عمر البدران
تزداد صورة الوضع الحكومي قتامة مع انسداد مخارج الحل في ما يتصل بعملية تشكيل الحكومة التي يبدو أنها رحلت إلى السنة الجديدة، مع إلغاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته إلى لبنان، لإصابته بـ«كورونا»، بعدما كان يؤمل أن تساهم هذه الزيارة في إزالة العقد التي تعترض الولادة الحكومية.
وفي الوقت الذي وضع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري البطريرك بشارة الراعي في أجواء ما تم إنجازه حتى الآن على صعيد تشكيل الحكومة، بعدما قدم تشكيلة كاملة من 18 وزيراً إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، فإن المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» تشير إلى الرئيس الحريري مستاء من تجاهل الرئيس عون للتشكيلة التي قدمها له، وهو ينظر بعين الريبة إلى طريقة تعاطي العهد وحلفائه مع مشاورات التأليف، بعدما ظهر أن هذا الفريق يضع مصلحته في الحصول على الثلث المعطل، قبل مصلحة البلد التي تكمن في الإسراع في تشكيل حكومة جديدة قادرة على اكتساب ثقة الداخل والخارج.
وفي الإطار، يرى النائب المستقيل مروان حمادة، أن «عهد الرئيس ميشال عون وبعد أربع سنوات من الممارسة قد انتهى بفشل ذريع بإقرار اللبنانيين والعرب والعالم بأسره، ولم يبق أمامه سوى محاولة الحفاظ على مواقع النفوذ فيما تبقى من مؤسسات لبنانية»، مؤكداً لـ«اللواء»، أنه «وللأسف فإننا وصلنا وبسرعة هائلة إلى أدنى مستوى من المناعة الدستورية، ما جعل من السلطتين الإجرائية والتشريعية، واستطراداً القضائية والأمنية، مجرد عناوين بلا محتوى، وسلطات منزوعة القوى والهالة».
ويشدد حمادة، على أن «التمسك بالثلث المعطل، وبالتالي تعطيل قيام حكومة اختصاصيين مستقلة، يدل على استماتة «الصهر» جبران باسيل وحزبه، في الاستفادة أقصى ما يمكن من الأشهر الباقية من هذا العهد. ولكن وفق هذا المسار فإن كل شيئ ذاهب إلى الهلاك، ولا بد أن يبحث لبنان بمؤازرة أشقائه وأصدقائه عن صيغة جديدة وتغيير جذري في رئاسة الدولة».
ويضيف حمادة، تعليقاً على إلغاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته لبنان، بالقول،» وكأن كورونا الذي لم يرحم أحداً في العالم تواطأ أيضاً على المبادرة الفرنسية، فمنعها على الأقل بالتوقيت من محاولة إنقاذ ما تبقى من أمل في تشكيل حكومة»، لافتاً إلى أن «كل شيئ مؤجل إلى ما بعد أول العام المقبل عله يكون أقل شؤماً على الجميع من السنة المنصرمة»، وأشار إلى أن «الأمور في هذه الاستراحة القصرية ستبقى مثل اللقاح في الثلاجة».
وقال في ما يتصل بالمواجهة السياسية القضائية القائمة بشأن ملف انفجار المرفأ، أنه «لا بد أن تعود الأمور إلى المسار القضائي الدستوري بالنسبة إلى السلطات الخاضعة لمحاكمة مجلس النواب، وأن يتوسع التحقيق إلى جهات وزارية أخرى محمية، وإلى أجهزة أمنية من المفترض أن تتحمل معظم المسؤولية في أمور هي تحت عينها وحمايتها ودرايتها».
وفي الوقت الذي أثارت دعاوى «حزب الله» على شخصيات معارضة، استياء في الأوساط السياسية والإعلامية والنقابية، بعد ادعائه، أمس على الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، وقبله على النائب السابق فارس سعيد، فإن حمادة يحذر من «تبعات هذا الأسلوب في الاغتيال القضائي عوضاً عن الاغتيال الجسدي»، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أن «هذه الممارسات لن توصل إلى مكان، لإن اللبنانيين مصرون على مواجهة كل هذه الأساليب الإرهابية التي شهدتها دول عربية في المنطقة، مع أنها لم تؤد إلى أي نتيجة»، مشدداً على أن «القوى السيادية والوطنية ستقف بالمرصاد لكل حملات الترهيب التي تستهدف معارضي «حزب الله» على طول مساحة الوطن، ولن يتمكن هذا الحزب ولا غيره في فرض سياسته واللجوء إلى كم الأفواه، باعتبار أن أحداً لا يمكن أن يفرض على اللبنانيين ما لا يتوافق مع قناعاتهم».
وعلمت «اللواء»، أنه في مقابل توجه «حزب الله» للادعاء على المزيد من معارضيه في المرحلة المقبلة، في ملف انفجار المرفأ، فإن هناك سلسلة تحركات سياسية وإعلامية مرتقبة الأسبوع المقبل، رفضاً لهذا الأسلوب الذي ينتهجه الحزب ضد الشخصيات التي تنتقد ممارساته، في ظل تزايد المخاوف من عودة مسلسل الاغتيالات والتصفيات الجسدية، مع وصول ملف الحكومة إلى الحائط المسدود، ما قد يفتح الباب أمام توترات وفوضى أمنية، سترخي بثقلها على الساحة الداخلية في الأسابيع المقبلة، توازياً مع سيناريوهات مقلقة يجري رسمها للمنطقة، قبل انتهاء ولاية الإدارة الأميركية الحالية.
“اللواء”