“ضميري مرتاح وبالي مشغول”… بهذه العبارة التي توجّه بها رئيس الجمهورية ميشال عون أمس إلى زواره، بدا كمن يواسي نفسه بنفسه ويربّت بيده على كتفه، مجنباً عهده أي “وخزة ضمير” عمّا حمله من ويلات ومصائب على البلد وأبنائه. هي جرعة عونية جديدة من لقاح “ما خلونا” ضد التحسّس بعوارض المسؤولية عن الانهيار الذي سحق الدولة ومحَق اللبنانيين، وقد بيّنت التجارب المريرة مع حالة نكران الواقع الرسمية أنّ نسبة فعالية هذا اللقاح تجاوزت حتى نسبة الـ95% التي حققتها نتائج اختبارات لقاحات “كورونا”!
هنيئاً لكم “الضمير المرتاح”، وحبذا لو تتركوا “البال المشغول” لعموم اللبنانيين البائسين الذين باتت مأساتهم تلوكها الألسن من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، حتى أضحوا كالنازحين في وطنهم تُنظم لهم مؤتمرات مساعدة وإغاثة وإعاشة لتمكينهم من البقاء على قيد الحياة. ومن باب العطف والشفقة عليهم، يأتي تنظيم باريس بالشراكة مع الأمم المتحدة مؤتمراً دولياً مخصصاً لتقديم المساعدات الإنسانية للبنان في الثاني من الشهر المقبل، لا سيما أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان واضحاً في رسالته إلى عون أمس، لناحية التأكيد على تمحور أهداف المؤتمر فقط حول سبل “دعم الشعب اللبناني وتلبية حاجاته الملحة في ميادين الغذاء والصحة والتربية والمسكن”، أما في الشق السياسي من الرسالة فكلامٌ فرنسي قاسٍ بأسلوب دبلوماسي ذكّر ماكرون من خلاله عون بأنّ “لديه مسؤوليات وعليه واجبات” لا يجوز التنصّل منها في حل الأزمة.