أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان نهج التسوية لن يؤدي إلى نتيجة وأن الحل هو اعتماد نهج المقاومة الذي حقق الإنجازات والانتصارات. واشار الى انه “التقى مؤخرا مع وفود من الفصائل الفلسطينية وكان آخر هذه اللقاءات السبت الماضي مع حركة فتح”.
وقال السيد نصر الله في حديث لقناة “الميادين” ضمن برنامج “لعبة الأمم” مساء الاربعاء إن “حزب الله حرص خلال اجتماعاته مع الفصائل الفلسطينية على العمل على نقطة إجماع”، ولفت إلى أن “القدس شكلت جوهر هذه اللقاءات كما تم تثبيت التنسيق بين هذه الفصائل في كل الساحات”، وأضاف أن “حزب الله بحث مع الفصائل الفلسطينية في تفعيل الانتفاضة في الداخل الفلسطيني وفي الخارج وفي كيفية تأمين الدعم لها”، ولفت الى أن “إيران مولت هبّة القدس ودعمت عائلات الفلسطينيين وستستمرّ في ذلك”.
وأوضح السيد نصر الله أن “حزب الله ليس وسيطا في تقديم الدعم المالي بين الفصائل الفلسطينية وإيران التي تفتخر بتقديم هذا الدعم”، وشدد على انه “من الواجب دعم المقاومة في فلسطين بالسلاح بشكل دائم وليس فقط كردة فعل على قرار ترامب الأخير بشأن القدس”، وأكد “لن نتردد في اغتنام أية فرصة لتقديم الدعم والسلاح للمقاومة في فلسطين”، واشار الى ان “حركة فتح أبدت في اللقاءات الأخيرة مع حزب الله موافقتها على الانتفاضة وأكدت أنها جزء أساسي في هذه الانتفاضة”، ورأى ان “حضور فتح في الشارع والحراك الشعبي هو أمر تسلم به كل الفصائل”، ولفت الى ان “هناك تنسيقا بين الفصائل في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وفي الخارج وأن هذا التنسيق هو حالياً في أحسن حال”.
وأكد السيد نصر الله ان قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن مدينة القدس “هو بداية نهاية كيان العدو الاسرائيلي وهو ضرب مسار التسوية في الصميم بين الفلسطينيين والإسرائيليين”، ولفت الى ان “ترامب مسّ بالقدس التي تشكل نقطة إجماع وتعني مئات ملايين المسلمين والمسيحيين”، وشدد على أن “عملية السلام انتهت بعد قرار ترامب وتصويت الليكود وقرار الكنيست الأخير بهذا الشأن”، وتابع ان “ترامب يأخذ المنطقة إلى منحى جديد وان الشعب الفلسطيني لن يستسلم”، وأضاف “الشعب الفلسطيني متمسك بالقدس عاصمةً لدولة فلسطين ولن يتخلّى عن ذلك”.
ورأى السيد نصر الله أن “قواعد الاشتباك في أية حرب ستكون خاضعة للمراجعة وللظروف والأحداث”، وتابع أن “من أهم عناصر المعركة مع العدو هو المفاجأة وأن المقاومة تحتفظ لنفسها بالمفاجآت في الميدان”، وأكد أن “المقاومة تعمل ليلا ونهارا للحصول على كل سلاح يمكنها من الانتصار في أية حرب مقبلة”، ولفت الى ان “شعار عالقدس رايحين شهداء بالملايين هو خيار خاضع للظروف والتطورات”، ورأى ان “مسار ترامب سيوصل الشعب الفلسطيني إلى إجماع بشأن المقاومة وعلى ألا خيار سوى المقاومة للتحرير”.
وأكد السيد نصر الله أن “المقاومة في لبنان باتت أقوى من أي زمن مضى”، واشار إلى “واقعاً مقاوماً سيخرج من سوريا رغم جراحها المثخنة”، وتابع “يجب أن نضع نصب أعيننا احتمال الحرب بعد قرارات ترامب ونتنياهو”، واضاف “إذا حصلت حرب كبرى كل الاحتمالات واردة بما فيها الدخول إلى الجليل”، ولفت الى ان “من يستطيع هزيمة تنظيم داعش بإمكانه هزيمة الجيش الإسرائيلي”، وتابع “قوة العدو ليست ذاتية ويمكن إلحاق الهزيمة به والدليل هو إسقاط مقولة الجيش الذي لا يُهزم”، واوضح “كان بإمكاننا الانتصار على داعش في وقت أقصر لو لم يكن هناك دعم أميركي لهذا التنظيم”.
وقال السيد نصر الله أن “ضربات سلاح الجو الإسرائيلي لم تستطع منع رفع قدرات وجهوزية المقاومة”، وأضاف “عدم ردّنا على الاعتداءات الإسرائيلية مبني على قواعد اشتباكنا والردّ نحدده في الوقت المناسب”، ورأى ان “من حق العدو الإسرائيلي أن يقلق في ظل الخبرة التي اكتسبها المقاومون والمقاتلون في سوريا”، وتابع “من الطبيعي أن يُقلق وجودنا في الجنوب السوري الإسرائيليين والمقاومة موجودة فعلا هناك”، واوضح “وجودنا في الجنوب السوري يأتي في سياق دفاعي وإسرائيل تخشاه بقوة”، ولفت الى ان “المقاومة السورية وغير السورية موجودة في الجنوب السوري”.
وبشأن حاويات مادة الأمونيا في المستوطنات الصهيونية، أكد السيد نصر الله أن “الإسرائيليين خائفين من تهديد حزب الله بقصف هذه الحاويات”، واشار الى “أنهم يدرسون اليوم قضية نقل هذه الحاويات إلى سفينة في عرض البحر من أجل ألا يتأثر المستوطنون بحال قصفها”.
واوضح السيد نصر الله ان “حزب الله لا يحتاج إلى 100 ألف صاروخ لإلحاق الهزيمة بالعدو الاسرائيلي”، واضاف أن “توازن الرعب هو ما يمنع العدو من شن حرب على لبنان”، ولفت الى انه “لو قرر كل العالم الاعتراف بالكيان الصهيوني هذا الامر غير وارد لدى الحزب”، وتابع “لا يمكن لأحد أيا كان الحق في التخلي عن حبة تراب أو قطرة ماء أو حرف من فلسطين”.
وكشف السيد نصر الله “عن عروض أتت من إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن ومن أجهزة استخبارات أيام الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من أجل التواصل مع الحزب”، ولفت الى ان “إدارة بوش عرض شطب الحزب عن قائمة الإرهاب وإعادة الأسرى ورفع الفيتو عن مشاركة الحزب في الحكومة بالإضافة إلى رفع كل القيود وتقديم ملياري دولار للحزب واحتفاظه بالسلاح من دون صواريخ الكاتيوشا وذلك مقابل عدم إطلاق النار على إسرائيل حتى لو قامت إسرائيل بالاعتداء على لبنان وعدم تقديم الحزب أية مساعدة للفلسطينيين أن كان تسليحا أو تدريبا”.
وأضاف السيد نصر الله أن “بعض الدول الأوروبية حاولت التواصل مع الحزب أيضا”، ولفت إلى أنه “في أحد اللقاءات مع جهاز استخباري أوروبي طلب من مسؤولي الحزب إبلاغ الطرف الآخر أنهم ينتمون إلى الجناح العسكري في حزب الله الذي تصنفه دول أوروبية على أنه إرهابي وليس إلى الجناح السياسي في الحزب”، واضاف “هناك تعاون معلوماتي مع بعض الأجهزة الاستخبارية الأوروبية من أجل مكافحة داعش”.
وعن العلاقة مع حركة “حماس”، أكد السيد نصر الله أن “هذه العلاقة لم تنقطع أبدا”، وأشار إلى أن “العلاقة بين الطرفين عادت طبيعية وجدية كما كانت في الماضي”، وأضاف “لم نبحث حتى الآن مع الرئيس السوري بشار الأسد إعادة ربط العلاقة بين دمشق وحماس”، معتبرا أن “حركة حماس معنية اليوم بمراجعة سياستها الماضية”، وكشف أنه “التقى الرئيس الأسد منذ أسابيع”.
ورأى السيد نصر الله أن “ما حصل في سوريا هو انتصار كبير ولكنه ليس انتصارا نهائيا بعد”، واتهم “الأميركيين بأنهم حريصون على داعش”، ولفت الى ان “تحذير واشنطن لموسكو بعدم القيام بأي قصف شرق الفرات لتأكيد ذلك”، واعتبر أن “دولة داعش سقطت لكن التنظيم ما زال موجودا في سوريا وليبيا وغيرهما من الدول وكذلك تنظيم جبهة النصرة”، مضيفا أنه “من الخطأ الظن بأن الحرب وضعت أوزارها في سوريا لكنّها في مراحلها الأخيرة”.
واعتبر السيد نصر الله أن “الحرب في سوريا تحتاج كحد أقصى إلى سنة أو سنتين لتضع أوزارها بشكل نهائي”، وأكد أن “الرئيس الأسد باق في منصبه حتى انتهاء ولايته الرئاسية وأنه قد يترشح مجددا للانتخابات الرئاسية”، وأشار الى ان “خروج حزب الله من سوريا مرتبط بنتيجة الحرب فيها”، واضاف أن “العامل الأساس في الانتصار هو السوريون أنفسهم وفي مقدمهم الرئيس الأسد وفريقه المتماسك”، ولفت الى ان “بقاء الرئيس الأسد في دمشق وثباته من أبرز عوامل الانتصار في سوريا بالإضافة إلى تماسك الجيش السوري وبنيته والحاضنة الشعبية لهذا الجيش”، ورأى انه “يجب على كل الأطراف المشارَكة في الحوار السورية برعاية الرئيس السوري المُنتخب والمنتصر”.
ولفت السيد نصر الله إلى أن “تجربة سوريا كانت تجربة جديدة بالنسبة لحزب الله”، وكشف أن “الحزب نقل للجيش السوري تجربته في حرب العصابات التي اكتسبها خلال حرب تموز/ يوليو 2006″، وعن عدد شهداء حزب الله في سوريا، قال السيد نصر الله إن “الحزب سيُعلن في يوم من الأيام الأرقام المحددة لشهدائه هناك”، ورأى ان “ما يتم تناوله من أرقام هو غير دقيق”.
وبشأن الملف اللبناني، قال السيد نصر الله إن “هناك أطرافاً في لبنان تسعى إلى خلق سجالات”، ولفت إلى أن “حزب الله معنيّ بمعالجة المشاكل بالحوار ووفق الدستور”، وشدد على أن “بناء دولة حقيقية في لبنان يحتاج إلى جهة دستورية وموثوقة يحتكم إليها الجميع”، واعتبر أن “رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري معذور في نفي احتجازه في السعودية وذلك بسبب استمرار علاقته معها”.
واشار السيد نصر الله الى ان “معلومات أفادت بأن ما كان يتم التحضير له من قبل السعودية كان خطيرا بالنسبة للبنان”، وتابع أن “السعودية كانت تخطط لقبول استقالة الحريري وعدم عودته وبالتالي تعيين رئيس حكومة جديدة في لبنان”، واوضح أن “المخطط السعودية كان يقضي بإيصال لبنان إلى فراغ حكومي وبالتالي إلى الفوضى وحتى إلى نشر السلاح على أراضيه”، ولفت الى ان “دولا حليفة للسعودية أبلغت مسؤولين لبنانيين عن المخطط السعودي”، وأضاف أن “الفرنسيين لديهم هذه المعطيات”.
وفيما يتعلق بالوضع اليمني، رأى السيد نصر الله أن “لا أفق لحلٍ سياسي هناك بسبب موقف السعودية التي لا تريد الحل وإنما الاستسلام من قبل اليمنيين”، وأكد أن “اليمنيين ليسوا في وارد الاستسلام”، ولفت الى ان “السعوديين يريدون نصراً دموياً مهما كانت التكلفة”، واشار الى ان “العالمين العربي والإسلامي في صمت القبور حيال مجازر السعودية في اليمن”، واضاف ان “حركة أنصار الله تبدي استعدادها للقبول بحكومة وحدة وطنية وبجيش موحد وإجراء انتخابات لكن السعودية ترفض”.
وحول الوضع في ايران، قال السيد نصر الله إن “ما جرى في إيران من مظاهرات تم استيعابه بشكل جيد وهو لا يُقارَن بما جرى عام 2009″، ولفت الى أن “تيارات نظام الجمهورية في إيران توحدت بشكل كامل”، وتابع أن “المشكلة تحديدا ناجمة عن إفلاس بعض البنوك”، واشار الى ان “هناك قوى سياسية دخلت على خط الأزمة في إيران وأنها استغلّت التظاهرات وأخذتها بالاتجاه السياسي، وتابع أن”القيادة في إيران تعاطت بهدوء مع الأزمة وتم فرز المحتجين عن المشاغبين”، واعتبر ان “حجم الاحتجاجات في إيران ليس كبيرا وأن ما ضخّم الموضوع هو أعمال الشغب والتدخل الخارجي”، ولفت الى أن “الولايات المتحدة والسعودية دخلتا على خط الأزمة في إيران واستغلّتا التظاهرات”.
ورأى السيد نصر الله أن “الموضوع الاقتصادي هو من أكبر التحديات التي تواجه إيران”، وشدد على أن “القاعدة الشعبية الأكبر في إيران هي مع السياسات الخارجية المتّبعة من قبل القيادة الإيرانية”، ولفت الى ان “هذه القيادة تعتمد السياسة الدبلوماسية وتشرح للشعب سياستها الخارجية”، وطمأن جمهور المقاومة ودعاه إلى عدم التأثر بما يتناوله الإعلام الغربي بشأن ما يجري في إيران، مؤكدا أن “آمال ترامب ونائبه وحكومته ونتنياهو وإسرائيل والمسؤولين السعوديين خابت في إيران”.