العهد هو وعدٌ مقرونٌ بشرطٍ وميثاقٍ تحتَ سقف اتفاقٍ أو إعلانٍ يجب أن يتمّ الوفاء به من قبل صاحب العهد.
العهد الذي أطلقه الرئيس عون لحظة إنتخابه، هوَ بمثابة عهدٍ وتعهُّدٍ لشعبِ لبنانَ “العظيم“، بإحترام الإتفاقاتِ والإعلانات والمساومات التي تقدمَّت لإيصاله إلى موقع الرّئاسة الأولى، ولكن هذا العهد يبقى حصرًا بين الرئيس عون ورؤساء الأحزاب التي قامت بتنازلاتٍ لوصوله إلى بعبدا. ولكن مهلًا… هذا العهد لا يُلزمُ “أصهرة” العهد بالعمل على إنجاحِ تعهدِّه ولكنّهُ يلزمهم الوعدَ لإنجاح عهد عمِّهم.
لطالما فصلت “القوات” بين “بَيّ الكلّ” (الرّئيس) والتيار الوطني الحر وكتلة لبنان القوي، فالأخيرة كان استثمارها الإنتخابي بمثابةِ دعمٍ العهدِ والمتجارة بسيد العهد لتجييش التصويت للوائح “لبنان القوي” وكأن الكتلَ الأُخرى ستكونُ خارجةً عن العهد او ستعمل ضده… فللمعلوماتِ فقط: الخصوماتُ السّياسيّةُ التي رشّحتِ العمادَ عون وأوصلته إلى سُدَّةِ الرّئاسةِ، ستكونُ حريصةً أكثرَ من أيِّ فريقٍ على إنجاح العهد بهدف تبرير تبني ترشيح العماد وانتخابه، لتُحافظَ تلك القوى السّياسيّةُ على ماء الوجه أمام جمهورها.
فكتلة “لبنان القوي” التي تاجرت باِسم العهد استقطَبت أصواتًا وأسماءَ مرشحين مستقلين… فأسماءُ المرشحين كانت بعيدةً من سياسة سيد العهد، كالنائب نعمة افرام، وميشال معوض مرورًا بميشال ضاهر واللائحة تطول… فالملتزم الحزبي بالسياسة البرتقلية لا يتجاوز الـ 19/29، اي ان أعضاء كتلة “لبنان القوي” هم بالتأكيد مع الرئيس عون ولكن ليس بالضرورة مع سياسة الوزير باسيل.
أمّا التّيّار الوطني الحر، فهو ما تبقى من تيار العماد مضاف اليه “أصهرة” العماد وسياستهم، التي حتى الآن اظهرت هدفها التوريثي لا الإنجاحي تجاه العهد. و“الوطنيُّ الحر” أصبح قوى مستقلة عن شخص الرئيس الّذي يُدمَج اسمُه بعبارة “بي الكل للكل” متى الحت لكم الحاجة وتفصلونه عنه بعبارة “حصة الرئيس” متى توجب الأمر وكله بهدف كسب مزيد من الحصص.
سياسة نهج العماد اختلفت عن نهج جبران ولربما التعينات والإمتعاض والإستقالات والمؤتمرات خير دليل على ذلك، فهذا أمر داخلي لن أدخل في تفاصيله، ولكن السؤال يبقى “لماذا الإختزال والإجتزاء؟“
عند وصول العماد عون إلى سدة الرئاسة وصلكم حقكم من اتفاق معراب وأصبح دور “القوات” اخذ ما أعطيَ إليها، ولكن “القوات” كما العادة “ام الصبي“، فاجتُزِئَ حقُّها، وأخذت 3 حقائبَ اضافةً إلى وزارة دولة لحليفها، ولكن اليوم مع تغير المعادلة البرلمانية اصبحت كتلة “القوات” 15 وبقيت حصة “القوات” بنظركم 3 ! رهيبةٌ آلة الحساب هذه المستخدمة من قبلكم، والطريقة التي تقسم الأرقام لتفضح النفوس! “القوات” حصلت على ثلثِ عددِ الأصوات المسيحية أي ما يساوي الـ 5 حقائب! كيف سيقبل قائدها أن يواجه جمهوره الذي اتمنَهُ على أصواته بهدف اصلاحي ان يساوم على اصوات جمهور الجمهورية القوية…
وبعد النزاهة التي تمتع بها وزراء “القوات” ونظافة الكف المنشود بها من الخصم قبل الحليف، اتت حملاتكم الشعواء عليهم، لأن 3 وزراء أبرموا اللعبة ووضعوا حدًّا للصّفقات المشبوهة وذلك من حرصهم على صورة العهد القوي النّظيف، فبماذا تبادلونهم؟ بإختراع تحاليلَ وأكاذيبَ تُنشَرُ من الحين الى الآخر؟
وعن تشريع الضرورة فحدث ولا حرج! اي ضرورة تعلو عن صحة المواطنيين؟ على العلم أنّ انسحابَ نوّاب الجمهورية القويّة من الجلسة لا يفقدُها النّصاب، والانسحاب هو حقٌّ ديموقراطي.
فيا من عطَّلَ جلسات الانتخابات الرئاسية في العامين السابقين لمدة عاميين متتالين لا يحق لكم إتِّهام “القوات” بفرط النصاب. تعلموا الصدق والوفاء، يا من وقعتم على اتفاق معراب “ورقة ورقة“، ونسفتموه بندًا بندًا، تعلموا الصدق فالأولية لصحة الناس لا البواخر، تعلموا الحساب فهذا يُسهّل عليكم الكثير، تعلموا السياسة فهذا امر مفيد، و“القوات” التي كانت بأمسِّ الحاجة لحليف شيعي رفضت انتخاب الرّئيس بري لإعتباراتٍ سياسية استراتجية، كانت أصدق من الحرب البلطجية التي انتهت بإنتخابكم لبري. فكفى متاجرة، معارضة “القوات” للبواخر ليست معارضة للعهد بل معارضة لصفقة مشبوهة، لِمَ لَمْ يُحاسَب حزب الله على معارضتهم لها؟ لمَ لم يلغى او يجمد اعلان نواياكم مع حزب الله لمُعارضَتِه البواخر؟! أو أنّ “ضرب الحبيب زبيب“؟
باتفاق معراب يحق للقوات 6 حقائب بمناصفة فعلية موقعة، ولكنكم رفضتم… فتنازلنا حسب حساباتكم وارقامكم وبدتنا وبحسب تحاليلكم واحصاءاتكم نمثل 32% اي ما يوازي الـ 5 حقائب طالبنا بـ 5 فكان الجواب “لا يحق للقوات استلام 5 حقائب“، طالبنا بحقيبة سيادية فعارضتم بحجة “الخارج لن يقبل“… ليعود اليوم الحديث عن 4 حقائب… والباتي اغظم! فماذا تريدون؟ تحاولون جاهدين وكأنكم تريدون إحراجنا لإخراجنا… وهذه المحاولات سيكمن مصيرها بالفشل، فنحن من صانعي العهد ومع العهد ولن نكون يومًا في صفوف المعارضة، ولن تشكل حكومة اكثرية، لأن “القوات” هي في صلب العهد… وهذا على العلم اننا قبلنا بجزء من اقتراحاتكم على مضدد! لتظهر النية الأساس أن العقدة الأولى منذ لحظة بدء التشكيل كانت ولا تزال عدم اعترافكم بحجم “القوات“، فأصحوا من الفاجعة… “القوات” حزب ماكن ذات تمثيل شعبيّ واسع!
وللمعلومات، اذا استلمنا حقائب عادية او حقيبة دولة (والتجارب خير دليل) سنحولها الى حقيبة سيادية اساسية في البلد، لتصبح شغل الشاغل وليكبر طموحكم بإستلامها بالحكومات المقبلة كما يحصل اليوم.
إعترفتم بالطائف وعاد الحق للمسيحين بوصول شخص يمثل شريحة الكُبرى من الناس. فكيف للعماد عون ان يستمر بهذه السياسة والبلاد تمر في اصعب الظّروف؟ نُريد العهد الصادق لينجحَ العهد القوي لبناء معًا الجمهورية القوية، فلا تسمح لأحد إفشالَ عهدك… عليك يا فخامة الرئيس ان تدرك ان فصلنا بينك وبين التيار هي من حرصنا على عهدك ومن حرصنا على شرفك العسكري بتوقيعك على اتفاق معراب.
ولكلِّ من يراهن أقول: “القوات” هي هي، لا تساوم ولن تساوم على كل صوت صُبَّ في جعبتها! فهذه أمانةٌ سلمناها للحزب مدركين أننا في حزب لا مكان للمساومات على حساب خيارات الرفاق… متطلعين دائمًا ابدًا نحو #الجمهورية_القوية…