الخبر بالصوت

يعيش لبنان هذه الأيام أخطر مراحل انعدام التوازن؛ الأزمة الاقتصادية ‏والمالية والاجتماعية تشتد اوزارها كل يوم، وكل المؤشرات وتوقعات ‏خبراء المال والاقتصاد في الداخل والخارج، تنذر بوضع يفوق ‏المأساوي. والحكومة المستقيلة دخلت اعتباراً من يوم الجمعة الماضي ‏الشهر الخامس في تصريف الاعمال، وبدأت تكيّف نفسها مع الفراغ، ‏الذي يبدو أنّه سيمنحها فترة اقامة طويلة في السرايا الحكومية. ‏وملف التأليف يسلك مساراً متعرّجاً لا تؤشّر الوقائع والمعطيات ‏المرتبطة به الى أنّه سيستقيم ويبلغ خواتيمه السعيدة في المدى ‏المنظور. والمشهد السياسي العام، في ذروة الاحتدام، يعكس اهتراء ‏الدولة وعدم تحمّل المسؤولية الوطنية لدى غالبيّة الطبقة الحاكمة ‏التي دخلت في “حرب ملفات” مفتوحة، عنوانها مكافحة الفساد، وأما ‏خلفيتها فكيدٌ وثأر وتصفية حسابات، على حلبة المصالح والأرباح ‏والمكتسبات. كل ذلك يستبطن اصراراً على إفقاد الناس الأمل بانفراج ‏بات بالنسبة اليهم حلماً، من قِبل فئة من المتحكّمين لا تنظر الى ‏حاضر الناس وواقعهم المرير، ولا تعبأ بمستقبل البلد ومصيره.‏

في السياسة انحدارٌ لا مثيل له، والممسكون بزمام أمور البلد، يقدّمون ‏النموذج الأسوأ في مقاربة أزمة متشعبة تنذر بإعدام وطن بكامله، ‏في وقت يتفق العالم بأسره على احتضاره، وحاجته الى ما يمكّنه من ‏التقاط انفاسه، وتجاوز هذه الازمة، واستعادة استقراره المفقود ‏سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.‏
‏ ‏
التأليف في المنحدر!‏
في هذا المنحدر، هوى الملف الحكومي الى الدرك الأسفل، تتجاذبه ‏مزاجيات متصارعة تسعى الى تطويعه بما يخدم توجّهاتها واهدافها ‏المتناقضة، وما هو سائد ما بين القصر الجمهوري وبيت الوسط، يؤكّد ‏انّ تأليف الحكومة قد طوي لفترة طويلة لا تُقاس بالأسابيع، بل ‏بالأشهر على أقل تقدير!‏
‏ ‏
في هذه الأجواء، وكما يؤكّد مواكبون لملف التأليف، ثمة حالة وحيدة ‏لكسر حلقة التعطيل، عنوانها تفاهم رئيس الجمهورية العماد ميشال ‏عون والرئيس المكلّف سعد الحريري على تخريج صيغة حكومية ‏رضائية، إلاّ أنّ المعطيات المتوافرة لدى هؤلاء تعكس انّ الهوّة بينهما ‏آخذة في الاتساع، وتصلّب الرئيسين ساهم في تعميقها أكثر فأكثر.‏
‏ ‏
رفض متبادل
وبحسب هؤلاء، فإنّ الرئيسين عون والحريري قاربا اللقاء الأخير بينهما ‏الأسبوع الماضي على أنّه لقاء مفصلي، رمى فيه كلّ منهما الكرة في ‏ملعب الآخر؛ فرئيس الجمهورية رفض بالمطلق “تشكيلة الأمر ‏الواقع”، التي قدّمها الرئيس المكلّف، والتي قرأ فيها استفزازاً متعمّداً ‏له، وتجاوزاً لدوره وموقعه وشراكته الكاملة في تأليف الحكومة، وأمّا ‏الرئيس المكلّف، يرى في ما قدّمه رئيس الجمهورية شروطاً تعجيزية ‏متعمّدة، ومانعة لتشكيل الحكومة.‏
‏ ‏
الثلث المعطّل
تبعاً لذلك، فإنّ الأكيد في رأي مواكبي مسار التأليف، انّ كلا الرئيسين ‏ليس في وارد التراجع او تخفيض سقف مطالبه او التنازل للآخر، ذلك ‏أنّ هذا التنازل يعادل الانتحار. وتؤكّد ذلك معلومات موثوقة استقتها ‏‏”الجمهورية” من مطلعين عن كثب على أجواء الرئيسين، والتي يبدو ‏انّها تورّمت بعد لقائهما الاخير، تفيد بأنّ رئيس الجمهورية بات حاسماً ‏وبشكل قاطع في التمسّك بحضور فاعل ووازن له وللتيار الوطني ‏الوطني الحر في الحكومة. وهو اذا كان مصرًّا على مجموعة حقائب ‏أساسية يعتبرها ثوابت له وللتيار، مثل وزارة الطاقة والعدل والدفاع، ‏فإنّ إصراره الأكبر هو الحصول على سبعة وزراء يشكّلون الثلث ‏المعطّل في الحكومة.‏
‏ ‏
وبحسب هذه المعلومات، فإنّ هذه “الحصّة السباعيّة”، هي الحدّ ‏الذي يقبل به رئيس الجمهورية دون نقصان. وثمة من ينقل كلاماً ‏صريحاً في هذا السياق، مفاده “7 وزراء ونقطة على السطر، ولا مجال ‏على الإطلاق للنزول أقل من هذه الحصّة، مهما كلّف الأمر، لا بل مهما ‏طال أمد تأليف الحكومة، وحتى ولو ظلّ تصريف الأعمال من قِبل ‏الحكومة المستقيلة من الآن وحتى نهاية العهد بعد نحو سنتين”.‏
‏ ‏
محاولات فاشلة
وتشير المعلومات ربطاً بذلك، الى محاولات على شكل تمنيات قام ‏بها حلفاء واصدقاء للعهد ومن بينهم “حزب الله”، لتليين الموقف ‏الرئاسي وحمله على القبول بأقل من سبعة وزراء، على ان يكون ‏‏”الثلث المعطل” في الحكومة، ثلثاً مشتركاً بين الحصّة الرئاسية ‏وحصّة بعض الحلفاء وتحديداً “حزب الله”، الّا انّ هذه المحاولات مُنيت ‏بالفشل واصطدمت بموقف رئيس الجمهورية الرافض لحصّة في ‏الحكومة أقل من الثلث المعطل.‏
‏ ‏
لن نقدّم الحكومة لجبران!‏
في المقابل، تلفت هذه المعلومات الى أنّ التصلّب في “بيت ‏الوسط” في أعلى درجاته، والرئيس المكلّف، على ما يقولون في ‏محيطه، “قد قام بما عليه، وأعدّ تشكيلة حكومة يفترض أنّها لا تستفز ‏احداً، حكومة بحجم المرحلة من شخصيات تتمتع بمستوى عال من ‏الخبرة والكفاءة، وقادرة على ان تقود مرحلة الانقاذ”.‏
‏ ‏
ويضيف هؤلاء “انّ الحريري وضع تشكيلته بمعيار إنقاذي للبلد، واختار ‏فئة من الشخصيات الاختصاصية من غير الحزبيين، ولا اعتراض عليها ‏من غالبية الكتل السياسية المعنية بها، ما خلا اعتراض “الفريق ‏العوني” لأسباب معروفة، وهو، اي الرئيس المكلّف، يعتبر نفسه قد ‏أدّى المطلوب منه، وليس في وارد التراجع عن التشكيلة التي قدّمها ‏لحكومة متوازنة، ولا القبول بطروحات يُراد منها تعطيل حكومته قبل ‏أن تبدأ مهمّتها، سواء ما يتعلّق ببعض الوزارات، او ما يتعلق بمنح ‏رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” الثلث المعطّل في الحكومة، ‏فمنحهم الثلث المعطل امر مستحيل، فإن تحقق لهم ذلك، فهذا معناه ‏جعل هذه الحكومة محكومة لمزاجيّة فريق بعينه عند كل خطوة أو ‏قرار، سواء أكان قراراً صغيراً او كبيراً، فكيف اذا كان هذا الفريق مسيّراً ‏من جبران باسيل، وخلاصة الامر لا يمكن ان يقبل الحريري بأن يقدّم ‏الحكومة لباسيل عبر الثلث المعطل، ويُخضعها لمزاجيّته للتحكّم بها ‏وبقراراتها”؟
‏ ‏
لماذا هذا التصلّب؟
في موازاة هاتين النظرتين المتصادمتين على حلبة التأليف، تبرز ‏قراءات سياسية مختلفة لموقفي الرئيسين عون والحريري، تتفق على ‏انّ تصلبّهما ليس مرتبطاً بالحكومة وتشكيلتها، بقدر ما هو مرتبط ‏بأمور ذاتية لكلّ منهما.‏
‏ ‏
القراءات المتفهّمة لموقف رئيس الجمهوريّة، تلحظ منحًى اقصائياً له ‏ولدوره ولشراكته في تأليف الحكومة، خلافاً للدستور، وهذا يعطي ‏الحقّ الكامل لرئيس الجمهورية في الإصرار على صلاحياته ورفض أن ‏تُسجّل سابقة من هذا النوع. في موازاة قراءات مقابلة تدرج إصراره ‏على “الوزارات النوعيّة”، كما على الثلث المعطل، في خانة السعي ‏المباشر والواضح لإبقاء باسيل في قلب المعادلة السياسية ‏والحكومية، وللتعويض في هذه الحكومة عمّا خسره في العقوبات ‏الأميركيّة التي فُرضت على رئيس “التيار الوطني الحرّ”. وهو بالتالي ‏سيرفض أيّ تشكيلة حكوميّة لا تحقق هذا الهدف، على غرار التشكيلة ‏التي قدّمها الحريري في لقاء بعبدا الاخير، وفق معادلة 6-6-6، مع ‏خلطة حقائب جديدة، والتي تُخرج باسيل من هذه المعادلة نهائياً.‏
‏ ‏
واما في المقابل، فتبرّر قراءات القريبين من الحريري، خضوعه لما ‏يعتبره سقف المبادرة الفرنسية ومندرجاتها الانقاذية والاصلاحية التي ‏وافق عليها كلّ الاطراف بمن فيهم عون و”التيار الوطني الحر”، فيما ‏تلقي قراءات مقابلة بالمسؤولية على الحريري في تعمّد تقديم ‏تشكيلة حكومية، يدرك سلفاً أنّ عون سيرفضها، وذلك من خلفيّة عدم ‏استعجال الحريري الى تشكيل حكومة، قبل تسلّم الادارة الاميركية ‏الجديدة مهامها في البيت الابيض، إذ انّه يخشى من إقدامه على ‏تشكيلة حكومية، لـ”حزب الله” دور او حضور مباشر او غير مباشر فيها، ‏قد تكون دافعاً للإدارة الاميركية الحالية لأن تضعه تحت سيف ‏العقوبات الاميركية قبل انتهاء ولايتها. علماً أنّ “حزب الله” يؤكّد أنّه لم ‏يتلقَّ اي اشارات حول وجود او عدم وجود “فيتو” اميركي او غير ‏اميركي على مشاركته بصورة مباشرة او غير مباشرة في هذه ‏الحكومة.‏
‏ ‏
شيخ صلح!‏
وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ هذا الافتراق بين الرئيسين عون ‏والحريري، حرّك في الساعات الاخيرة اتصالات قام بها بعض الوسطاء ‏لدى بعض المستويات السياسيّة الفاعلة، تمحورت بشكل اساسي حول ‏اقتراح بدخول طرف ثالث، إما قوة رادعة للمعطلين توجب عليهما ‏النزول كل عن شجرته، وإما “شيخ صلح” لتقريب المسافات بين ‏الرئيسين واقناعهما بتجاوز ما يعتبرانها مطالب تعجيزية، وخصوصاً أنّ ‏مصلحة لبنان تستوجب إيجاد مخارج فورية لعِقَد التأليف، والوضع ‏الاقتصادي والمالي صار على مسافة قريبة جداً من لحظة الإنفجار ‏الرهيب.‏
‏ ‏
وخلصت هذه الاتصالات الى عدم وجود “شيخ صلح” محلي يستطيع ‏أن يضيّق الخلاف بين عون والحريري، علماً أنّ هذه “الرتبة” عُرضت ‏على مسؤول كبير ليتولّى مهمة التوفيق بين الرئيسين، ولكن ذلك ‏اصطدم بحقيقة أنّ الملف الحكومي جعل الجميع من دون استثناء ‏أطرافاً وأصحاب مصلحة في هذا الملف، وبالتألي، إن قبل بمهمة ‏التوفيق وبادر في اتجاه الرئيسين، فقد يكون حيادياً في نظر احدهما، ‏إنّما سيعتبره الآخر طرفاً يستحيل ان يماشيه.‏
‏ ‏
هل يتحرّك الفرنسيّون؟
امام هذا الإنسداد، وعلى ما يقول مسؤول كبير لـ”الجمهورية”، يبقى ‏التعويل على الدور الفرنسي، على الرغم من الإخفاقات المتتالية التي ‏مُني بها منذ اطلاق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لمبادرته ‏الإنقاذية، وآخرها الإخفاق الذي رافق المساعي التي بذلها مستشار ‏الفرنسي السيد باتريك دوريل، قبل ساعات من تقديم الحريري تشكيلة ‏حكومته الى رئيس الجمهورية.‏
‏ ‏
واذ اوضح المسؤول عينه، انّه لا يملك معطيات تؤكّد قيام الجانب ‏الفرنسي بوساطة جديدة بين الفرقاء اللبنانيين، قال: “ما اتوقعه انّ ‏الفرنسيين لن يتركوا الامور في هذا الإنسداد، وما زالت تفصلنا عن ‏زيارة الرئيس ماكرون الى بيروت 8 ايام، قد يستغلها الفرنسيون بجهود ‏معيّنة تتأتى عنها ايجابيات، قبل وصول ماكرون الى بيروت في 22 ‏كانون الاول الجاري”.‏
‏ ‏
ولفت المسؤول الكبير، الى انّ “من واجبنا كلبنانيين، ان نفتح الابواب ‏المغلقة، ونحث الفرنسيين على اعادة احياء دورهم، ذلك انّنا من ‏المعيب بحقنا أن يأتي الرئيس الفرنسي الى لبنان، ويُخرج من برنامج ‏زيارته اي لقاء رسمي مع أي مسؤول، واعتقد أنّ هذا حقه، وبالتالي ‏هي اهانة لنا جميعاً بالفعل، لا بل هي صفعة قوية على وجوه ‏الجميع، إذ انّنا نحن، بإفشالنا للمبادرة الفرنسية، وتغاضينا عن كل ‏التمنيات الفرنسية بإصلاح وضعنا وإنقاذ بلدنا، من يتحمّل المسؤوليّة، ‏بالتسبّب بها”.‏
‏ ‏
الى ذلك، نقلت مصادر ديبلوماسية من باريس، “أنّ برنامج زيارة ‏ماكرون بات ضيّقاً جداً، ومحصوراً بلقاء القوة الفرنسية العاملة في ‏اطار “اليونيفيل”. فباريس تنتظر أن يتمكن القادة اللبنانيون من ‏صياغة تفاهمات تعجّل بولادة الحكومة خلال الفترة الفاصلة عن زيارة ‏ماكرون الى بيروت، والّا فما على هؤلاء القادة إلاّ أن يتوقعوا “كلاماً ‏كبيراً جداً” من ماكرون، وقد يصل الى حدود الحديث عن عقوبات ‏فرنسية وأوروبية على معطّلي المبادرة الفرنسية وحكومة المهمّة، ‏التي يؤكّد عليها ماكرون، لتطبيق خريطة الطريق الإنقاذية التي ‏رسمتها هذه المبادرة”.‏
‏ ‏
لودريان: تيتانيك
الى ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ان الانهيار ‏السياسي والاقتصادي في لبنان يشبه غرق السفينة تيتانيك لكن من ‏دون موسيقى.‏
‏ ‏
وأضاف لو دريان في مقابلة نشرتها صحيفة لو فيغارو امس الأحد ‏‏”لبنان هو تيتانيك بدون الأوركسترا… اللبنانيون في حالة إنكار تام وهم ‏يغرقون، ولا توجد حتى الموسيقى”.‏
‏ ‏
وأثارت تصريحات لو دريان نبرة تشاؤمية قبل نحو اسبوع من زيارة ‏الرئيس الفرنسي إلى بيروت.‏
‏ ‏
الملفات والادعاءات
من جهة ثانية، ظلّت خطوة المحقق العدلي القاضي فادي صوان ‏بالادعاء على رئيس حكومة وتصريف الاعمال حسان دياب والوزراء ‏السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، في دائرة ‏التفاعل السياسي والطائفي، وكذلك في دائرة التباين في قراءتها ‏ومقاربتها. بين مؤيّد لهذه الخطوة باعتبارها تلبّي ما يرغب به كل ‏اللبنانيين في مكافحة الفساد، وبين معارض لها مسلطاً الضوء على ‏الاستنسابية التي تعتريها.‏
‏ ‏
فيما تشير بعض المعلومات الى رفض كل المدعى عليهم المثول ‏امام القاضي صوان، علماً انّ الموعد المحدد لذلك هو اليوم.‏
‏ ‏
فيما تشير بعض المعلومات الى رفض كل المدعى عليهم المثول ‏امام القاضي صوان، علما ان الموعد المحدد لذلك هو اليوم الاثنين.‏
‏ ‏
إرفعوا أيديكم عن القضاء!‏
في هذا السياق، برز موقف للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة ‏بطرس الراعي الذي اعرب عن امله في “ألّا تعطّل ردود الفعل الأخيرة ‏السياسيّة والطائفيّة والقانونيّة مسار التحقيق في انفجار المرفأ، والّا ‏تؤدي الى خلق انقسام وطني على أساسٍ طائفيّ لا نجد له مبرِّراً، ‏خصوصا أنّنا جميعاً حريصون على موقعِ رئاسة الحكومة وسائر ‏المواقع الدستوريّةِ والوطنيّة والدينيّة”.‏
‏ ‏
وقال الراعي في عظة قداس الأحد: “بقدر ما رحّبنا بقرار الدولة ‏التصدّي للفساد، أَقلقَتْنا طريقةُ مكافحة هذا الفساد، إذ بَدت كأنّها ‏صراع بين مؤسّسات الدولة وسلطاتِها ومواقعها على حساب الشفافيّةِ ‏والنزاهة، وعلى حساب دورِ القضاء وصلاحيّاته”.‏
‏ ‏
ثقافة الفساد
وخلال ترؤسه قداساً وجنازاً في كاتدرائية القديس جاورجيوس في ‏ساحة النجمة، لمناسبة الذكرى السنوية الـ15 لاستشهاد النائب جبران ‏تويني ورفيقيه، اعتبر متروبوليت بيروت وتوابعها لطائفة الروم ‏الارثوذكس المطران الياس عودة أنّ “ثقافة الفساد واستغلال مقدرات ‏الوطن والحقد سيطرت عوضاً عن المحبة والتسامح، فلو لو كان جبران ‏تويني بيننا اليوم لكان صوته عالياً في مواجهة ما يواجه بلدنا، وما ‏وصلنا الى ما وصلنا اليه، ولكان وأمثاله من الأحرار دفعوا الشعب الى ‏التمرد المثمر، حيث ننعى اليوم الاستقرار في حضرة حكام بعيدين من ‏الحكمة والعدل والمساواة”.‏
‏ ‏
‏”المستقبل”‏
الى ذلك، وفي بيان عنيف، اعتبرت كتلة تيار المستقبل انّ “هناك ‏خطة لن نسمح بتمريرها، لا عبر القضاء ولا عبر سواه، لاستهداف ‏موقع رئاسة الحكومة. خطة انتقامية من اتفاق الطائف تستحضر ‏الادبيات الانقلابية في آخر الثمانينات، لفرضها على الحياة السياسية ‏والوطنية بعد اكثر من 30 سنة على سقوطها.‏
‏ ‏
ورأت الكتلة “أنّ هناك مخططاً لاحتواء وعزل الموقع الاول للطائفة ‏السنية في لبنان، سواء من خلال التهويل على رئيس الحكومة والادعاء ‏عليه في قضية المرفأ، او من خلال التهويل على المرجعيات ‏السياسية التي تَولّت رئاسة الحكومة خلال السنوات العشر الماضية، ‏وإيداع مجلس النواب كتاباً يدرج رؤساء الحكومات السابقين في لائحة ‏المسؤولية عن انفجار المرفأ”. وغَمزَت الكتلة من قناة عون وفريقه ‏السياسي من دون ان تسميهما، داعية الى وقف تعطيل تشكيل ‏الحكومة.‏
‏ ‏
جعجع
وفي موقف لافت لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أعربَ ‏عنه في لقاء مع المنتشرين في العالم العربي واوروبا وافريقيا ‏واوستراليا، للمرّة الأولى عبر تطبيق “زوم” على شاشات ضخمة في ‏القاعة الكبرى في مقرّ “القوات” في معراب، قال : انّ هناك من يكذب ‏على اللبنانيّين منذ 30 سنة، وقد ظننّا في العام 2016 أنّ هذا الفريق ‏إذا وصلَ الى السلطة سيتغيّر، إلا أنّه، على العكس، ازداد تمسّكاً ‏بالسلطة”.‏
‏ ‏
ولفت جعجع الى انه “كانت هناك فرصة لعهد ميشال عون أن يكون ‏الأفضل، وكان اتفاق معراب فرصة لقيام دولة، ولكن تبيّن أنّهم كلّما ‏وصلوا الى السلطة طالبوا بالمزيد، وربما سيطالبون بالبابويّة في ‏المستقبل”.‏
‏ ‏
وإذ لاحظَ انّ حزب الكتائب بدأ يَحيد عن مساره التاريجي، اشار الى ان ‏لا تواصل مع “حزب الله”، فمشروع الحزب لا صلة له بلبنان، وهو ‏اضطرّ لعقد تحالفاتٍ في الداخل فاختار الأكثر فساداً، بدءاً بالتيّار ‏الوطني الحر”. وقال رداً على سؤال عن إلغاء الطائفيّة والمثالثة،: “إذا ‏ألغينا الطائفيّة سيصبح رئيس الجمهوريّة إمّا حسن نصرالله أو نبيه ‏بري”، مشيراً الى أنّ “المثالثة غير واردة ولا مشكلة لدينا مع المؤتمر ‏التأسيسي، ولكن ليس وقته الآن في ظلّ الجوع الذي يعانيه اللبنانيّون، ‏وحين نجلس على الطاولة سيكون مشروعنا اللامركزيّة الموسّعة”.‏
‏ ‏
وفي نهاية النقاش، قال جعجع حول ادّعاء قاضي التحقيق في انفجار ‏المرفأ على رئيس حكومة تصريف الأعمال و3 وزراء سابقين: في هذه ‏الخطوة خطأً في الشكل، إلا أنّها لا تستحقّ ردّة الفعل التي شهدنا ‏عليها في الساعات الأخيرة”.‏

“الجمهورية”

اترك تعليقًا