كانت الحماسة تسابقنا للوصول إلى وزارة الزراعة ولقاء الوزير أكرم شهيب على الرغم من المشقة في تجاوز اقفال طرقات وسط العاصمة نهار الخميس الفائت في يوم تظاهرة الحراك الشعبي، وكان أكثر من سؤال يدور في اذهاننا وأكثر من حسرة تخالجنا على بلد وصلت إليه الأحوال إلى هذا المستوى من التدهور الاقتصادي وقبله السياسي.
خفّف حسن الاستقبال الذي اظهره الوزير شهيب كعادته من وطأة هذه المشقة، وأردنا معرفة مصير خطته ومسار تنفيذها والعراقيل والتوقعات، وكانت مناسبة للحديث عن الحوار والحكومة وفشل التسوية في ترقية الضباط، وحيالها، أبدى تجاوباً وشرح التفاصيل، متفائلاً في بعض الأحيان وواقعياً في كثيرها، ولولا الأمل في تنفيذ خطته لكان غادر إلى المنزل.
يعمل الوزير شهيب طيلة الأربع والعشرين ساعة يتصل، يلتقي، يذلل العقبات ويعقد اجتماعات مع المعنيين لتأمين حسن سير خطة النفايات وهو الملف الرقم “واحد” في لبنان. ويتحدث عن تقدّم في هذا العمل ويؤكد أهمية مؤازرة النّاس ولا يريد من السياسيين تحدث لغتين، لم يتعب من المسؤولية، ولم يتراجع عنها ولن يقدم على ذلك، ويقر بأن نسبة كبيرة من قبوله بهذا الملف تعود إلى ان الرئيس تمام سلام طلب منه ذلك.
ولأن “الإبرة” بدأت تأخذ مكاناً لها في الصخر، يشعر بهذا التفاؤل معدلاً على الثقة لتحقيق الإيجابية، وقد يكون مطلع الأسبوع الحالي، موعد انطلاقة الحل بعد تحديد موقع البقاع، وفق ما يعلن. لكنه يخشى من بعض من عادة وظهر على الشاشة واستفاد من الحراك النظيف ليقول: لا تسمحوا بتطبيق الخطة كي يبقى نبض الشارع قوياً.
وهنا الحوار الذي دار معه لصحيفة اللواء قبيل ساعات من انطلاقة التظاهرة.
* أضحت أزمة النفايات أكبر من لبنان، وبالأمس تمّ وضعها كبند أساسي على طاولة الحوار ووفق المعلومات التي تسربت فإن المتحاورين اجمعوا على تأييد خطة الوزير أكرم شهيب، وعلى الرغم من هذا التأييد مضى وقت طويل، وهذه الخطة لم تنفذ بعد، فما هي الأسباب؟ ولماذا نعيش هذه الأزمة؟
– بعد التعاون مع المجتمع المدني والجمعيات البيئية المنخرطة في الحراك في الشارع، وبعد لقاءات واجتماعات عديدة توصلنا إلى البناء على ما هو جيد مما اقتُرح والتأكيد على خطة الحكومة التي ادخل إليها الكثير من التعديلات التي تصب في خانة نجاح الخطة وفعاليتها وتحديداً في موضوعين اساسيين. وهما الفرز من المصدر والمراسيم التطبيقية التي تؤكد نجاح الخطة على المديَيْن المتوسط والبعيد، وبالتالي صحيح ان الخطة قد أقرت، لكن يجب ألاَّ ننسى انها وضعت في مُـدّة 10 أو 12 يوماً ودرسناها مع فريق من الاختصاصيين وأصحاب العلم والمعرفة، وصدرت الخطة من منطلق واحد وهو وجود مكبين، يجب تحويلهما إلى مطامر صحية سواء هناك خطة أو لا نظراً إلى خطورة المكبات وصلاحية المطامر، وفي النهاية إما ان تكون النفايات صناعة منتجة او ازمة مستمرة.
ونحن نحاول من خلال هذا العمل الذي جهزنا له، تحويل مكب سرار إلى مطمر صحي لا سيما ان موقعه يعد من الأساسيين الخمسة من ناحية الضرر البيئي ويدخل إليه يومياً 500 طن من الفوضى والرمي العشوائي منذ سنوات طويلة، ولذلك فإن عملية ترجمة ما هو مكتوب على الورق، ومقرّ في مجلس الوزراء والمعدل مع المجتمع المدني يحتاج إلى فترة، لا سيما ان هناك تحضيرات تتصل بالقرارات التي تتخذ بالتعاون مع مجلس الإنماء والاعمار الذي يعد المكان الصالح للتلزيم، كما انه لا بدّ من تأمين المواقع المقترحة وبالتالي فإن تحويل المكب إلى مطمر يستدعي إنجاز عمليتين فنيتين له بالانشاءات:
العملية الأولى هي البدء بتحويل المكب إلى مطمر وهذا يحتاج إلى تلزيمات وهي بدورها تحتاج إلى وقت كما أن شق الطريق يحتاج إلى وقت، أما العملية الثانية وهي الأهم ونسميها الموقع الذي ستنقل إليه البالات من بيروت إلى عكار أو من بيروت إلى المنطقة الأخرى المقترحة والتي لم نصل إلى نتيجة بشأنها بعد.
وفي الوقت الضاغط، لا بدّ من اتخاذ قرارات استثنائية وهذا أمر يُشكّل عائقاً، اما الشق الآخر الذي يُشكّل عائقاً هو الاعلام الذي نحترم ونقدر والذي في فترة الحراك، لعب دوراً كبيراً في تحريض بعض البيئيين أو غير البيئيين، لقد حرضوا كثيراً على نقل نفايات العاصمة إلى مناطق ثانية، وجميع الكتل دعمت الخطة وكذلك المتحاورون دعموا الخطة، واليوم أصبحنا في موقع متقدّم في سرار، والانشاءات تعمل كما يجب والعمل يسير كما يجب طيلة الأربع والعشرين ساعة، وفي خلال أيام معدودة يصبح في مقدورنا استقبال نفايات المنطقة، أولاً، وهناك 36 مكباً في عكار، وكلها مكبات غير صحية ولا بدّ من الغائها لمصلحة المطمر الصحي، وهناك أيضاً كمية من نفايات عكار التي تبلغ 500 و700 طن يومياً وهذه تحتاج إلى استيعاب، وعلى الدولة ان تقوم بهذا العمل وبذلك نخفف عن البلديات عبئاً كبيراً عنها لأنك تأخذ في المقابل حوالى 1400 و1500 طن بالات يومياً من العاصمة إلى هذا الموقع.
قبل البدء بعملية النقل، لا بدّ من إراحة المواطنين بأنك تنجز مطمراً لهم ويهدف ذلك ايضاً الى مساعدة العاصمة وهي عاصمة الجميع وقدمت الكثير وهي التي نعمل فيها وتضم اداراتنا وبالتالي واجب على الجميع المشاركة بهذا الحل، اما المنطقة الأخرى، فهي لم تقر، لكن هناك تحضيرات قائمة بشأنها، واخترنا أكثر من موقع، لكن للأمانة هناك ضجة سبقت الأمر لسبب بيئي أو غير بيئي وكانت هناك حملة مضادة لكي لا يعتمد هذا الموقع في منطقة البقاع. وإن مطمر الناعمة سيفتح لسبعة أيام بموازاة إرسال 250 طن من المواد العضوية الطازجة يومياً إلى صيدا وبعد فترة الأيام السبعة، يقفل مطمر الناعمة اقفالاً نهائياً ونبدأ بمرحلة ما بعد الاقفال، أما موقع عكار فأصبح جاهزاً وبقي الموقع الأخير الذي انتظر جواباً حوله.
أضاف: كانت طاولة الحوار على تماس إيجابي مع هذا الملف، وأصرّ المتحاورون على حله قبل الوصول الى حلول بملفات أخرى، ومن هذا الواقع، استطيع القول اننا تقدمنا بشكل كبير، فأين كنا وأين أصبحنا، ومن المهم ترجمة هذا التقدم عملياً بالبدء بنقل النفايات واتمنى في بداية الأسبوع ان يكون مسار الحل قد انطلق بشكل طبيعي.
* لكن في كل أسبوع، تطلق الوعود امام اللبنانيين بقرب الحل، كما ان هذه الخطة أصبحت على سباق مع الوقت بفعل قدوم فصل الشتاء، فما هو قولك؟
– نتحدث دائماً عن قرب الحل ولو لم يكن لدي أمل لكنت غادرت إلى المنزل. كما ان الخطة تعرّضت إلى أكثر من هجوم بسبب موقع البقاع، منها ما هو محق ومنها ما هو خارج إطار العقل وغير محق. ولا بدّ من مراعاة شعور النّاس، هذه الخطة لا تنفذ بالقوة إنما بالاقناع لأنها تحتاج إلى حمايتهم، وهدفها . فإن الثقة كانت معدومة للأسف لكنها دخلت إلى مرحلة بحيث أصبح في الإمكان البناء على كلامنا بشكل إيجابي.
لكن لا تزال هناك نقطتان عالقتان، فالمواطنون يرفضون فتح مكب الناعمة حتى لو لساعات، اما مشكلة البقاع، فهناك من يطالب بمطمرين وليس بمطمر واحد وخلفيات هذه الأمور سياسية، فماذا تقول؟
في الناعمة، كان المعترضون ثلاثة، القوى السياسية وتحديداً وليد بك جنبلاط والأمير طلال أرسلان، ولقد اعترضنا على فتحه لأننا وعدنا النّاس بأن المهلة تنتهي في 17/7 وهذا ما كان عليه قرار مجلس الوزراء، اذاً هناك أمر حكومي يتصل بالتوقيت، وامر سياسي يتصل بزعماء ونواب المنطقة الذين وعدوا بإقفاله في 17/7 وهناك البلديات والناشطون، امام الحل الوطني العام والشراكة الوطنية بعد الأزمة التي قامت، فإن التيارات السياسية في المنطقة وافقت على المهلة التي اقترحها أي سبعة أيام والبلديات واتحاد البلديات وافقوا على هذه المهلة أيضاً، والمقصود بذلك جميع البلديات المعنية بهذا المطمر، كان هناك أكثر من مؤتمر صحافي لهم وصرح المعنيون بالأمر، اما الجمعيات البيئية التي وافقت على هذه المهلة فوافقت بمعنى آخر على الخطة، يبقى بعض الحراك في الناعمة والذي نحترم وهم بالعدد قلة، لكن لا بدّ من التحاور معهم ونحن نقوم بهذا الأمر.
واعتقد ان ما من مشكلة في ما خص فتح مطمر الناعمة لمدة سبعة أيام شرط ان تكون هذه المهلة فحسب، وهذا وعد نهائي من قيادات المنطقة وبلدياتها ومن الدولة ورئيس الحكومة والجميع، ولا بدّ من منح هذه المنطقة حقوقها التي لم تحصل عليها سواء في الكهرباء أو العائدات. وضمن الحل الشامل والشراكة الكاملة، لا مشكلة في الناعمة، اما في ما خص سرار، فأتمنى ألاَّ تقوم مشكلة حوله أيضاً وهو يسلك طريقه وقد عقد وزير الداخلية اجتماعات مع اتحاد البلديات والمخاتير لهذه الغاية، اما في البقاع، فليس مطلوباً إقامة مطمرين إنما مطمر واحد، ونحن نتحدث مع القيادات السياسية للمنطقة لتحديد الموقع بشكل نهائي.
* هل هناك من إمكانية للوصول إلى حل؟
– بمجرد ان يبدأ العمل بموقع البقاع الجديد، يُباشر بتنفيذ الخطة.
* ذُكرت مهلة الأيام السبعة في الناعمة منذ أن بدأ الحديث عن الخطة، لكن الوقت يمر؟
– لا زلنا عند هذا الكلام، يعتقدون ان جميع الكميات ستتجه إلى الناعمة والحقيقة هي عكس ذلك، كل ما طُمر لن يمس، ولا يمكن رفع ما هو مطمور ولن نرفعه، وما هو منتشر على الطرقات وفي بعض القرى، في الإمكان نقله إلى الناعمة ويتراوح بين 50 و70 ألف طن، حتى وإن كان أكثر فسننقله إلى الناعمة لمدة 7 أيام فقط، وعندها نكون قد افرغنا المخازن التي تضم البالات التي بالإمكان إرسالها إلى المواقع الجديدة.
* هل أنت مطمئن أو واثق بالوعود السياسية؟ وهل تعتقد انها جدية أم انك لا تزال تتوقع بعض العرقلة؟
– لا يجوز للسياسيين ان يتحدثوا لغتين، لغة امامكم والمسؤولية الوطنية ولغة مع ناس وأن الانتخابات غداً، الانتخابات لن تحصل غداً، فلينتظروا قليلا. واخشى من بعض من عاد وظهر على الشاشة مجدداً خارج إطار الحراك محاولا نفض الغبار وتلميع صورته مستفيداً من هذا الحراك النظيف ليقول ما يريد، وهؤلاء الذين مضى عليهم الزمن، عادوا ليقولوا لا تأخذوا النفايات من الشارع ولا تسمحوا بتطبيق الخطة. هناك من يقاتل حتى تنجح هذه الخطة، ونحن نقاتل لنجاحها من أجل سلامة النّاس ومجتمعنا وسمعة بلدنا، لقد اضحى هذا الملف على درج كل منزل، ولا يجوز ذلك.
* نحن نعرف ان الحزب التقدمي الاشتراكي في طليعة من خاض معارك على مدى 50 عاماً لمصلحة الشعب، ولكن كأن موقفك اليوم متمايز؟
– هو من هذا الباب والا لما قبلت هذا الملف، وكان في امكاني ان اعتذر عن المهمة التي اوكلني بها رئيس الحكومة بفعل أعمال وزارتي، وهنا، اشكر دولته على هذه الثقة وهناك تنسيق تام وشبه يومي بيني وبينه، لكن مسؤوليتي الوطنية والسياسية حتّمت عليّ القبول، وفي النهاية انا مواطن وحق علينا كدولة امام النّاس في ان نعالج هذا الملف وربما موقعي في الحزب يتيح لي ان اتحدث مع جميع النّاس. واتينا كوزراء للعمل، مع احترامي لزملائي الوزراء وحملّني هذا الملف المسؤولية ومن موقعي انا جاهز لتحمل ذلك.
* لكن من المفترض دعم هذا الحراك الشعبي؟
– نحن ندعم هذا الحراك، قلت انه في بداياته، هو حراك مهم جداً ونحترمه ولا زلنا نحترمه ، لكن هناك بعض الرموز السياسية التي اطلت برؤوسها لقطف تعب هذا الحراك ونضاله وأحلام شبابه، وبعض الحراك تحول مع الأسف الى أداة والى ممارسات لا نريدها له ولا يريدها المخلصون في هذه الحركة واقول ان الحراك هو من أجل النّاس.
* هل تؤيد المؤازرة الأمنية لتطبيق هذه الخطة؟
– هذه الخطة تحتاج إلى مؤزارة واحدة وهي مؤزارة الناس وقبولهم، وهذا ما اسعى إليه، اما موضوع المؤزارة الأمنية فهي ليست قراري كرئيس لجنة فنية تعمل على خطة وضعت وتم التوافق عليها، واعمل على تنفيذها، انا مع مؤازرة النّاس والبلديات لأنها لصالحهما.
* ما هي المهلة الزمنية التي تضعها لبدء تنفيذ هذه الخطة؟
– برأيي الشخصي وبعد الاتصالات واللقاءات والعمل الدؤوب، اعتقد انه في مطلع الأسبوع الحالي، سيبدأ مسار تنفيذ الخطة إذا ما أعطيت موقعاً آخر في منطقة جديدة حتى يتم النقل ضمن نطاق عمل سوكلين أي 3000 طن يعني 1500 إلى عكار و1500 إلى المنطقة الجديدة.
* هل حددت المنطقة الجديدة؟ وهل هي في البقاع؟
– نعم، هي في البقاع.
* هل هناك مطمر واحد أم أكثر في البقاع؟
– نعم، مطمر واحد، هناك مطمر في زحلة، وهناك مركز معالجة في بعلبك ومكبات، نحن نريد تحويل المكبات إلى مطمر واحد.
* ألم يكن هناك بالإمكان البدء من مكان معين والفصل بين عمل المكبات الأخرى؟
– هي عملية تكاملية، كلنا ننتج نفايات، هي عملية تكاملية بين جميع المواقع.
* ألا يساهم ذلك في التخفيف من النفايات؟
– لا يمكننا ذلك، ماذا سأفعل إذا توقفت الخطة؟ هي خطة تكاملية وإما ان تنجح بكل مراحلها أو لا تنجح والتكامل هو بالشراكة والشراكة تعني ان على الجميع ان يشاركوا.
* هل ستنفذ قبل فصل الشتاء؟
– آمل ذلك. لم أترك وسيلة في اتصالات محلية أو غير محلية حتى إذا تعذر الأمر – لا سمح الله – تكون هناك بدائل وما زلت أعمل وعلى جميع المسارات.
* حُكي عن نقل النفايات إلى خارج لبنان؟
– موضوع المسارات معقّد أكثر من غيره لأن هناك اتفاقيات تحكم هذه المسارات، أعمل عليه كورقة أخيرة نهائية والأمر مكلف مادياً على الدولة، ولذلك أسعى إلى حل مشاكلنا بأنفسنا.
* هل تقول أن ما من خطة “ب” في هذا الموضوع؟
– لم أكن مرّة مع خطة واحدة وهناك خطة “ب” وغيرها، وأعمل على جميع المسارات.
* في الجلسة الأخيرة لهيئة الحوار، صرّح النائب وليد جنبلاط بشكل لافت وقال أنه لا بدّ من البحث عن رئاسة الجمهورية في الصين وأن لا حل لهذه الأزمة إلا بسلة واحدة، هل هذا يعني أن وليد بك وصل إلى مرحلة اليأس من الحوار وموضوع حل رئاسة الجمهورية؟
وليد بك من الأوائل الذين دعوا إلى الحوار ولم يقفل باباً وسعى بمبادرات منه وبتلبية المبادرات التي طُرحت عليه، لكن هل وصلنا إلى نتيجة؟ للأسف لا، والتسوية التي حاولنا فيها مؤخراً في موضوع الضباط لم تنجح، وبالتالي تعثّرت الأمور، ونجحت طاولة الحوار في أن تخصص جلسة لحل مشكلة النفايات، إذا كان ممكنا عقد الجلسة، وما عدا ذلك أرى أن الأمور تعثّرت ولا أرى أن هناك حلاً قريباً لمجلس الوزراء إلا في موضوع النفايات، والآمال معلّقة على أن نلتقي في مجلس النواب على دراسة أمور تعني النّاس وتتطلّب إنعقاد المجلس النيابي، هناك قروض وهبات ومشاريع قوانين والأولوية لما سُمّي بـ”تشريع الضرورة” وكل ذلك يجب أن يسير.
حرام أن يكون هذا البلد معطّلاً في ظل ما يجري حولنا من محرقة كبيرة في العالم العربي وتحديداً في الموضوع السوري، ومن الخطأ جداً ألا نعالج مشاكلنا الداخلية، إذا لم نستطع معالجة مشاكلنا الكبيرة، وإن لم يكن في مقدورنا أن ننتخب رئيساً، ومعروف أنه لطالما كان هناك تدخّل خارجي بالرئاسة، فلا بدّ أن ينعقد مجلس الوزراء وأن تُسيّر أمور مجلس النواب وتأمين مصالح النّاس التي تزداد صرختها يوماً بعد يوم في الشارع.
وتمنى أن ينعقد مجلس الوزراء وأن يتم تفعيل مجلس النواب والإتفاق على ذلك لأن ما من خيار آخر، وبقي هذا الموقع، أي مجلس الوزراء وليس في الافق طائف جديد او دوحة جديدة.
* ولكن الأجواء لا توحي أن هناك استعداداً لتفعيل مجلس الوزراء.
– صحيح، لأن هناك فريقاً لبنانياً يربط موضوع اجتماع مجلس الوزراء بآلية معينة وبحقوق يعتبرها «حق» له وبالتالي نحن وافقناه وكنا مع تسوية الضباط ولكن الخلافات السياسية أثّرت على هذا الحل فتعطل.
* ما هي النقطة المركزية التي أفشلت المسعى الذي قام به النائب وليد جنبلاط مع الرئيس برّي؟
– أْعتقد أن الموضوع يتعلق بموضوع الرئاسة بشكل أو بآخر وبما يجري في المنطقة . هذا هو رأيي الشخصي.
* هل هناك من إستقالة للحكومة؟
– علّمنا الرئيس سلام الصبر والحكمة وسعة الصدر والتفاؤل، وقد كانت ساعة جيدة أنه كان على رأس الحكومة في هذه الفترة بالذات وإلا لما كانت هناك مؤسسات في البلاد، تعود نسبة من قبولي بهذا الملف إلى أنه طلب ذلك مني، لا يمكننا إيفاء هذا الرجل حقّه وما يتحمّله لا يمكن لأحد تحمّله، أقول ذلك بضميري.
* هناك إمكانية لعقد مجلس الوزراء بغياب الوزراء المقاطعين. بمعنى آخر هناك نصاب قانوني متوفّر.. فماذا تقول؟
– نحن في مشكلة ويجب ألا نذهب إلى مشكلة أكبر. وضع البلد حسّاس ودقيق. الحكومة تكوّنت بميزان الصيدلي ومن ساهم بتكوينها كان يُدرك تماماً أننا سنصل إلى هذه المرحلة. لذلك من الضروري المحافظة على السلم الأهلي أولاً وأخيراً، إذا لم نستطع أن نفعّل مجلس الوزراء أو مجلس النواب، فلنحافظ على السلم الأهلي بالحدّ الأدنى.
* لكن يُقال أن الرئيس سلام يعيش أجواء الإستقالة إذا لم تُنتج هذه الحكومة وتنعقد جلسة لمجلس الوزراء، فهل أنتم كفريق سياسي مع إستقالته أم مع صموده وعقد جلسات لمجلس الوزراء بحضور الأكثرية؟
– في النهاية، هذا قراره الذي نحترمه، ولو كان قراره الشخصي لغادر منذ زمن، لكن مسؤوليته الوطنية تحتّم عليه تحمّل كل شيء من أجل البلد، وهو يتحمّل، وقد قال ذلك أكثر من مرّة.
* لماذا لا ينعقد مجلس الوزراء بحضور الأكثرية وفقاً لما نصّ عليه الدستور؟
– الحفاظ على هذا “الستاتيكو” أفضل من الذهاب إلى تشنّج أكبر في هذا البلد، هذا هو رأيي، وقد يؤدي ذلك إلى تشنّج أكبر على كل المستويات.
* لكن هذه المرحلة قد تطول..
– آمل ألا تطول. نعم، أتمنى ألا تستمر لأن البلد لا يتحمّل أكثر لا إقتصادياً ولا إجتماعياً ولا أمنياً.
* لكن يُقال أن عدم الدعوة إلى مجلس الوزراء سببها التخوّف من تهديدات العماد عون بالنزول إلى الشارع؟
– لذلك حاولنا جاهدين أن نحلّ مسألة الضباط بشكل يُرضي التيار الوطني الحر وحلفاءه وبنفس الوقت يحافظ على المؤسسة العسكرية وقيادتها، إنما لم ننجح، لكن لا بدّ من إنعقاد هذا المجلس وتفعيل مجلس النواب، إذا لم نتمكن من إنتخاب رئيس الجمهورية، هذا الستاتيكو الحالي أفضل من أن نذهب إلى عنف أكثر سياسي أو إعلامي في البلاد، فلنحافظ على الوضع والاستمرار في السعي إلى تفعيل مجلس الوزراء.
* كتلة المستقبل أيّدت هذه التسوية، فما أدى إلى إفشالها؟
– لا معلومات لديّ، للأسف لم أتابع الموضوع من قرب، وهناك ملفات أتابعها في هذا الظرف، ومن يتابع هذا الملف يملك الجواب، أنا لا أملك الجواب.
* كان هناك خوف من حصول تنازل دائم، هل هذا صحيح؟
– التنازل لصالح الأمن والبلد والوطن والاستقرار الأمني لا يعدّ تنازلاً إنما معطى إيجابي لصالح الوطن، هذا رأيي. التنازل بأي معنى، هل يعني تقديم تسوية على موضوع الضباط أو أن تكون هناك تسوية على مجلس الوزراء؟ وهنا أتحدث عن الفريقين، هذا ليس بتنازل إنما واجب على الجميع من أجل تسيير المرافق العامة في البلاد وتفعيل المؤسسات، لا يجوز في ظل ما يجري في سوريا التي انتهت من حرب ميليشياوية إلى حرب دول كبرى، أن نكون على خلاف من أجل ترقية هذا الضابط أو لا أو رفع النفايات أو لا أو إنعقاد مجلس الوزراء أو لا، لا يجوز ذلك، هناك حريق كبير حولنا وشظاياه ستطاولنا بشكل أكبر. وبعدما أعلن بطريرك روسيا للروم الأرثوذكس أن هذه الحرب مقدّسة، أعتقد أن ردّات الفعل ستكون أيضاً مقدّسة، وهذا خطير جداً على الأقليات وبالتحديد على مسيحيي الشرق الذين يعدّون سمة وجود هذا العالم العربي ومن أساسيات هذا الوجود وحضارته ونهضته المستقبلية، وثقافته.
* في ظل استمرار هذه “الكربجة الداخلية”، والحريق الذي تتحدث عنه، ألا تخشى من أن يمتد هذا الحريق إلى لبنان؟
– هذا ما نخشاه، لذلك سعينا إلى حوار دائم وتقريب وجهات نظر، بهدف منع وصول هذا الحريق إلى البلد. ما من فريق سياسي في البلاد يتمنى أن يُصاب لبنان بشظايا هذا الحريق. صحيح أن هناك خلافات في السياسة، ولكن ما من أحد يريد ترجمة ما يجري بشكل أوسع، ولا أعتقد أن أي فريق من الأفرقاء السياسيين يسعى إلى حصول عنف في البلد.
“اللواء”