقية فيه، في انتظار تبلور مسار المفاوضات الاميركية – الايرانية بعيد تسلّم الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن ‏مقاليد الحكم في واشنطن! كما انها تحلّ على وطن خزينتُه فارغة وشعبه مسروق منهوب وجائع… فهل ستتمكن ‏الفاجعة الصحية التي انفجرت بأفظع مظاهرها، من إخراج المنظومة السياسية من زواريب صراعاتها الشخصية ‏والفئوية وتردعها عن تناتشها جبنة الحصص والحقائب، فتتألف حكومة طوارئ اليوم قبل الغد، تقود عملية انقاذ البلاد ‏من ازمتها الصحية والمالية في آن؟ أم ان حسابات اهل الحكم وكيدياتهم ستبقى أقوى، ولو لم يبق ناسٌ او بلدٌ يحكمونه؟
‎ ‎
اثنين الحسم
امام هول المشهد الوبائي وانزلاق لبنان سريعا، بعد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، نحو كارثة غير مسبوقة، وامام ‏خروج كورونا واصاباته عن السيطرة، رفعت الجهات المعنية، الطبية والصحية، الصوت، مطالبة الدولة بالتحرك ‏سريعا، لمنع رقعة الازمة من التوسّع أكثر. وعليه، اجتمعت اول امس، اللجنة الفنية المكلفة متابعة ملف كورونا، ‏لمواكبة آخر الارقام والتطورات خصوصا ما يتعلق بالمستشفيات وقدرتها الاستيعابية وتحديدا في العناية الفائقة. ‏ورفعت توصية بالاقفال التام الى اللجنة الوزارية التي ستجتمع برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ‏اليوم الإثنين لاتخاذ القرار النهائي في هذا الشأن. وقد تردد، في معلومات غير مؤكدة، ان قد لا تكون هناك حاجة ‏لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع للبت في هذا الموضوع‎.‎
‎ ‎
من 3 الى 6 أسابيع؟
وليس بعيدا، افيد ان أبرز توصيات لجنة متابعة التدابير الوقائية لفيروس كورونا الإقفال من 3 إلى 6 أسابيع مع منع ‏تجوّل تامّ على أن يتمّ استثناء الصيدليات وأماكن الطعام ومن ثمّ إقفال جزئي وفق المناطق التي ترتفع فيها الإصابات. ‏ومن التوصيات التي رفعت أيضاً تقليص عدد الطائرات والوافدين في المطار كما حصل مع إعادة فتحه بعد الإقفال ‏الأول وإعادة فرض الـ‎ pcr ‎على المطار لجميع الوافدين مع الحجر الالزامي بالإضافة إلى دعم المتضرّرين من ‏الإقفال‎.‎
‎ ‎
لا حكومة قريباً
سياسيا، جمود ثقيل يهيمن على الساحة الحكومية، ولا اتصالات بين بعبدا وبيت الوسط، ربما في انتظار عودة الرئيس ‏المكلف سعد الحريري من الخارج. غير ان المواقف القليلة التي سجلت في الساعات الماضية اوحت بأن العقد على ‏حالها. وفي السياق، قال نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش “لا نية لدى الحريري بالتخلي عن وزارة الداخلية ‏وفي ظلّ المعطيات الحالية لا أعتقد أنّه سيتمّ قريباً تأليف الحكومة”، واضاف “نتوقع عودة الحريري إلى لبنان في ‏بداية الأسبوع وهو لن يتوقف عن إقناع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بوجهة نظره بتأليف حكومة من 18 ‏وزيراً مستقلاً‎”.‎
‎ ‎
الخط الأمامي الإيراني‎!‎
وفيما بات كثيرون ممّن تحركوا على الخط الحكومي، وأبرزهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ‏مقتنعين بأن ثمة دورا اقليميا سلبيا يعرقل التشكيل، اطلق الحرس الثوري الايراني في هذه المناسبة، موقفا ‏مدوّيا، شارحا وبكلمات قليلة، النظرةَ الايرانية (وتاليا نظرة حزب الله) الى لبنان: ففي بيروت لا دور للدولة وللشرعية ‏ولا كلمة لها في قرار الحرب والسلم، لبنان مجرّد صندوق بريد بتصرف الجمهورية الايرانية… فقد أكد قائد سلاح ‏الجو في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده أن “كل الصواريخ الموجودة في غزة ولبنان تمت بدعم ‏إيراني”، مؤكداً أنها الخط الأمامي الايراني لمواجهة إسرائيل. وقال زادة، في مقابلة مع وكالة “تسنيم” التابعة للحرس ‏الثوري، إن “المفاوضات حول قدراتنا الصاروخية خط أحمر”، مضيفا: “لم يجبرنا أحد على تحديد مدى 2000 ‏كيلومتر لصواريخنا‎”.‎ 

عاصفة ردود
ولاقى الموقف الايراني العدواني عاصفة ردود سياسية في لبنان رفضا لجعل البلد رهينة الصراع الاقليمي والدولي ‏وجبهة متقدمة للمحور الايراني عبر حزب الله وصورايخه‎.‎
حتى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يستطع بلع الكلام الايراني، ولكن رده جاء خجولا للغاية فأكد ان “‏لا ‏شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره‎”.‎
‎ ‎
الرصاص الطائش
الى ذلك، فرض السلاح المتفلّت، وتداعياته الخطيرة على صورة لبنان الدولة، أكان سياسيا واستراتيجيا، أو أمنيا، نفسَه ‏من جديد على قائمة الاهتمامات المحلية، بعد ليلة رأس السنة. ففي تحدّ واضح للاجهزة الرسمية التي منعت اطلاق ‏النار ابتهاجا، سجلت خروق فاضحة لهذا القرار متسببا بسقوط قتلى وجرحى، وتضرر ثلاث طائرات للميدل ايست في ‏المطار‎.‎
وامس اعلنت قوى الامن الداخلي توقيف 34 من مطلقي النار لا سيما المتهم بإطلاق النار في محيط المطار‎.‎

“الشرق”

اترك تعليقًا