منذ أن أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري تعليق الحوار الوطني، وهو يكتفي بالمراقبة عبر «المناظير السياسية» من خلف نوافذ عين التينة، متجنبا إطلاق أي مبادرة جديدة في هذه «الصحراء الداخلية» التي ضاعت في أرجائها حتى الآن كل مشاريع التسوية و «سلالها».
ولا يخفي بري، أمام زواره، انه كان يفضل عقد جلسة للحكومة الاسبوع الحالي، قبيل سفر رئيس الحكومة تمام سلام الى نيويورك، لان الوضع العام لا يحتمل المزيد من التعطيل، «لكن من الواضح أن سلام يتجنب التصعيد ويعطي كل الفرص لمحاولات معالجة الازمة الحكومية المستجدة بعد مقاطعة التيار الوطني الحر لمجلس الوزراء».
ويشدد بري على ضرورة أن يدعو سلام الى جلسة لمجلس الوزراء بعد عودته من نيويورك، وإذا لم يفعل، يكون هو مساهما في تعطيلها وإعدامها. ويتساءل: ما النفع من وجود الحكومة إذا كانت لا تريد أن تجتمع وتتخذ القرارات؟
ويلفت الانتباه الى أن سلام لم يوقع بعد، «وفق معلوماتي»، على القرارات التي اتخذت في الجلسة التي غاب عنها «التيار الحر»، من باب حرصه على عدم تفاقم الأزمة، علما انه يتفادى منذ ترؤسه هذه الحكومة إصدار قرارات بـ «العافية»، مراعاة للتوازنات الدقيقة في مجلس الوزراء، ومع ذلك هناك من لا يرضيه سلوك سلام ويوجه اليه أقسى الاتهامات.
ويؤكد ان «حركة أمل» و «حزب الله» هما مع بقاء الحكومة، ليس حبا فيها بل كرها بالفراغ والمجهول، متسائلا: إذا سقطت، فكيف يمكن الإتيان بغيرها في ظل غياب رئيس الجمهورية؟
ويكرر بري الجزم بأنه لا رئيس للجمهورية من دون الاتفاق المسبق على مرحلة ما بعد الرئاسة، وينفي علمه بوجود أي مؤشرات إيجابية حول احتمال انتخاب العماد ميشال عون رئيسا في الجلسة النيابية المقررة في 28 الشهر الحالي، منبهاً الى أن «أخطر ما نواجهه هو إهدار الوقت من دون تقدير للعواقب، خصوصا لجهة تداعيات عدم إنتاج رؤية واحدة لقانون الانتخاب قبل حلول شهر كانون الاول المقبل».
وهنا، يقول بري إنه يدعم أي حراك مدني يهدف الى الضغط من أجل إقرار قانون عادل للانتخاب، على أساس النسبية، «وإذا تطلب الامر أن أشارك شخصيا في مثل هذا الحراك، فلا مانع لدي».
وردا على سؤال حول تعليقه على التحرك الشعبي الذي يتهيأ «التيار الحر» الى تنظيمه إذا لم تتم الاستجابة لمطالبه، يجيب بري: الشارع واسع، واللجوء اليه هو حق ديموقراطي، لكن المهم ما هي الطروحات التي ستتصاعد من الشارع..
ويشير الى ان رئاسة الجمهورية ووضع الحكومة باتا ضحية المزايدات السياسية والطائفية، معتبرا أن وضع البلد أصبح ينطبق عليه قول الشاعر عمرو بن كلثوم: «ألا لا يجهلن أحد علينا، فنجهل فوق جهل الجاهلينا».
ويوضح أنه مع انطلاق الدورة العادية لمجلس النواب بدءا من منتصف تشرين الاول المقبل، سيختار التوقيت المناسب للدعوة الى جلسة تشريعية، مشددا على أن توافر النصاب القانوني المتمثل في 65 نائبا «سيكون كافيا هذه المرة كي أدير محركات التشريع».
وإزاء «الدلع السياسي السائد»، يلفت بري الانتباه الى أن الاستقرار النسبي الذي يسود لبنان هو بمثابة نعمة قياسا على الحرائق المشتعلة في المنطقة، «وأنا أخشى من ألا يقدّر بعضنا هذه النعمة، بحيث يفرّط بها، من حيث يدري أو لا يدري».
السفير