عمر حبنجر ويوسف دياب
التخبط السياسي الحاصل في لبنان تجاوز تشكيل الحكومة إلى القضاء، الذي وجد نفسه مع امتناع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب عن الإدلاء بإفادة كمدعى عليه أمام المحقق العدلي، متمسكا بحصانة قانونية أو سياسية، رغم هول كارثة انفجار مرفأ بيروت موضوع التحقيق، في الدائرة المفرغة عينها.
«المدافعون» عن موقع رئيس مجلس الوزراء، اختصروا ملاحظاتهم على ادعاء المحقق العدلي ضد الرئيس دياب، تحديدا، بكون المحقق فادي صوان، أرسل يسأل مجلس النواب السبيل لملاحقته مع 12 وزيرا سابقا وحاليا، ولما لم يجد الجواب ملائما تحرك على طريق الادعاء، متجاهلا قانون محاكمة الرؤساء والوزراء، الذي مازال عمليا مجرد حبر على ورق، وأعلن عن «استدعاء» رئيس الحكومة والوزراء السابقين الأربعة من أصل 12 وزيرا سابقا، للتحقيق.
كلمة «استدعاء» هي التي استفزت رؤساء الحكومات، وفي طليعتهم سعد الحريري، فكان الرد بالامتناع.
هذا، ولم يقف المحقق صوان، مكتوف اليدين أمام امتناع دياب و3 وزراء سابقين عن المثول أمامه لاستجوابهم، وكشفت مصادر قضائية واسعة الاطلاع على مسار التحقيق لـ «الأنباء» أن صوان «لم يطلب موعدا جديدا من رئيس الحكومة، بل سارع هو الى تحديد موعد عند الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة المقبل، لاستجوابه في مقر إقامته الرسمي، وذلك عملا بنص المادة 85 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تفرض على قاضي التحقيق أن ينتقل شخصيا الى مقرات كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، عندما يقرر الاستماع اليهم او استجوابهم في اي ملف قضائي».
وحدد صوان ايضا مواعيد جديدة للوزراء، إذ استدعى وزير المال السابق علي حسن خليل الى جلسة استجواب غدا، ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس الى جلسة تحقيق بعد غد ووزير الأشغال الأسبق غازي زعيتر الى جلسة مماثلة يوم الجمعة المقبل.
ولا تقتصر التحقيقات في هذه المرحلة على المسؤولين السياسيين، بل تطال قيادات أمنية وعسكرية، فبعد استجواب مدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا كمدعى عليه الأسبوع الماضي، قرر القاضي صوان إجراء مقابلة بين صليبا والرائد في جهاز أمن الدولة جوزف النداف الموقوف فعليا، بعد غد، كما استدعى صوان رئيس الأركان السابق في الجيش اللبناني اللواء وليد سلمان لاستجوابه غدا.
والنقطة الجوهرية الأساس، في اعتقاد مصدر وزاري والتي يمكن اعتبارها القطبة المخفية في هذه المعمعة، تتمثل باعتراف مسجل لنداف، أمام المحقق العدلي صوان، بأنه هو من تلقى أمرا من رئيسه مدير جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا، بفتح ثغرة في الجدار الخلفي للعنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، حيث توجد نيترات الأمونيوم، لرؤية ما في داخله، وقد كلف أحد العناصر التابعة له في المرفأ، القيام بالمهمة بواسطة أشخاص استعملوا جهاز التلحيم الكهربائي.
ويقول المصدر ان النداف كان نفى بداية علمه بالأمر، لكن عندما أدرك ان مصيره وحده في الميدان، أبلغ المحقق العدلي ما لديه.
وعلى الأثر استدعى المحقق المدير العام لأمن الدولة المحسوب على القصر الجمهوري وعلى رئاسة التيار الوطني الحر تحديدا، واستجوبه على مدى 4 ساعات ثم ادعى عليه ولم يوقفه.
إلى ذلك، أعلن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، تنحيه عن متابعة التحقيقات الجارية في ملف انفجار المرفأ، استشعارا منه للحرج في ضوء وجود صلة قرابة بينه وبين الوزير السابق النائب غازي زعيتر والذي وجه إليه اتهام في القضية.
ومن المقرر أن يتولى متابعة التحقيقات مع المحقق العدلي في سبيل تنفيذ قرارات الأخير، أحد المحامين العموم بالنيابة العامة لدى محكمة التمييز (محكمة النقض)، وذلك إعمالا لأحكام القانون في شأن دور النيابة العامة.
ويتوقع المتابعون لـ«الأنباء» ارتفاع الأصوات اعتبارا من يوم الإضراب العام غدا، بالدعوة الى تقصير ولاية رئيس الجمهورية كفرصة أخيرة لإنقاذ لبنان.
وتحشد حركة «أمل» قواها كافة دعما للاتحاد العمالي العام، الداعي للإضراب العام احتجاجا على البحث بإلغاء او تقليص الدعم الحكومي للدواء والمواد الغذائية.
وحث النائب السابق فارس سعيد، الرئيس ميشال عون على الاستقالة، «لفشله في نسج علاقات مع القوى السياسية». سعيد وفي تغريدة على تويتر توجه الى الرئيس عون بالقول: «فخامة الرئيس، أنا ضدك، لكن احترم عمرك وموقعك، اسمع مني لمرة، إسقاطك مكلف، استقل قبل انهيار كل شيء، حزب الله له مصالحه».
إلى ذلك، تقول مصادر «المستقبل» ان الرئيس المكلف سعد الحريري هو الآن بصدد مغادرة المنطقة الرمادية في مجابهة الإشكالية الحكومية، والتصدي لمحاولة الرئيس عون ومن ورائه رئيس التيار جبران باسيل الاستيلاء على صلاحيات رئاسة الحكومة.
بدورها، النائب المستقيلة بولا يعقوبيان، أبلغت قناة «الجديد» انه بوجود المافيا نفسها لا يمكن إصلاح البلد. وتوقعت ان يحمل الرئيس الفرنسي انفراجا حكوميا في 22 الجاري، لكن ذلك سيكون بمنزلة عار جديد للبنان الذي، رهنته الطبقة الحاكمة للخارج.
#الأنباء”