سلم المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار، ملف التحقيق بكامل أوراقه ومستنداته وتقاريره، وباشرت المحكمة دراسته تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب بشأن المذكرة المقدمة من وزير المال السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، التي طلبا فيها بكف يد القاضي صوان ونقل الملف إلى عهدة قاضٍ آخر.
وكشفت مصادر قضائية لـ”الشرق الأوسط” أن محكمة التمييز “أنجزت جميع التبليغات لأطراف الدعوى، وتنتظر الأجوبة ممن لم يقدموا أجوبتهم بعد بخصوص طلب نقل الملف من صوان”.
ومع تسليم الملف للمحكمة توقفت التحقيقات وكل المراجعات بهذه القضية اعتباراً من صباح أمس، إلى حين صدور قرار محكمة التمييز. وأفادت المصادر بأن المحكمة “غير مقيدة بمهلة زمنية، إلا أن القاضي جمال الحجار ومستشاريه لن يتأخروا في إصدار القرار باعتبار أن الملف لا يحتمل التأجيل بالنظر لخطورة القضية وانتظار أهالي الضحايا معرفة الحقيقة ومن المسؤول عن انفجار المرفأ، وللبت بوضع الموقوفين الـ25 الذين ينتظرون اتخاذ القرار بطلبات إخلاء السبيل المقدمة من قبلهم”.
وكان القاضي صوان سلم المحكمة خلال اليومين الماضيين إفادتي الوزيرين خليل وزعيتر اللتين قدماها في وقت سابق بصفتهما شاهدين، بالإضافة إلى إفادات شهود تحدثوا عن تعاطيهما كوزيرين مع “نترات الأمونيوم” التي عززت الشبهات حيال تقصيرهما في التخلص من هذه المواد الخطيرة عندما كانا بموقع المسؤولية، وحملت صوان على الادعاء عليهما مع وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وأشارت المصادر نفسها إلى أن صوان “رفض سابقاً تسليم كامل الملف، باعتبار أن التحقيقات سرية، وتبقى ملكه وملك النيابة العامة التمييزية كشريكة بالملف كونها هي من أجرت التحقيقات الأولية واتخذ صفة الادعاء باسم الحق العام بحق المدعى عليهم من موقوفين وغير موقوفين، ولا يمكن اطلاع طرف ثالث عليها، حتى لا تصبح هذه التحقيقات عرضة للإبطال”.
ولفتت المصادر إلى أن المحكمة “لم تكتف بهذه الإفادات، لكون مقدمي مذكرة كف يد صوان (علي حسن خليل وغازي زعيتر)، أثارا مسألة مخالفة المحقق العدلي لمواد دستورية، واتهامه بتجاهل دور المجلس النيابي وعدم طلب رفع الحصانة عنهما قبل الادعاء عليهما، وتجاهله أيضاً دور المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، الذي يملك وحده صلاحية محاكمة الوزراء عند ارتكابهم أي جرم في معرض ممارسات لمهامهم الوزارية، مستندين بذلك إلى قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز الذي أوقف في العام مفاعيل الملاحقة القضائية التي كانت قائمة يومذاك بحق ثلاثة وزراء سابقين، وأكدت يومها أن الصلاحية محصورة بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وليس من اختصاص القضاء العدلي”.
وفور تسلمها الملف من القاضي صوان، باشرت محكمة التمييز دراسة الملف، وأوضحت مصادر مواكبة للملف لـ”الشرق الأوسط”، أن رئيس المحكمة القاضي جمال الحجار ومستشاريه “سيواصلون درس الملف حتى في عطلة رأس السنة، للبت بمذكرة الوزيرين السابقين، سيما وأن ملفاً بهذا الحجم وهذه الحساسية لا يحتمل تضييع الوقت”. ولفتت إلى أن “القرار الذي ستتخذه المحكمة سيكون قراراً قانونياً معللاً، وبعيداً عن الاعتبارات السياسية}، سيما وأن القرار تترقبه المراجع القضائية، وكذلك الرأي العام اللبناني وفرقاء الدعوى، لا سيما أهالي الضحايا الذين يطالبون بالحقيقة منذ الرابع من أغسطس (آب) الماضي”، تاريخ انفجار مرفأ بيروت.
“الشرق الأوسط”