ما بين الساعة الثامنة والتاسعة من صباح امس، هزت سلسلة تفجيرات مدن دمشق وطرطوس والحسكة وحمص وحصدت عشرات القتلى والجرحى وجاءت بالتزامن مع لقاء الرئيسين الاميركي والروسي لبحث الأزمة السورية. واعلن تنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عنها، في حين لم تتمكن الولايات المتحدة وروسيا من تحقيق تقدم ملموس باتجاه التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار، كما جاءت قمة الرئيسين الأميركي والروسي دون اي نتائج عملية واعترافهما باستمرار الخلافات وضرورة تكثيف الاجتماعات لتقليص نقاطها.
وفي ظل تعثر الهدنة، كان الميدان السوري وتحديداً في حلب يشهد تطورات عسكرية هامة فرضت اجواءها على المباحثات الهامشية في الصين بين بوتين واوباما، حيث تمكن الجيش السوري من اقفال كل «الثغرات» التي كان يستغلها المسلحون الى شرق حلب وابرزها «ثغرة الراموسة» واحكم الطوق بالكامل على المسلحين في المنطقة الشرقية من حلب واستعاد السيطرة على بلدة المشرفة. فيما دارت اشتباكات حول تخوم مستودعات خان طومان اقصى جنوب الريف الحلبي، معقل المسلحين في الجبهة الجنوبية.
وقال مصدر في الجيش السوري، ان الجيش وحلفاءه، يهدفون الى ضرب المسلحين في مناطق الجنوب والغرب من حلب بعد تطويق المنطقة التي يسيطر عليها المسلحون بالمدينة ومنعهم من ارسال تعزيزات من معقلهم في ادلب.
واضاف المصدر: «الجيش يريد أن يكمل ويوسع دائرة السيطرة حول المدينة بشكل عام ويتم الهجوم على كل النقاط الموجود فيها الإرهابيون بغرب حلب وجنوبه لأن هذه المنطقة هي أولوية عند الجيش باعتبار أن إدلب حاليا هي الخزان وهي المورد (للمسلحين)». وأضاف أن الجيش والقوات الحليفة يعملون على توسيع سيطرتهم في منطقة الكليات العسكرية ومحيطها بعدما سيطر عليها من المسلحين يوم الأحد.
وقال المصدر لرويترز «الآن يتم توسيع نطاق سيطرة الجيش في منطقة الكليات وما حولها جنوبا وغربا. هذا التوسيع طبعا هو ضروري جدا لأن هذا الاتجاه هو الذي يؤمن وصول الإرهابيين من ريف إدلب».
وفي حماه، استعاد الجيش السوري الكلية العسكرية المهجورة قرب مطار التيفور العسكري ويواصل هجومه لاستعادة النقاط التي خسرها مع بدء هجوم جند الاقصى على ريف حماه الشمالي.
ـ لقاء الرئيسين أوباما وبوتين ـ
ـ لقاء الرئيسين أوباما وبوتين ـ
الى ذلك، وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما المباحثات الجارية بين بلاده وروسيا بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا بأنها «صعبة بسبب فجوة الثقة بين بلديْنا».
وقال في مؤتمر صحفي عقده بمدينة خوانجو في الصين في ختام مؤتمر قمة مجموعة العشرين، إن واشنطن وموسكو تسعيان للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا «ذي مغزى وجديّ ويمكن التحقق من تطبيقه»، إلى جانب بحث السبل الكفيلة بإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب هناك.
فيما علق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على لقائه بنظيره الأميركي، إن موسكو وواشنطن أقدمتا على خطوة جديدة لإطلاق التعاون حول سوريا، مؤكدا بقاء نقاط اختلاف تقنية.
وتابع بوتين أن الطرفين بحثا خلال اللقاء جميع المسائل المطروحة بالتفاصيل وتوصلا إلى تفاهم متبادل.
ولم يستبعد بوتين التوصل الى اتفاق مع واشنطن حول سوريا في غضون أيام عدة.
كما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن توغل القوات التركية شمالي سوريا لم يفاجئ روسيا.
وقال بوتين: «كنا ندرك ما يحدث وإلى أين تتجه الأمور. ونحن نرى تحركات القوات، والتطلعات، والقضايا التي تظهر في تركيا بسبب الأحداث في سوريا.. إننا نرى كل شيء جيدا، وبشكل عام، لا مفاجآت بالنسبة لنا. لكنني أكرر مجددا: إننا لا نرحب بأي خطوات تتعارض مع أحكام ومبادئ القانون الدولي».
وتحاول الولايات المتحدة وروسيا التوسط في هدنة جديدة بعد انهيار اتفاق وقف العمليات القتالية الذي تم التوصل إليه في شباط خلال أسابيع من دخوله حيز التنفيذ. واتهمت واشنطن الرئيس السوري بشار بالأسد بانتهاكه.
وتعقدت جهودهما يوم الأحد بعد أن فرضت القوات الحكومية وحلفاؤها الحصار مرة أخرى على القطاع الشرقي الذي تسيطر عليه المعارضة من مدينة حلب التي كانت أكبر المدن السورية قبل الحرب والتي يصمم الأسد على استعادتها بالكامل. وتعتمد مكاسبه بدرجة كبيرة على الدعم الجوي الروسي منذ أيلول من العام الماضي.
وقال مسؤول بارز بالإدارة الأميركية إن الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجريا نقاشا دام لفترة أطول من المتوقع واستمر لنحو 90 دقيقة بشأن ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق وكيفية التوصل إليه.
وقال المسؤول إنهما بحثا في اجتماعهما على هامش قمة مجموعة العشرين توصيل المساعدات الإنسانية إلى داخل سوريا والحد من العنف والتعاون في محاربة الجماعات المتشددة.
ولكن في محادثات جرت في وقت سابق امس لم يتمكن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف للمرة الثانية في أسبوعين من الاتفاق على وقف لإطلاق النار وأكد المسؤولون الأميركيون على أنهم سينسحبون إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريبا. وقال المسؤول «إذا كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق فنحن نرغب في أن يتم ذلك بشكل عاجل بسبب الوضع الإنساني. ومع ذلك يتعين أن نضمن أن يكون اتفاقا فعالا».
وتقول روسيا إنها لا يمكنها الاتفاق ما لم يتم الفصل بين مقاتلي المعارضة المدعومين من الولايات المتحدة وحلفاء من الشرق الأوسط وبين مقاتلين على صلة بتنظيم القاعدة إذ أن المناطق التي يسيطرون عليها متداخلة. وبالنسبة لواشنطن فإن الأولوية هي تحقيق الاستقرار في سوريا حتى يتم القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية التي تسيطر على مساحات من أراضي سوريا والعراق المجاورة.
وقالت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي إن المعارضين السوريين المدعومين من أنقرة سيطروا على جميع المناطق الواقعة على الحدود التي كان المتشددون يسيطرون عليها ليحرموا بذلك الجماعات الإسلامية من طريق رئيسي للعالم الخارجي.
وبدوره، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أمله بإعلان الهدنة في سوريا قبل عيد الأضحى المبارك الذي يبدأ يوم الاثنين المقبل 12 أيلول. وقال أردوغان إن تركيا تعزز تعاونها مع روسيا من أجل وقف إطلاق النار في سوريا وتطبيع الوضع بحلب. وأوضح أردوغان قائلا: «إننا نتعاون مع التحالف الدولي بقدر أكبر، لكننا نعزز التعاون مع روسيا أيضا. ويتعلق ذلك، بالدرجة الأولى، بريف حلب. وتستمر الجهود من أجل ضمان وقف إطلاق النار في المناطق في أقرب وقت ممكن».
كما جدد الرئيس التركي دعوته إلى إقامة «منطقة آمنة» في شمال سوريا، تكون ملجأ للمدنيين من القتال، معتبرا أن مثل هذه المنطقة ستساعد في إيقاف تدفق اللاجئين.
ـ إيران تندد ـ
فيما اكدت وزارة الخارجية الإيرانية إن الخلاف مع تركيا بشأن الأزمة السورية ما زال قائما، منددة بالتدخل العسكري التركي في شمال سوريا، وعدم صحة التقارير عن لقاء الاسد – اردوغان.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إن «موضوع سوريا يمكن أن يكون ملف بحث بين إيران وتركيا، وبالتأكيد لحد الساعة ليست لدينا الرؤية نفسها»، مؤكدا صعوبة التوصل إلى حل سياسي خلال مدة وجيزة.
وتعليقا على دخول القوات التركية إلى الشمال السوري، قال قاسمي إن أي مواجهة للإرهاب لا يمكن أن تكون إلا بموافقة من النظام في دمشق، مضيفا «بالطبع تركيا أعلنت أنها أبلغت عددا من الدول بالعملية العسكرية قبل انطلاقها».
ـ عشرات القتلى والجرحى ـ
اما على صعيد التفجيرات فقد قتل أكثر من 50 شخصا وأصيب عشرات بـ 6 تفجيرات إرهابية استهدفت مناطق في كل من مدينة حمص والأوتوستراد الدولي بريف طرطوس وطريق الصبورة في ريف دمشق والحسكة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن وسائل إعلام تتبع لتنظيم «داعش» تبنيه سلسلة التفجيرات. وقالت وسائل الإعلام هذه إن مقاتلي «داعش» في سوريا نفذوا تفجيرات انتحارية هزت مدينتي حمص وطرطوس ونقطة تفتيش قرب دمشق وفي محافظة الحسكة التي يسيطر عليها الأكراد.