شكر الرئيس أمين الجميّل سيادة المطران يوسف بشارة على استضافة لقاء قرنة شهوان، وعلى تحمّلنا وتسديد خطانا في هذه الحقبة الجميلة والقاسية في آن .
وقال: اهلاً بكل الاعزاء المقاومين، في زمن التهديد والوعيد، في زمن وضع اليد، في زمن الاضطهاد، في زمن الوصاية، في زمن الاحتلال، اهلاً بعشاق الحرية، ورواد الديمقراطية.
واوضح الرئيس الجميّل ان لقاء قرنة شهوان شكّل تجمّع احزاب وشخصيات مسيحية، مشيرا الى اننا ارتقينا به الى مفهوم كميل شمعون وبيار الجميّل وريمون اده في التعامل مع الملمات الكيانية.
أضاف الرئيس الجميّل: لقد ألغينا للحظة التنافس السياسي التافه والجبان والخائن، وأسقطنا من قاموسنا ثقافة النكاية يوم كانت الجمهورية مهددة، سائلا: ما نفع الكرسي يوم يكون المنزل بمنازل كثيرة، والبيت مهدداً بأساساته؟
وشدد على اننا اتّحدنا على اختلاف مذاهبنا السياسية لردّ العدوان والوصاية والهيمنة، لافتا الى ان الحقبة كانت قاسية لأن لقاء قرنة شهوان ذاق طعم الشهادة، ودفع ثلاثة من اركانه ثمن الموقف السيادي وهم: جبران تويني وبيار الجميّل وانطوان غانم.
وأكد ان هذه الشهادة هي أمانة في عنق كلٍ منّا، مشددا على اننا لن نفرّط بها، وهي زادتنا إيماناً وتصميماً.
وأردف الرئيس الجميّل: لقاؤنا اليوم ليس لمجرد الذكرى، أو العتب او لجلد الذات، وليس مناسبة للبكاء والوقوف على الاطلال، بل هو موعد للافادة من التجربة الفرصة، ومن اللحظة التاريخية النادرة التي سمحت بتحقيق حلم السيادة الذي كان بحكم واقع الحال صعب المنال بل من سابع المستحيلات، مشيرا الى ان السيادة جمعتنا مسيحيين، ووحدتنا لبنانيين. وأضاف: سنة 2000 إنطلقنا مسيحيين في قرنة شهوان والتقينا لبنانيين في لقاء البريستول سنة 2004 وثورة الأرز سنة 2005.
وأكد أنه لا يجوز ان يفرّقنا الفراغ، ويشتتنا التعطيل، لا يجوز ان ننكر الاصل ونلوذ بالفرع، لا يجوز ان نهدم ثورة الأرز لنبني خيماً هنا وهناك، معتبرا أنه من الجريمة هدم الهيكل بعد نجاحنا مجتمعين موحدين في طرد اللصوص وما أكثرهم.
وتابع الرئيس الجميّل: من الجريمة اليوم استدانة الوقت بفوائد مرتفعة ليس لسبب الا لينكي احدنا الآخر، بفعل او بردة فعل، بترشيح او ترشيح مضاد، والنتيجة مفارقة غريبة عجيبة، ترشيحان من ٨ اذار، ومحركات بعض ١٤ اذار تعمل بكل طاقتها، ليلاً نهاراً، لايصالهما.
وقال: حزب الله استلم الشيك على ان يصرفه ساعة يريد ولصالح من يريد وبالتالي خسرنا الترشيح ولم نربح الرئاسة، مضيفا: لقد رشحنا حلفاء لحزب الله وعلينا ان نقنع الحزب بهما، فصرنا على طريقة رضي القتيل ولم يرضَ القاتل.
ورأى انه بدل ان نبقى أم الصبي صرنا جلاديه، وبدل ان نبقى سيدها صرنا نطبّل بعرسها، أما البراغماتية العقيمة، فلا تعني إلا الانتحار.
أضاف: نعم الأخطاء كثيرة، لكن مهما بلغت، فإن ما يجمع بيننا يبقى اكثر وأقوى وأمتن مما يفرّق.
واعتبر ان دقة الوضع الداخلي وهشاشته، وخطورة ما يجري في المنطقة، يجب ان تشكل حافزاً لردم المسافات وترميم التصدعات واعادة الروح الى ثورة الارز، مضيفا: ان ما يجري من عبث بالدستور، وامتهان للسيادة، واستباحة للاعراف، وضرب للمؤسسات، صار من فئة العادات الاليفة والمألوفة والمعتادة.
ورأى ان الفراغ في رئاسة الجمهورية بفعل التعطيل الذي يمارس عن سابق تصور وتصميم، هو وصاية جديدة، هو احتلال جديد، هو مسك دفاتر الجمهورية بالسلاح والذخيرة الحيّة، مضيفا: الاخطر قيام منظومة تدّعي الظروف التخفيفية، وتخلق مناخات تكييفية وتبريرية لمشهد الفراغ القائم على قاعدة ان الضرورات تبيح المحظورات وما شابه، هذا كلام انهزامي، هذه مفردات تكشف عن حالة استسلام للامر الواقع ولواقع الامر.
وتابع: الأخطر، ان كل ذلك يحصل من دون دراسة النتائج، ومن دون جدوى وهذا يدفع بنا الى البطالة في الجمهورية، الى الغاء الرئاسة، الى انتاج الازمات، فالى المؤتمر التأسيسي والمثالثة أو الى رمي الدستور والمؤسسات كافة، والعرف والتقاليد في مهب الريح.
وقال الرئيس الجميّل: بعضهم يعطّل الرئاسة لاسباب صغرى، اما البعض الآخر فلاسباب ملتبسة ومشبوهة، البعض يعطّل مصلحيّاً، والبعض الآخر يعطّل استراتيجيا، وتابع: بعضهم يعطّل ليصل، والبعض الآخر يعطّل لطرد الجميع من جمهورية الميثاق التي ارتضيناها وبعض البعض يحمي التعطيل لغاية في نفس يعقوب.
وأشار إلى ان الجمهورية مُعطلة بالاختيار لا بالاضطرار، ودورنا ان نشغلّها بالانتخاب لا بالغياب، مضيفا: ازاء هذا الوضع نقول معاً وبصوت صارخ: كفى، كفى انحداراً، كفى إستسلاماً، كفى انهزاماً
اما كيف؟ فالتجربة تستحق ان تخاض .
وقال: فلنحم الديمقراطية والميثاقية والتنوع، ونوقف القضم الممنهج والبطيء لتغيير معالم الوطن، فلننتخب رئيساً للجمهورية، لكن حذار من رئيس بالاضطرار او بالاكراه أو بالإذعان، فهكذا رئيس يحوّل البلد الى جمهورية مقعدة ودولة ملحقة وكيان تابع وثورات حتميّة .
أضاف: فلننتج قانوناً للانتخاب، لكن حذار من اي قانون لا يلبي صحة التمثيل وعدالته، وليكن قانون يلغي حمولات الوزن الثقيل في المحادل والبوسطات، ويحترم حق الناخب في اختيار ممثليه الحقيقيين، معتبرا أننا اذا كنا غير مدركين لهول ما يجري في الداخل والمنطقة، فتلك مصيبة، واذا كنا مدركين ولا نحرّك ساكناً، فالمصيبة اكبر.
ورأى الرئيس الجميّل أن بداية الحلّ هي باعادة الوزن والتوازن الى الحياة السياسية واعادة توحيد القوى السيادية، وانقاذ الشراكة المتكافئة في الوطن، واستمرار مفعول “لبنان اولاً” كشعار جامع للقوى السيادية، معتبرا ان على أركان وأحزاب وجمهور ثورة الأرز أن تهمل الفوارق الآنية والخلافات الهامشية لتتوحد وتتفرغ للقضية الوجودية، يبقى لبنان او لا يبقى، تبقى السيادة او لا تبقى، تبقى الديمقراطية او لا تبقى، مضيفا: وحدتنا كافية لمنع الحاق لبنان بالمحاور الاقليمية على اختلافها.
وتابع: هذه كافية لاعادة النصاب الى الميثاقية الحقيقية، هي كافية لمواجهة مشاريع الهيمنة، مهما استقوت بالسلاح والمال من أي جهة أتى، لافتا الى ان هذا ليس كلاماً طوبوياً، هذا واقع تحقق في أحلك الظروف.
وأكد ان وحدة المسيحيين ضرورة وجودية شرط ان تكون مدخلاً للعبور الى الشراكة الكاملة مع المسلمين، سنّة وشيعة ودروزاً، مشددا على أن وحدة اللبنانيين ضرورة وجودية لمنع اي تداعيات على وحدة لبنان وامنه ونظامه واقتصاده جراء نزاعات الاقليم وما سترسو عليه من نتائج.
وطرح الرئيس الجميّل جملة أسئلة: ماذا لو استمرت الحرب السورية سنوات وسنوات؟ ماذا لو نجح المتشددون في حكم سوريا او اجزاء منها؟ ماذا لو قدر لبشار الاسد ان يحكم ما إصطلح على تسميته “بسوريا المفيدة”؟ ماذا لو استوطن مئات الألوف من النازححين السوريين في لبنان، بشكل رسمي أو بحكم الواقع؟
وقال: اسئلة في غاية الدقة، لكنّ الجواب واحد: وحدة اللبنانيين تمنع اي عبث بلبنان وتحمي لبنان من هزات الخارج وارتداداته .
وختم كلامه بالقول: تعالوا اذاً نحقق الشراكة الحقيقية، تعالوا نعلن لبنان وطناً نهائياً، تعالوا نعلي لبنان ونسيّج حدوده ليبقى منارة مضاءة ووطناً للانسان ورسالة للانسانية.