ستكون التداعيات التي سيخلفها الكباش الرئاسي الدائر بين بعبدا وعين التينة ، على خلفية ملف «مرسوم الاقدمية للضباط» ، الاساس الذي سيرسم خارطة التحالفات الانتخابية في دائرة صيدا ـ جزين، وثمة من يراهن على ان اطرافا ستشعر بمرارة قانون الانتخاب الذي اعتمد النسبية، فـ «التيار الوطني الحر» الذي يتمثل جزينيا بمقاعد «عروس الشلال» الثلاثة، ووفق دراسة متأنية لكثير من العارفين بالواقع الانتخابي للقوى السياسية المنخرطة في المعركة، لن يكون باستطاعته الحفاظ على حصته الجزينية القائمة اليوم ، فيما «تيار المستقبل» الذي يتمثل صيداويا بمقعدي «عاصمة الجنوب» السنيين ، الطامح للحفاظ على استئثاره بالمقعدين ، ستصطدم حساباته بنظام النسبية وصوتها التفضيلي ، وبالتالي، فان اي تحالف بينهما لن يلبي الطموح النيابي لأي منهما.
وما يُعطي لحسابات القوى والتيارات السياسية والحزبية التي تستعد لخوض المعركة ، في دائرة هي الوحيدة في الجنوب التي يشكل فيها الناخب المسيحي ثقلا سياسيا وانتخابيا، ان هناك لاعبين اساسيين من خارج الصف المسيحي من شأنهم ان يقلبوا كل الحسابات «المبرمجة» على انتخابات قانون «الاكثري»، وهي غير مجدية في حسابات «النسبية»، ويلفت متابعون ، الى ان كافة القوى في هذه الدائرة تتريَّث في اعلان توجهها الانتخابي ، لكن الامور بدأت بالتبلور عند معظمها ، والظروف السياسية التي تسود الساحة الداخلية ، دفعت بالعديد من القوى الى اخذ الخيارات المتاحة التي تستجيب لمصلحته السياسية.
بري لاعب مُقَرِّر… في انتخابات المقاعد المسيحية في الجنوب
ان جمهور «الثنائي الشيعي» الممثل بحركة «أمل» و«حزب الله» يميل بمزاجه السياسي الى الابتعاد عن دعم اي تحالف يجمع «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل»، بل يُبدي حماسة للائحة المفترض ان تجمع امين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد والمرشح عن المقعد الماروني في جزين ابراهيم سمير عازار ، واذا بقي مسار الاصطدام السياسي بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ، فان الاخير ، ووفق ما توحي الاجواء السياسية سيكون متحمسا اكثر، لخوض معركة كسر «التيار الحر» ودعم حليفيه سعد وعازار. وليس بعيدا عن حسابات «حزب الله» المتريث عادة في اعلان موقف انتخابي قبل اشهر من موعدها، حتى ان الملف الانتخابي لم يُبحث في اوساطه بعد، وفق ما اعلن امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي نفى وجود توجه لاقامة تحالف «خماسي» ، يشطب شبكة من حلفائه، ومنهم الدكتور اسامة سعد الذي تجمعه بالرئيس بري علاقات جيدة.
في اوساط جمهور «حزب الله» وحركة «امل» حماسة لخوض الانتخابات النيابية في دائرة صيدا ـ الزهراني ، على الرغم من عدم وجود اي مقعد شيعي فيها، والسخونة السياسية التي تشوب العلاقة بين الرئيسين عون وبري ، اطاحت أي امكانية لحالة تراخي او «نأي بالنفس» عن معركة صيدا ـ جزين، من قبل حركة «امل» و«حزب الله» ، امام تحالف «الوطني الحر» و«المستقبل» في مواجهة الدكتور اسامة سعد والمحامي ابراهيم عازار؟، والرئيس بري ، الذي يُجمع المتابعون على انه اللاعب المقرر في انتخابات المقاعد المسيحية في الدوائر الثلاث في الجنوب ، سينتظر تيار رئيس الجمهورية في «ساحته» الجنوبية «ع الكوع» ، ويتحدث بعض الصالونات المقربة من حركة «امل» عن «رد اجر» في انتخابات ايار المقبل ، على ما اعتبره «التيار العوني» انه «أستعاد» في انتخابات صفقة الدوحة عام 2009 المقاعد الجزينية الثلاثة من كتلة الرئيس بري، فلم يعد يكفي ان لا يكون في دائرة صيدا ـ جزين مقعد شيعي، ليُعلن تحالف «امل» ـ «حزب الله» انكفاءه انتخابيا وسياسيا، بل ان المعركة ستكون جدية بالنسبة لـ «الثنائي الشيعي»، وما يزيد من جديتها ان سعد وعازار المرشحَين المفترضَين ان يكونا منافسين للائحة المفترضة التي قد تجمع «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» ، هما من الحلفاء الاساسيين لـ«حزب الله» وحركة «أمل»، اما في حسابات الرئيس بري الانتخابية، في ما يخص المقعد الكاثوليكي في الزهراني الذي يشغله النائب ميشال موسى ، فتجزم الاوساط ان لا تغيير او تعديل فيه، ولا بحث مع اي طرف سياسي ، اكان مسيحيا ام غير مسيحي للتفاوض حوله، سيما ان المقعد هو ضمن دائرة تجمع الزهراني وصور ، علما ان «اطماعا» لـ «التيار الوطني الحر» ارتسمت حول المقعد، الامر نفسه سيكون بالنسبة للمقعد الارثوذكسي في مرجعيون ، الذي يشغله الحزب السوري القومي الاجتماعي بشخص رئيسه السابق اسعد حردان منذ اول انتخابات نيابية جرت بعد اتفاق الطائف عام 1992.
«التيَّاران».. ومرارة «النسبية» وفي رأي الاوساط المتابعة ، فان النسبية اتاحت للمرشحين من خارج «التيارين» الوطني الحر والمستقبل» بعض الحوافز الاضافية لخوض المعركة، ففي صيدا ، بدا «تيار المستقبل» مربكا امام «النسبية» التي ستحرمه مقعداً نيابياً، وفق ما يخلص اليه اخصائيون في الحسابات الانتخابات ، وبالتالي فهو سيكون عاجزا عن حشد ما كان يحشده في اي انتخابات سابقة ، بفعل التصدعات التي اصابت جسمه الشعبي ، نتيجة تأزمات السنوات الثلاث الماضية، فيما حليفته «الجماعة الاسلامية» التي تحظى بنفوذ سياسي وشعبي وقوة انتخابية منظمة في صيدا ، باتت مع «النسبية « خارج الحسابات الانتخابية لـ» المستقبل» الا اذا توصل «المستقبل» الى صياغة تحالف على مستوى لبنان ، كالتحالف الذي اوصل النائب عماد الحوت الى المجلس النيابي في الدورة الماضية عن احد مقاعد بيروت ، مقابل تجيير شعبيتها الى «المستقبل»، لكن تبقى الاشكالية بالزامها بالتصويت لمرشحي «الوطني الحر»، في حال تحالف مع «المستقبل». فيما يعاني «المستقبل» في محاولاته لاستقطاب جمهور الحالة الاسيرية في صيدا ، الذي يتجهز لخوض معركة «اثبات وجود»، مستفيدة من نسبة الاصوات التي نالها مرشحوها الى الانتخابات البلدية السابقة.
بالمقابل ، تتحدث اوساط جزينية متابعة ، عن استمرار البلبلة التي ما تزال تسود «البيت الداخلي» لـ «التيار الوطني الحر» ، بسبب الخلافات القائمة بين بعض اركان التيار وعدم الاستقرار في لائحة مرشحي التيار، وزاد عليها ترشيح «مستشار القصر» جان عزيز عن المقعد الماروني ، وتزكية القصر الجمهوري لوريث النائب عصام صوايا جاد صوايا كمرشح عن المقعد الكاثوليكي في جزين ، والوضع المريح الذي يحظى به امل ابو زيد .. النائب الوحيد داخل المجلس النيابي الذي لم تنزل عليه «نعمة» التمديد ، لفوزه في الانتخابات الفرعية ، الامر الذ عقّد الامور امام النائب زياد اسود الذي يتمتع بشعبية جزينية داخل التيار وخارجه.. فهل يجد «التيار» حاجة في العودة الى «المربع الاول» باحتضان النائب زياد اسود ، لاعتبارات جزينية تُبعده عن انتكاسة انتخابية او سياسية ، يراها المتابعون واقعة في الحالتين؟
الديار