الخبر بالصوت

بولا مراد

شدّ الحبال بينهما حكومياً يُهدّد بجرّ البلد سريعاً الى مؤتمر تأسيسي

يتخذ الخلاف المتجدد بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» بعدين : الاول سياسي بخلفية تصفية حسابات، والثاني دستوري قد يجر البلد في حال تفاقم الى مؤتمر تأسيسي ينتج عنه نظام جديد. 

فبعد حرب البيانات التي اندلعت بين بعبدا وبيت الوسط مطلع الاسبوع، اندلعت حرب جديدة بين مستشارين من الطرفين بينت عمق الخلاف حول تفسير الدستور، وبالتحديد المواد التي تتطرق لعملية تشكيل الحكومة ودور رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف فيها. ففيما يحاول «المستقبل» شرح المواد بما يؤكد ان الحريري هو المولج الوحيد بالعملية وان دور عون يقتصر على الموافقة على التشكيلة التي ترفع له او رفضها، يصر «الوطني الحر» على تفسير المواد لجهة تأكيد ان رئيس الجمهورية ليس «باش كاتب» ودوره اساسي في تسمية الوزراء وتوزيع الحقائب الى جانب دور الرئيس المكلف. 

ولعلها المرة الاولى منذ زمن يحاول الرئيس المكلف تشكيل الحكومة وحيداً من دون العودة للكتل السياسية ومن دون الخوض مع رئيس الجمهورية في تفاصيل عملية التكليف، متسلحاً بالمبادرة الفرنسية رغم تحولها سلاحاً غير فعال مع تلاشي مفاعيلها نتيجة مرور الوقت واقتناع الفرنسيين انهم غير قادرين على احداث خرق في الجدار اللبناني السميك بغياب الضوء الاخضر الاميركي. 

وبالرغم من ان الآمال المرتبطة بزيارة كانت مقررة عشية العيد للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لاعادة تحريك الملف الحكومي، لم تكن كبيرة، الا ان قرار الغاء الزيارة نتيجة اصابة ماكرون بـ «كورونا» كان له مفاعيل سلبية، باعتبار ان القوى السياسة وجدت نفسها غير معنية بالقيام بأي خطوة الى الامام، وبدت وكأنها راضخة لعدم امكانية تخطي العقبات الراهنة قبل عطلة الاعياد. 

ووجد البطريرك الماروني بشارة الراعي نفسه معنياً بمحاولة تقريب وجهات النظر بين الحريري وباسيل بعدما طفت العقدة المسيحية بشكل اساسي الى الواجهة في ظل اصرار «الوطني الحر» على تصوير الاشكالية الاساسية مرتبطة بتمسك الحريري بتسمية الوزراء المسيحيين من دون ان يسري ذلك على باقي الطوائف. وبعد سلسلة المشاورات واللقاءات التي عقدها، يبدو ان الراعي يقف اليوم في منطقة وسط بين الحريري وباسيل، فهو من جهة مقتنع بوجوب ان تكون الحكومة المقبلة حكومة اخصائيين، لكنه في الوقت نفسه لا يمكن ان يكون بمواجهة ما يطرحه عون وباسيل والمرتبط بحق المسيحيين بتسمية وزرائهم. 

وتعتبر مصادر مطلعة على عملية التشكيل ان استمرار عملية شد الحبال بين المستقبل – الوطني الحر حكومياً وبالتحديد حول صلاحيات رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية يهدد بجر البلد سريعاً الى مؤتمر تأسيسي خاصة وان هذا الخلاف كان قد سبقه خلاف اعمق بين «المستقبل» و«الثنائي الشيعي» حول احقية الشيعة الحصول على وزارة المال. وتشير المصادر في حديث لـ «الديار» الى ان هناك من يدفع من الداخل والخارج على حد سواء باتجاه اعادة للنظر بالنظام اللبناني، وفيما يبدو ان الشيعة متحمسون لهذا التوجه، فان السنة والدروز لا يحبذونه على الاطلاق، اما المسيحيون فلم يقرروا بعد اذا كان هكذا توجه يخدمهم او سيؤدي لتقليص المزيد من الصلاحيات المعطاة لهم عبر موقع رئاسة الجمهورية وغيرها من المواقع، خاصة اذا اصر الشيعة على مبدأ المثالثة وتمت العودة للعهد الذي قال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري انه توقف!

وتخلص المصادر الى ان الظروف والارضية الحالية ليست مهيأة بعد تماما للذهاب باتجاه مؤتمر تأسيسي، باعتبار انه ورغم انفجار كل الازمات دفعة واحدة خلال عام، الا ان اعادة النظر بالنظام تتم عادة «على السخن» وبالتحديد بعد احداث امنية كبيرة او حرب..فهل تهيىء تحذيرات الاجهزة الامنية خلال الاجتماع الاخير للمجلس الاعلى للدفاع، لتوجه مماثل؟!

“الديار”

اترك تعليقًا