فوق خطوط التوتر العالي التي فجرت الاشتباك المكهرب في لجنة الطاقة والاشغال النيابية، تحولت المهمة العاجلة لحوار عين التينة، الذي انعقد مساء أمس، الى استنقاذ حوار مجلس النواب في ثلاثية جلساته التي تنطلق اليوم وتستمر حتى الخميس مبدئيا ما لم يطرأ ما يقطع برنامجها المحدد سلفاً. وكشفت مصادر في الحوار النيابي من فريق 14 آذار لـ”النهار” ليلاً أنها تعتبر الجلسة اليوم حاسمة لجهة المضي في البحث في البند الأول من جدول الاعمال ألا وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فإذا ذهبت المناقشات في اتجاه تحديد مواصفات الرئيس المقبل، فسيسير الحوار في المسار المقرر في الجدول الذي وضعه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإلا فإن فريق 14 آذار لن يقبل الانتقال الى أي بند آخر. ولفتت المصادر الى ان بند الرئاسة إذا ما مضى في الاتجاه المطلوب فسيفتح الباب أمام تطبيق باقي البنود المتعلقة بعمل الحكومة ومجلس النواب ووضع قانون جديد للانتخاب. واعتبرت أن تلكؤ الفريق الآخر في الذهاب جدياً الى البند الرئاسي يعني الاصرار منه على مخالفة الدستور. ويشار في هذا السياق الى أن الملف الرئاسي اللبناني لا يزال يتفاعل دوليا منذ زيارة رئيس الوزراء تمّام سلام لنيويورك واجتماع مجموعة الدعم الدولية الاسبوع الماضي. وأفاد مراسل “النهار” في نيويورك ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون شدّد في اجتماع عقده مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أمس في نيويورك على ضرورة انتخاب رئيس جمهورية للبنان “بأسرع ما يمكن”. وجاء في بيان أصدره الناطق بإسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن الأمين العام ووزير الخارجية الايراني “ناقشا مواضيع عدة”، وشدد الامين العام على “الحاجة الى ملء الفراغ الرئاسي في لبنان بأسرع ما يمكن”.الاشتباك “الكهربائي” أما انفجار الاشتباك “الكهربائي” بين نواب من “تكتل التغيير والاصلاح ” و”تيار المستقبل” في اجتماع لجنة الطاقة والاشغال بأعنف نبراته و”مفرداته”، فأثار الكثير من الريبة في الالتباسات التي واكبته والتي غلبت عليها انطباعات مؤداها ان الاشتباك كان مفتعلا بقصد مزدوج: الأول تطيير جلسة كان مقيضاً لها ان تتوغل في التفاصيل والجزئيات المالية التي من شأنها تعرية ملف الكهرباء وقت لا تسمح الظروف المحتدمة بتحمل حرب اتهامات متبادلة لن توفر معظم الافرقاء ولو حصرت ظاهراً ببضعة افرقاء في شأن الكارثة الفضائحية للكهرباء. والثاني تحوير وجهة الصراع من مواجهة بين نواب “التكتل” ووزير المال علي حسن خليل على خلفية التداعيات التي فجرتها الجلسة السابقة للجنة بينهما الى انفجار “بديل” بين “التكتل” ونواب “المستقبل” لئلا ينفجر الحوار النيابي في ثلاثيته المقررة من اليوم ويطاح كلاً في حال مقاطعة رئيس “التكتل” النائب العماد ميشال عون جلسات الحوار. ولا يمكن في أي حال تجاهل “المشهدية” التي انفجرت تحت الرصد المباشر للكاميرات التلفزيونية كأنه اريد تعميم وقائع الاشتباك عند الاحتكاك الاول حيث اندلع الشجار بين نواب من “التكتل” ورئيس اللجنة النائب محمد قباني مقروناً بتصاعد نبرة الاتهامات من العيارات المختلفة، ثم بلغ ذروته مع العراك بين النائبين زياد اسود وجمال الجراح عقب “هجوم” الاول على الثاني وتحول الاجتماع مسرحا ًللهرج والمرج قبل انفراطه. وفي رأي نواب “المستقبل” أن الاشتباك كان مقصودا لتطيير الجلسة وتجنب المواجهة مع وزارة المال (وعبرها مع الرئيس بري) وديوان المحاسبة، فيما اعتبر نواب “التكتل” ان الفريق الاخر هو من طيّرها تجنبا لملف كامل اعده “التكتل” رداً على اتهامات رئيس اللجنة وما سيق في الجلسة السابقة من اتهامات طاولت “التكتل” ووزراءه. ولكن بدا واضحاً ان الجلسة كانت تكتسب أهمية لجهة حضور رئيس ديوان المحاسبة القاضي احمد حمدان والذي كان من المرجح ان يبدي رأيه في التعديلات التي اضافتها وزارة الطاقة الى العقد المتعلق بتلزيم معمل دير عمار والتي قررت انها غير اساسية.
الحوار وعلمت “النهار” انه حتى ساعة متقدمة من ليل أمس لم يكن ثمة قرار من الرابية بمقاطعة الحوار اليوم، وسيشارك العماد عون فيه شخصياً. وقال مصدر في “التيار الوطني الحر” ان سبب المشاركة يكمن في ان الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط ات يزالان يقومان بمساع لحل عقدة الترقيات العسكرية في مقابل تفعيل عمل الحكومة ومجلس النواب. لكن العقدة الاساسية تكمن في آلية عمل الحكومة وتحديداً في اتخاذ القرار بالأكثرية في ظل غياب او رفض مكونين في الحكومة أي قرار، وهذا ما يرفضه العماد عون وهو المطالب بالعودة الى الاتفاق المرن في اتخاذ القرارات، علماً ان لا ارتباط بالنسبة الى الرابية بين آلية عمل الحكومة والترقيات العسكرية. كذلك علمت “النهار” أن رئيس الوزراء تمّام سلام سيطرح اليوم في جلسة الحوار سؤالاً: هل تريدون أن تبقى الحكومة؟ فإذا كان الجواب إيجاباً فسيدعو المتحاورين الى ترجمة ذلك بالتوافق على تمكين الحكومة من الانتاج. ونقل زوار رئيس الوزراء عنه قوله امس انه استعان بصبره فأرجأ دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد الى حين انبلاج نتائج الحوار النيابي، وإذا لم تكن النتائج بعد ثلاثة أيام كما هو مأمول منها فهو لن يقف مكتوفاً. أما في ما يتعلق بالترقيات العسكرية، فلا يزال الموضوع في دائرة التعقيد. وقالت مصادر وزارية لـ”النهار” في هذا الصدد إن أي خطوة ناقصة ستؤدي الى زعزعة الوضع الحكومي وخصوصاً في ضوء معلومات تتحدث عن اعتبار “اللقاء التشاوري” الذي يضم ثمانية نواب يضم فقط مكوناً أساسياً واحداً لا يشكّل عقبة تحول دون إقرار تسوية الترقيات المطروحة على بساط البحث. وهذا المكوّن هو وزراء حزب الكتائب الثلاثة إنطلاقاً من الواقع النيابي للحزب. أما وزراء الرئيس ميشال سليمان الثلاثة فهم لا يشكلون مكوّناً لعدم صلتهم بالتمثيل النيابي. كما اعتبر الوزيران بطرس حرب وميشال فرعون لا يشكلان مكوّنا أيضاً لكونهما يمثلان شخصيهما فقط. وقد ردت أوساط “اللقاء” على هذا التقويم بالقول إن الرئيس سليمان هو من الموقعين الاساسيين لتشكيل الحكومة كما أن الوزيرين حرب وفرعون هما من أعضاء الحوار النيابي الجاري حالياً، وتالياً فإن أي تجاهل لهذيّن الفريقين ستكون له عواقب مزعجة.
الجلسة الـ 19 أما جلسة الحوار الـ 19 التي انعقدت ليل أمس في عين التينة بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”، فخلصت بعد نحو ساعتين ونصف ساعة من انعقادها الى البيان الآتي: “بحث المجتمعون في الازمة السياسية وجرى تأكيد أهمية الحوار الوطني وتأثيره الايجابي على الوضع، وكذلك التشديد على ايجاد المخارج المناسبة لاعادة العمل في المؤسسات الدستورية وتفعيلها في أسرع وقت”.