اشتد الرفض الشعبي لخطط الحكومة في تخيير المواطنين بين رفع الدعم واللجوء إلى ما تبقى من الودائع البنكية في ظل تشاحن سياسي يزيد من الغموض وينذر بتوتر اجتماعي كبير والمزيد من الضغوط الاقتصادية.
عبرت رابطة المودعين في بيان، عن رفضها لرفع الدعم والمساس بأموال المودعين، قائلة إن “المنظومة المالية السياسية الحاكمة تريد وضعنا أمام خيارين إما رفع الدعم وما يخلفه من جوع وحاجة ونقص دواء، وإما الدعم مما تبقى من احتياطات أموال المودعين”.
ورفضت الرابطة المس باحتياطات أموال المودعين بشكل قطعي، كما رفضت وضع الناس أمام مصير مجهول واللعب على رغيفهم، مشيرة إلى أن الحلول كانت واضحة منذ البداية، وطرحتها رابطة المودعين مرارا.
وطالبت الرابطة بإلزام المصارف إعادة رسملة ذاتها وفك القيود عن أموال المودعين وتحميل الخسارة إلى المصارف ومن يملكها وكل من استفاد من هندسات الحاكم المالية والفوائد الخيالية من كبار المودعين وأصحاب النفوذ والسياسيين.
كما دعت إلى تدقيق جنائي واستعادة الأموال المنهوبة. ومحاكمة الفاسدين وضبط التهريب ودعم الاقتصاد الإنتاجي عوضا عن دعم الاستيراد إلا للمواد التي لا يمكن تصنيعها في لبنان.
وأشارت إلى أن “لو طبقت الحكومة هذه السياسة منذ سنة، لكنا اليوم في طور بناء اقتصاد منتج، وصناعتنا المحلية تنتج الكثير من حاجياتنا، ولكان الانكماش الاقتصادي أقل مما هو عليه نتيجة حركة أموال المودعين والحركة الصناعية والتجارية، ولكان سعر الليرة بحال أفضل والتضخم في مستويات أدنى”.
وحذرت رابطة المودعين من “استغلال أزمة الدعم التي تسببت بها المنظومة الحاكمة بالتكافل والتضامن مع سياسات حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف، ومن استغلال الغضب الشعبي المحق بوجه رفع الدعم للمس باحتياطات الودائع أو ما تبقى منها، أو المس باحتياطي الذهب الذي يملكه لبنان، والذي يشكل الضمانة الأخيرة للأجيال القادمة”.
وتابعت “ولأن تاريخ علاقتنا كمودعين مع حاكم مصرف لبنان قد علمنا ألا نثق بقول يقوله أو عهد يقطعه، فإن الرابطة تطالب بكشف قيمة الاحتياطات المتبقية وبالوثائق. إذ أنه من حق المودعين معرفة ما تبقى من احتياطي إيداعاتهم منعا لأي مساس بها”.
ودعت الرابطة المودعين إلى “النزول إلى الشارع، ليس دفاعا عن أموالكم
مقابل رغيفكم، بل للمطالبة بحماية ما تبقى من أموالكم، وحماية رغيفكم”، وأكدت الرابطة أن “هذه المنظومة الفاسدة ليست أقوى من حقكم إن هدر، فواجهوها في الشارع وعبر القضاء وفي كل ميدان سلمي. تأخرنا كثيرا ولكن، تبقى هذه خارطة الطريق الوحيدة للحل”.
وقالت وكالتان تابعتان للأمم المتحدة الاثنين إن إلغاء الدعم في لبنان دون ضمانات لحماية الفئات الأكثر ضعفا سيصل إلى حد كارثة اجتماعية، محذرتين من عدم وجود وسيلة لتخفيف الضربة.
في الوقت الذي يرزح فيه لبنان تحت وطأة أزمة مالية عميقة، يدعم مصرف لبنان المركزي السلع الأساسية من خلال توفير العملة الصعبة للمستوردين بسعر الصرف القديم البالغ 1500 ليرة لبنانية للدولار، حتى بعد أن فقدت الليرة 80 في المئة من قيمتها.
وقال حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الأسبوع الماضي إن الدعم يمكن أن يستمر لشهرين آخرين فقط، داعيا الدولة إلى وضع خطة.
وعلى الرغم من أن لبنان يواجه أخطر أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990، فإن المنافسات القديمة بين السياسيين المتنافرين أعاقت رسم السياسات. واختير سعد الحريري لتشكيل حكومة جديدة في أكتوبر لكن لم يجر الاتفاق على حكومة بعد.
وكتبت يوكي موكو ممثل صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في لبنان، وربا جرادات المديرة الإقليمية لمنظمة العمل الدولية، في مقال رأي “سيكون تأثير إلغاء دعم الأسعار على الأسر الأكثر ضعفا في البلاد هائلا، ومع ذلك لا يوجد شيء تقريبا للمساعدة في تخفيف أثر ذلك”.
وأضافا “من الأهمية بمكان أن ندرك أنه اجتياز لبنان لمنحدر آخر الآن، دون وضع نظام شامل للضمانات الاجتماعية أولا، سيلحق كارثة اجتماعية بمن هم أكثر ضعفا في البلاد، وسيطيح برفاهيتهم ورفاهية البلد ككل لسنوات عديدة قادمة”.
وتعرض الأسلوب الشامل الذي يدعم به لبنان السلع الأساسية، مثل الوقود والقمح والأدوية، لانتقادات واسعة، بما في ذلك من قبل كبار الساسة في الأحزاب الحاكمة، لأنه لا يستهدف من هم في أمس الحاجة إلى تلك السلع.
إلا أن البنك المركزي يملك كميات من احتياطي الذهب بلغت 286.8 في مطلع ديسمبر الجاري، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.
وقفز مؤشر أسعار المستهلك في لبنان 136.8 في المئة في أكتوبر على أساس سنوي، تحت ضغوط ضعف سعر الليرة أمام الدولار في السوق المحلية.
“العرب”