الخبر بالصوت

اخيراً كان يفترض ان تبرز ملامح اختراق، وربما كان يؤمل ان يكون اكثر من اختراق واعد بولادة يؤمل ان تكون قريبة لحكومة الإنقاذ المنتظرة علها تشكل الهدية الميلادية للبنان واللبنانيين، ولكن ذلك لم يحصل وعاد الحذر الشديد سيد الموقف الذي يمليه التحسب لإمكان ان يبرز مزيد من المماحكات حول شياطين التفاصيل والتعامل مع أسماء تركيبة الـ 18 وزيرا التي وضعها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وقدمها كاملة، اذ برز طرح مقابل لرئيس الجمهورية وإعلان من بعبدا بعد ساعتين من زيارة الحريري يكشف بشكل لافت وجود فوارق بين تركيبة الحريري وطرح قدمه عون بما لجم التوقعات المتفائلة التي أشاعها بيان الحريري في بعبدا.
ومع ذلك لا بد من الإقرار بان الرئيس الحريري اقدم امس على مبادرة خرقت الجمود وأحدثت اختراقا سياسيا في مسار تعطيل تأليف الحكومة من خلال وضعه التركيبة الكاملة بالحقائب والتوزيع الطائفي وإسقاط الأسماء على الحقائب وتقديمها الى رئيس الجمهورية ميشال عون بما يجعل الكرة في مرمى الرئاسة بالكامل. ومع ان كثرا استوقفهم ان تقابل بعبدا مبادرة الاختراق الحريري بتقديم رئيس الجمهورية في المقابل طرحا لا يتضمن حقائب ولا أسماء، فان ذلك زاد أهمية دلالات مبادرة الحريري التي حتمت تحريك مسار التأليف وإخراجه من اطار العرقلة ووضع حد للذرائع التي كانت تتظلل بترقب تشكيلته الحكومية. وبعد 49 يوما تماما من تكليفه تشكيل الحكومة في 22 تشرين الأول الماضي وضع الحريري في عهدة عون تركيبة حكومية كاملة من 18 وزيرا اختصاصيين غير حزبيين وسط انطباعات متفائلة بإمكان انطلاق مسار مختلف في مسار التاليف لتسريع ولادة الحكومة وربما قبل الزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان هذه السنة عشية عيد الميلاد. ولكن هذه الانطباعات تبددت امام الطرح المفاجئ المقابل الذي قدمه عون أولا ومن ثم امام مؤشرات سلبية أخرى جاءت عبر اعلام “حزب الله ” الذي انتقد تركيبة الحريري وقال انه قدمها من دون التشاور مع أي طرف إرضاء للفرنسيين ونوه بطرح عون.

وقد حمل الرئيس الحريري الى لقائه عصر امس مع الرئيس عون مظروفين قدم احدهما الى عون متضمنا التركيبة الحكومية الكاملة. وأعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية في بيان رسمي لوحظ انه صدر بعد نحو ساعتين من لقاء عون والحريري ان “الرئيس عون تسلم من الرئيس الحريري تشكيلة حكومية من 18 وزيرا وعرض معه لاتصالات الساعات الأخيرة التي كان اجراها رئيس الحكومة المكلف على هذا الصعيد” . وأضافت “ان الرئيس عون قدم للرئيس المكلف طرحا متكاملا يتضمن توزيعا للحقائب على أساس مبادئ واضحة واتفق رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على دراسة الاقتراحات المقدمة ومتابعة التشاور لمعالجة الفروق بين هذه الطروحات”. وبدا لافتا ان العهد اقدم على ما يعتبر تجاوزا دستوريا لصلاحياته من خلال تقديم طرح او تصور لتشكيل الحكومة لان هذا يتجاوز صلاحياته وهي صلاحية رئيس الحكومة المكلف بان يقدم التشكيلة ويدرسها ويناقشها مع رئيس الجمهورية .

وكان الحريري صرح عقب اللقاء انه قدم الى الرئيس عون “تشكيلة كاملة من 18 وزيرا على أساس الاختصاص والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي وقد وعدني فخامة الرئيس انه سيدرس التشكيلة وسنعود للقاء في جو إيجابي. وأملي كبير ان نتمكن من تشكيل الحكومة بسرعة لوقف الانهيار الاقتصادي ومعاناة اللبنانيين وإعادة اعمار بيروت والثقة والأمل للبنانيين عبر تحقيق الإصلاحات المتفق عليها ضمن المبادرة الفرنسية “.

وعقب توزيع المعلومات الرسمية من قصر بعبدا كشفت مصادر مطلعة على اجتماع الرئيسين عون والحريري لـ”النهار” ان رئيس الجمهورية لم يقدم تشكيلة حكومية بل تركيبة من دون أسماء لحقائب وطوائف ، اما الرئيس الحريري فقدم تشكيلة كاملة متكاملة فيها أسماء لكل الحقائب والطوائف وقد وعد الرئيس عون بدرسها وإعطاء الجواب في شأنها.

وبدا من المعطيات المتوافرة ان عون لم ينظر بإيجابية ابدا الى حصر الحريري التركيبة الحكومية بـ18 وزيرا بل يريد تركيبة من عشرين وزيرا وهو ما يطوي أيضا إصرارا واضحا لديه على حصوله والتيار الوطني الحر على الثلث المعطل في الحكومة. وأفادت معلومات ان أجواء بعبدا والفريق العوني لم تكن إيجابية حيال تركيبة الحريري بل ذهبا الى اعتبارها افتعالا لمشكلة ولا تؤكد الشراكة ومع ذلك قدم الحريري تركيبته وقدم رئيس الجمهورية تصوره والحوار مفتوح .

ومما تسرب ان الحريري افرد في تركيبته خمسة وزراء لفريق العهد والتيار كما انه أبقى الدفاع لرئيس الجمهورية وابقى الداخلية والعدل للسنة والخارجية للحزب الاشتراكي وسمى وزيرين في خانة “حزب الله” غير حزبيين .

ووصف رئيس مجلس النواب نبيه بري ما جرى امس بانه “بداية جيدة وخرجنا من الدائرة الأولى وعلى الرئيسين إكمال الحوار لتشكيل الحكومة “.

الملاحقات القضائية
وفي غضون ذلك لم يحجب التحرك الحكومي تداعيات الازمة بين بعبدا وعين التينة عقب الهجوم الحاد الذي شنته محطة “ان بي ان ” على العهد في موضوع الملاحقات القضائية واتهامه باستعمال جانب من القضاء في تصفية حسابات سياسية. وبدا أمس ان هذا الملف يتجه الى مزيد من السخونة من خلال اتساع اطار الجهات والقوى المتعددة التي تتقاطع على انتقاد العهد في هذا الملف. حتى انه لوحظ ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وفي اطار لقاء اجري معه في جامعة الروح القدس في الكسليك عن موضوع حياد لبنان تطرق الى موضوع بعض الملاحقات القضائية فقال “اين نحن اليوم من انتظام الأمور؟ كل واحد يفتح على حسابه فنرى العدالة الاختيارية الكيدية الانتقائية والسلاح المتفلت وغيرها من الشوائب “. كما ان الحزب التقدمي الاشتراكي بدوره تحدث عن “لقاءات متكررة تجري بين احد السياسيين وقاض لتركيب ملفات كيدية غب الطلب”وهاجم الرئيس عون حاملا على “التمادي الفاضح في التدخل السياسي بعمل القضاء واستغلال بعضه في شكل معيب”.

الى ذلك ووسط تصاعد ملف الدعم على السلع الأساسية الى ذروة الأولويات المطروحة في الأيام الأخيرة دعا الاتحاد العمالي العام الى اضراب عام الأربعاء المقبل “كبداية لأوسع تحركات سيشهدها البلد ضد رفع الدعم”. وحمل رئيس الاتحاد بشارة الأسمر على السياسيين داعيا الى تشكيل الحكومة كممر وحيد للحصول على أي دعم للبنان .

النهار

اترك تعليقًا