قبل أكثر من 24 ساعة من حلول عيد الميلاد المجيد، كاد الرئيس المكلف سعد الحريري ان “يبق البحصة”، وان يكشف عن طبيعة “التعقيدات الواضحة التي تعترض التأليف”، مراهناً على ذكاء اللبنانيين ومتابعتهم لما من شأنه ان يفتح باب نور في دياجير مآسيهم المالية والحياتية والاقتصادية والنقدية الحالكة، واتجاه أنظار التهمة عندهم إلى فريق بعبدا، الرئاسي والحزبي والنيابي، وتحالفاته هنا وهناك.
ومع ذلك، لم يتأخر المشهد المضطرب، من الظهور فمع ساعات المساء الأولى، خيمت أجواء قاتمة على المشهد، وربما على المسار الحكومي، عبر اندلاع حرب مصادر، أعادت إلى الواجهة حرب “التيارين” البرتقالي (التيار الوطني الحر) والازرق (تيّار المستقبل) قبل المبادرة التي أطلقتها بكركي، لإعادة وصل ما انقطع..
وعلمت “اللواء” ان العقدة هي إياها، فقد رفض فريق بعبدا توزير القاضي زياد أبو حيدر في الداخلية، كما طرح اسم ندى عبد الساتر، كشخصية مقبولة من الجميع في وزارة العدل، ويتمسك الرئيس عون بالعميد المتقاعد جان سلوم للداخلية.
وعليه، لم يكن مستغربا لدى المصادر القريبة من بكركي، ما نتج عن لقائي الرئيس الحريري مع الرئيس ميشال عون بعد تدخل البطريرك الراعي لاعادة تسريع ملف تشكيل الحكومة الجديدة بعد حالة الجمود التي سادت هذا الملف مؤخرا، وقالت انه بالرغم من تجاوب عون والحريري استئناف المشاورات بينهما بمسعى والحاح من البطريرك، الا ان ما تكشف ليلة انعقاد اللقاء الاول يوم الثلاثاء الماضي، لم يكن يؤشر إلى امكانية انجاز ملف تشكيل الحكومة بالسرعة المطلوبة، بعدما تبين ان الفريق المحيط برئيس الجمهورية قد قبل مرغما على عقده تحت الحاح البطريرك الذي لم يجد مبررا مقنعا يستوجب استفحال ازمة تشكيل الحكومة العتيدة على هذا النحو، فيما المطالب والشروط الموضوعة لم تكن منطقية او دستورية. واشارت المصادر انه خلال الاتصالات التي اجريت ليل انعقاد اللقاء الاول لتذليل العقد وتضيق شقة الخلافات، انكشفت نوايا هذا الفريق المبيتة من العملية والتي تؤشر بوضوح الى رفضه الموافقة على تسريع عملية التشكيل متذرعا باعتراض مكشوف على كل مجمل الصيغة التي طرحها الحريري لتشكيل الحكومة وقالت، كنا كلما تجاوزنا عقدة حتى تطرح اخرى او يتم التلطي بمطالب او تمثيل الاطراف الاخرين، الامر الذي ولد انطباعا بوجود نوايا غير سليمة وهو ماترجم عمليا بعرقلة تأليف الحكومة العتيدة ومن خلالها اجهاض مساعي البطريرك الراعي.
عملياً، لم يخرج الدخان الابيض من القصر الجمهوري حول معالجة العقد التي تحول دون تشكيل الحكومة كما كان مأمولاً، حيث استمر التباين بين الرئيس ميشال عون والرئيس الحريري حول حقيبتي العدل والداخلية، وحول اسماء بعض الوزراء حيث أن?اي تعديل على العدل والداخلية سيؤثر على توزيع حقائب اخرى، وهذا ما دفع الحريري الى الاعلان ان تشكيل الحكومة ذهب الى ما بعد رأس السنة. فيما استمر الاعتراض الدرزي على لسان رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال ارسلان على التمثيل بوزير واحد ولو بحقيبتين. ومع ذلك إتفق الرئيسان على استمرار التشاور في اجتماعات لاحقة في الايام المقبلة.
وحسب مصادر رسمية مطلعة، فإن البحث ما زال يدورمكانه بالنسبة لتوزيع الحقائب على الطوائف، حيث يجد الرئيس عون ان التشكيلة تفتقد الى التوازن والعدالة في توزيع الحقائب المعتبرة سيادية وتلك الاساسية، كما ان إصرار الحريري على حقيبتي العدل والداخلية يجعل الامن والقضاء في يد جهة واحدة وهذا امر غير مقبول، وكانت تسريبات بيت الوسط تشكو منه بالقول ان عون يرد الدفاع والداخلية والعدل.
وخلافاً لما تردد نفت المصادر ان يكون البحث قد دخل في اسماء الوزراء ليكون هناك اعتراض على احد منها من هذا الطرف او ذاك، مشيرة الى ان البحث لا زال محصوراً بتوزيع الحقائب على المكونات الطائفية والسياسية.
وحسب المعلومات الرسمية من قصربعبداعن اللقاء: “لم يتم التوصل خلال اللقاء الى اتفاق نهائي في مسألة التشكيلة الحكومية، وتقرر الاستمرار في التشاور خلال اجتماعات لاحقة”. فيما قال الرئيس الحريري بعد لقائه الرئيس عون: كنا نتمنى أن تكون هناك حكومة، ربما لا تزال هناك تعقيدات واضحة، ولكني أقول لكم أمرا واحدا، بالتأكيد هناك وضوح في المشاكل الموجودة بالسياسة، لكني أقول إلى اللبنانيين، لا يقولنّ أحدٌ لكم أننا غير قادرين على وقف الانهيار، والأهم أن هذا الانهيار يحتاج إلى حكومة لتوقفه، ويحتاج إلى حكومة اختصاصيين لكي نسير بالإصلاح الذي نريده، فخامة الرئيس وأنا وكل اللبنانيين.
وأضاف: من هذا المنطلق، أتمنى على الجميع أن يدرك أني لن أتوقف حتى تشكيل حكومة، وأن تكون حكومة اختصاصيين، وهو ما يريده أيضا رئيس الجمهورية، لكن الخلاف هو على أمور أخرى، وربما مرده إلى الثقة التي قد تكون ضاعت خلال السنة الفائتة، والتي يجب علينا أن نعيد بناءها بين الأفرقاء. لكن على الجميع أن يعرف أن السياسيين لم يعد لديهم وقت، وعلى السياسيين أن يعرفوا أيضا أن البلد ينهار بشكل سريع جدا. والإسراع في تشكيل حكومة هو الأساس، على أن تكون حكومة اختصاصيين وخبراء يعرفون ماذا يفعلون، دون أن يكونوا مسيسين.
والمح الحريري بشكل غير مباشر الى انه لا يريد وزراء مرتبطين بالسياسيين او مرجعيتهم سياسية بقوله: أنا لا أريد أن أعرف الوزير الذي سأسميه معرفة طويلة، وهذا الشخص الذي سيسمى لتلك الوزارة يجب أن يكون اختصاصيا بالفعل، وأن يكون تركيزه على الإصلاح، وليس على ما يريده سعد الحريري.
واكد “ان الرئيس عون حريص على تشكيل هذه الحكومة، وأنا كذلك لدي نفس الحرص، وسنبقى نعمل ونتواصل مع بعضنا البعض حتى تشكيل هذه الحكومة”.
وختم: بعد رأس السنة، لا بد أن تكون هناك حكومة، فالمواطن اللبناني لا يريد أن يرى سعد الحريري “طالع إلى القصر الجمهوري ونازل منه” من دون حكومة.
وأعربت أوساط بعبدا تأجيل الحريري العودة للتشاور مع عون، إلى ما بعد رأس السنة بدل ان يكون ما بين عيدي الميلاد ورأس السنة. وقالت المصادر ربما يريد ان يسافر ليمضي عطلة الأعياد مع عائلته.
وأوضحت أن لا مشكلة في حكومة الاختصاصيين وإنه يراد أن تكون الحكومة في إطار متكافىء كي تحكم وتقوم بمسؤولياتها في المرحلة المقبلة.
وافادت مصادر مطلعة أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف تداولا أمس في التشكيلة الحكومية على ضوء نقاط طرحت بالأمس لجهة قيام حكومة منتجة وفاعلة مشيرة إلى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بينهما حول التشكيلة الحكومية وتقرر التشاور بينهما في اجتماعات لاحقة في الأيام المقبلة.وقالت أن هناك نقاطا عالقة لا تزال تحول دون قيام الاتفاق أبرزها حقيبتي الداخلية والعدل.
وفهم من المصادر إن الاسماء التي طرحت غير مقبولة وهي تشهد تباينا بين عون والحريري.
ولكن مصادر مواكبة قالت أن التعقيدات لا تتصل بوزارتي العدل والداخلية فحسب إنما في المقاربة الشاملة لكل الحقائب وإسقاط الحقائب على الطوائف والطوائف على الحقائب مشيرة إلى أن ليس هناك من ثلث معطل.
ولفتت إلى أن رئيس الجمهورية لا يعرقل إنما هو شريك حتمي وكامل في المسؤولية الدستورية وقالت أن على الرئيس المكلف أن يركز أكثر على مقاربات والاتفاق على مقاربة. واستغربت كيف تبدلت الأجواء الأيجابية بعد لقاء أول من أمس وتفكير الحريري بما طرحه رئيس الجمهورية على مدى ساعة وربع الساعة وذلك لأن الرئيس المكلف قال أنه لا يمكنه هنا و هناك. ولفتت إلى أنه لا يجوز نعقد الآمال أمام الشعب الذي يعاني ما يعانيه ونخيب اماله بفعل صراع في ظاهره سلطوي وهو أبعد من ذلك بكثير.
بدورها قالت مصادر بيت الوسط ان المعلومات التي سربت من قصر بعبدا قبل زيارة الرئيس سعد الحريري اشاعت مناخاً سلبياً عن نتائج الاجتماع قبل حصوله. ولاحظت ان الاجواء الايجابية التي عكسها الرئيس الحريري كانت بطلب مباشر من الرئيس عون الذي تمنى عليه التصريح بوجود ايجابيات يتم العمل على استكمالها، غير ان وطاويط القصر تحركت ليلاً لتعكير الجو والاعداد لجولة جديدة من التعقيدات، على جري عادتها منذ التكليف.
ونبهت المصادر الرأي العام اللبناني من محاولات تزوير الحقائق التي يمارسها بعض المحيطين والمستشارين والمتخصصين بفتاوى التعطيل السياسي والدستوري.
وقالت ان الرئيس الحريري لم ولن يتراجع عن موقفه الذي اعلنه قبل التكليف وبعد التكليف بوجوب ولادة حكومة من الاختصاصيين تتصدى للاصلاحات في القطاعات كافة ووقف الانهيار الاقتصادي والمعيشي، وان اي محاولة لفرض حكومة تتسلل اليها التوجهات الحزبية لن يكتب لها النجاح مهما حاولوا الى ذلك سبيلاً.
ولم تتأخر بعبدا في الرد، إذ ابدت مصادر مطلعة على موقفها استغرابها لما عممته مصادر بيت الوسط معتبرة أن ذلك يؤثر?سلبا على مسار تشكيل الحكومة.
وشددت المصادر على ان الرئيس عون طرح منذ بداية البحث في موضوع تشكيل الحكومة ضرورة توافر معايير واحدة في التشكيل في حين ان التشكيلة التي عرضها الرئيس الحريري لم تكن تتوافر فيها هذه المعايير لاسيما من خلال التمسك مثلا بوزارتي الداخلية والعدل اللتين تتكاملان من حيث الامن والقضاء ولا يمكن بالتالي تسليمها الى فريق واحد.
واضافت المصادر انه لا يمكن التصرف في تشكيل الحكومة على قاعدة one man show لان تشكيل الحكومات يخضع لنصوص دستورية توجب الاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لاسيما تلك الواردة في المادة 53 من الدستور.
واكدت المصادر ان لا وطاويط في قصر بعبدا ولا غرف سوداء ، لان رئاسة الجمهورية تعمل علانية وبوضوح وشفافية وعلى الملاء ، في حين ان الغرف السوداء موجودة لخدمة الراغبين في تعكير الاستقرار السياسي في البلاد وعرقلة تشكيل الحكومة واسقاط التوازن الوطني والمعايير الواحدة عنها.
واكدت المصادر ان الرئيس عون لم يطرح حزبيين كمرشحين للتوزير بل اقترح اسماء اختصاصيين مستقلين تتوافر فيهم الكفاءة والخبرة لادارة الوزارات التي تسند اليهم.
وكانت مصادر بيت الوسط (الجديد) ذكرت أن الاجواء الايجابية التي عكسها الرئيس الحريري كانت بطلب مباشر من الرئيس عون الذي تمنى عليه التصريح بوجود ايجابيات يتم العمل على استكمالها. وقالت إن “وطاويط القصر” تحركت ليلاً لتعكير الجو والاعداد لجولة جديدة من التعقيدات على جري عادتها منذ التكليف”.
وسارع مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الى نفي ما ذكرته محطة “الجديد” في نشرتها مساء اليوم عن دور مزعوم لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في “تعطيل” تشكيل الحكومة العتيدة.
وأوضح المكتب انه سبق ان اكدت رئاسة الجمهورية مراراً ان لا طرف ثالثا في عملية البحث في تشكيل الحكومة التي تتم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، كما ان النائب باسيل اكد بدوره عدم مشاركته في البحث في تشكيل الحكومة، الا ان محطة “الجديد” مصرة على اقحام اسم النائب باسيل في المسألة الحكومية في محاولة واضحة ومتكررة لبث أكاذيب هدفها الإساءة الى المسار الدستوري لتشكيل الحكومة فضلاً عن استهدافات أخرى لم تعد خافية على احد.
وعكست زيارة نائب رئيس المجلس النيابي إلى بكركي، حرص البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على تتبع ما يجري على الصعيد التشاوري الرئاسي، وقال بعد اللقاء: الراعي ينتظر بفارغ الصبر وبتوقعات عالية الامل مسألة تأليف الحكومة ونحن نعتقد انها مسألة يجب بصورة قاطعة ان يصار الى تأليفها لأنها طريق الخلاص للشعب اللبناني الذي لم يعد يحتمل ان يعيش في ظل هذه الظروف”. واضاف “لن يستطيع الرؤساء ان يقدموا اي تبرير للشعب ان لم يقدموا على اعلان الحكومة”.
ومن المتوقع ان يعبر الراعي في عظة الميلاد اليوم عن امتعاضه مما آلت إليه التطورات.
وغرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قائلاً: “يبدو ان التعقيدات الداخلية ظاهرًا الى جانب الشروط التعجيزية لبعض الجهات السياسية تحول دون تشكيل الوزارة . وفي انتظار الاضواء الخضراء وجب تعزيز امكانيات وزارة الصحة كي تتوسع كما ونوعا في مواجهة الوباء”.
أولوية القصر
ومن زاوية الأولويات، اعتبرت مصادر مقربة من بعبدا ان الاجتماع الذي عقد في بعبدا، ورأسه الرئيس عون، بحضور وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني والمستشار سليم جريصاتي والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير، يصب في أولويات الرئيس للسير في التدقيق الجنائي..
وأعلن وزني عن قرار بالتواصل مع شركة الفاريز ومارسال ALVAREZ and MARSAL لمتابعة التدقيق الجنائي المالي.
وعن توقيت اعادة استلام شركة الفاريز ومارسال التدقيق الجنائي، أشار وزني الى “ان التواصل مع الشركة سيبدأ اليوم، لافتاً الى أنها ارسلت منذ عشرة ايام رسالة الى مصرف لبنان ابدت فيها استعدادها لاعادة العمل مع الدولة اللبنانية، ومن المؤكد أن القرار الذي اتخذ بوجود فخامة الرئيس عون، اي اعادة التواصل مع الشركة، سيبدأ تنفيذه اليوم، وفور عودتي الى المكتب”.
ورداً على سؤال عن رواتب موظفي القطاع العام والتخوف من عدم امكانية تأمينها، اوضح الوزير وزني ان “لا خوف على الرواتب”، مشيراً الى ان “وزارة المال بدأت منذ يوم امس دفع رواتب الموظفين العسكريين والامنيين، وسيتم اليوم صرف رواتب موظفي القطاع المدني، وبذلك تكون رواتب واجور جميع موظفي الدولة، متقاعدين وغيرهم تم دفعها قبل نهاية الاسبوع الحالي”.
وفي عين التينة، استقبل الرئيس نبيه بري حاكم مصرف أمس لبنان رياض سلامة حيث جرى عرض للاوضاع المالية والتشديد على ضرورة تطبيق القوانين الصادرة عن المجلس النيابي لاسيما القوانين المتعلقة بالاصلاح والتدقيق المالي ومكافحة الفساد وهدر المال العام.
وفي الإطار المالي، أكّد المدير التنفيذي لدى المجموعة العربية لصندوق النقد الدولي محمود محي الدين ان مفتاح حل الأزمة في لبنان يعتمد على التوافق السياسي ووجود حكومة ذات صلاحية ومساندة برلمانية، دون ذلك لا يمكن ان تكون جهة مثل صندوق النقد الدولي قادرة على انتشال لبنان من عثرته.
اعتمادات لفايزر
صحياً، وقع رئيس الجمهورية أمس مرسوم نقل اعتماد لشراء لقاحات ضد فايروس كورونا من شركة فايزر، على ان يتخذ وزير الصحة الإجراءات اللازمة لتوقيع العقد بين الدولة اللبنانية والشركة المنتجة للقاح.
163225
وأعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 2246 إصابة بالكورونا، مع 22 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 163225 حالة منذ 21 شباط 2019.
“اللواء”