“مطار بيروت الدولي أصبح عش دبابير لـ”حزب الله”… هذا ما خلصت اليه صحيفة “إسرائيل اليوم” بعد اعلانها أن فريقاً قانونياً إسرائيلياً يسعى إلى إجراءات عقابية ضد شركات الطيران وشركات التأمين التي تطير أو تقدم خدمات طيران إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت بحجة دعمه حزب الله.
وإذا كان هذا الكلام فسره البعض أنه تهديد مبطن لمطار بيروت الدولي قد يترجم بإعتداء على المطار، فإن الصحيفة اعلنت صراحة ان الفريق الإسرائيلي وجه “رسائل تحذير” الى شركات الطيران الكبرى في كل أنحاء العالم، ادعى فيها أنه من خلال تشغيل رحلات مدنية إلى مطار بيروت، فإنها تخاطر بارتكاب جرائم حرب.
وجاء في الرسالة أن “مطار بيروت أصبح عش دبابير لـ”حزب الله” وان المطار والمنطقة المحيطة به شهدا عمليات إرهابية واسعة النطاق من الحزب خلال الأشهر الماضية”، مع الاشارة الى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرض مراراً خرائط يزعم أنها تظهر صواريخ ومواقع تخزين أسلحة تابعة لـ”حزب الله”، في مناطق قريبة من المطار. لكن لم يتم تأكيد أي منها او ثبوت وجود اي دليل.
حتى الساعة لم تتلق ادارة المطار اي معطيات من أي شركة طيران عالمية في هذا الصدد، وتاليا لا صفة أو مصداقية لهكذا اخبار، وفق ما يؤكد رئيس المطار فادي الحسن لـ”النهار”. ولكن هل لهذا التهديد أي مفاعيل قانونية دوليا؟ مصادر قانونية تؤكد أنه، بالمبدأ القانوني ليس لهذا التحرك أي أهمية، ولكن “التخوف من ان يكون ثمة اتفاق مع محامين يهود في أميركا لإقامة دعاوى على غرار ما حصل مع المصارف اللبنانية منذ عامين تقريبا”.
وساندت هذا الرأي مصادر أخرى في قطاع الطيران التي أكدت أن لا قيمة قانونية لهذا التحرك وتاليا لا يمكن للعقوبات اي كانت غايتها أن تطبق بهذا الشكل، مؤكدة ان العدو الاسرائيل يسعى الى بكل ما أوتي من قوة للتخريب في لبنان، ولكن في الواقع ليس لهذا التحرك اي أسس، وتاليا ليسوا قادرين على التطبيق.
إلا أن رئيس مؤسسة جوستيسيا المحامي الدكتور بول مرقص كان له رأي مغاير، إذ اعتبر ان “هذا التهديد ان وقع سيكون اعتداء على سلامة الدولة ويمثّل تهديداً للامن والسلم العالميين، ويتطلب من لبنان، حتى وان بقي تهديدا لفظيا، أن يتقدم بشكوى امام مجلس الامن الدولي وأن يحشد الدعم العربي والدولي المناسب لاستصدار قرار يدين التهديد الاسرائيلي ويحذر من عواقب تنفيذ هذا التهديد على ارض الواقع، أكان عبر ضربة اسرائيلية أو بأي وجه من وجوه تعكير السلم الداخلي اللبناني، مستندا الى قرارات سابقة لمجلس الامن الدولي في هذا الاطار.
اما الخطوة الثانية التي يمكن للبنان أن يقوم بها، وإن كانت صعبة التحقيق وفق ما يقول مرقص، فهي في اقامة دعوى قضائية ضد اسرائيل. إلا أنه يعود ويشير الى أن “المشكلة تكمن في الوقوع على المحكمة المختصة، وهذا امر صعب كون المحاكم الدولية الدائمة لا تختص في النظر بهذا النوع من العدوان. فالمحكمة الجنائية الدائمة التي أنشأت بموجب نظام روما لعام 1998 تختص بجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية وبعض الأفعال الضيقة التي تمس حقوق الانسان، ولا تختص بهذا الفعل. كما أن محكمة العدل الدولية في لاهاي تختص بالنظر في النزاعات الحدودية والبرية والبحرية بين الدول، اضافة الى أنه من المتعذر انشاء محكمة خاصة لهذا الغرض، مع الاشارة الى أن التحكيم مستبعد في هذه الحالة على اعتبار أن المسألة ليست خلافية بل تتعلق بعمل عدواني”.
يبقى الخيار الثالث وهو اللجوء الى الاطار الديبلوماسي في المواجهة، وهو إطار صعب برأي مرقص “بسبب ضعف الديبلوماسية لأسباب ذاتية وموضوعية (اي البرودة الدولية والاقليمية في التعاطف مع القضايا اللبنانية)”.
وأمام صعوبة الخيارات الثلاثة، يؤكد مرقص أنه “لا يبقى امام اللبنانيين وخصوصاً المغتربين منهم، إلا التحلّق حول قضية وطنهم حتى لا يصبح بلدا مهجورا لا تحط في مطاره الطائرات التي ستحاذر بالقدوم الى لبنان بمجرد حصول هذا التهديد خوفا على سلامة وأمن طائراتها وركابها وطواقمها، وخشية من تنصل شركات التأمين من تغطية اي اضرار في حال حصول اي حادث لها، علما ان الشركات تأخذ عادة هذه التهديدات على محمل الجد”.