عندما يقول نائب في تيار المستقبل “قد نلجأ الى تعطيل النصاب إذا شعرنا أن الجلسة ستأتي بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، فهذا أمر كافٍ لكشف نيات هذا الفريق ونظرته الحقيقية الى الشريك المسيحي في الوطن، ولفضح الكذبة التي لطالما إستعملها التيار الأزرق سابقاً، لرفض وصول العماد ميشال عون الى قصر بعبدا. كذبة يمكن تلخيصها بكلمتين. “فليتفق المسيحيون”.
كذبة “فليتفق المسيحيون” التي لطالما رددها رئيس تيار المستقبل، وما إن إتفقوا تنصل منها، لم تكن الوحيدة في سجل هذا الفريق خلال السنوات الأخيرة. كل ما في الأمر أن فريق “المستقبل” الذي خرج من الحرب اللبنانية منتصراً بسبب إتفاق الطائف، يتصرف منذ ذلك الحين على قاعدة، “ما للطائفة السنية في السلطة هو لي وما للمسيحيين هو لهم ولي، وإذا جاء مسيحي للمطالبة بحق ما، يواجه بالرفض وبإستعمال كل ما يمكن من وسائل للإعتراض، حتى لو لم ينسجم هذا الإعتراض مع خطابنا السياسي كما هو حاصل بمسألة نصاب الجلسة وتعطيله”.
في تسمية الوزراء المسيحيين وتوزيع الحقائب، التجارب لا تعد ولا تحصى في السنوات الأخيرة، ولعل أبرزها إعتراض التيار الأزرق على توزير جبران باسيل على إعتبار أنه صهر العماد عون. لكن الأيام والتجارب أثبتت أن الإعتراض لم يكن على الشخص والرابط العائلي بينه وبينه والعماد عون، بل على عدم إعطاء الفريق المسيحي القوي ما يطلبه من حقوق في مجلس النواب والحكومة وقانون إستعادة الجنسية وصولاً الى تعيين أصغر موظف في الدولة.
وفي تعيين قائد الجيش، لم يترك تيار المستقبل صفة حسنة إلا وقالها عن العميد شامل روكز، لكنه في المقابل منع تعيينه، بحجة أنه صهر العماد عون، لكن الحقيقة هي أن فريق الرئيس سعد الحريري لا يريد تعيين قائد للجيش إلا إذا كان شريكاً في القرار على عكس ما يسري ويطبق في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي حيث يكفي أن يسمي “المستقبل” أحد العمداء حتى يصبح الأخير مديراً عاماً، مهما كان حجم الإعتراض ومصدره.
وفيما النقاش ممنوع مع تيار المستقبل حول هوية رئيس الحكومة المقبل، إذ أن المسألة يجب أن تكون محسومة لرئيسه سعد الحريري لا يزال “المستقبل” يرفض ترشح العماد عون الى رئاسة الجمهورية على رغم لقاء معراب الشهير وتبني القوات اللبنانية الترشيح، لأن القاعدة “المستقبلية” تقول دائماً بضرورة البحث عن الأضعف مسيحياً، على اعتبار ان القوي ممنوع من الوصول.
وكي لا يفهم أن الإعتراض المستقبلي هو على مطالب التيار الوطني الحر فقط، لا بد من التذكير برد فعل فريق الرئيس الحريري على تبني حلفيهم رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع إقتراح اللقاء الأرثوذوكسي وكيف جُرمت القوات يومها وأتهمت بأبشع النعوت من قبل هذا الفريق، قبل أن تتخلى عن الإقتراح. كما أن الأرشيف لا يزال حافلاً بردود الفعل “المستقبلية” على مطالبة جعجع الحريري بالمقاعد المسيحية في عكار وبيروت وطرابلس والكورة، وكيف إنفجر الخلاف بينهما وصار صوت النائب فريد مكاري يلعلع ضد القوات وقائدها.
إذاً القضية ليست قضية رفض للتيار الوطني الحر، بل قضية رفض لإعادة حقوق المسيحيين الى أصحابها وإذا كانت التجارب الماضية غير كافية لإثبات ذلك فالمرحلة المقبلة كفيلة بتقديم المزيد من الوقائع التي تؤكد أن الإتهام الموجه لتيار المستقبل في محله.
Tayyar.org