أكدت مصادر مسيحية أن المعركة على رئاسة “التيار
الوطني الحر” محصورة بين الوزير جبران باسيل المدعوم من بعض رجال الأعمال والراغبين في الترشح للنيابة و”المستوزرين”, وبين النائب آلان عون ابن شقيقة ميشال عون المدعوم من شقيق الأخير نعيم عون ومجموعة قوية من النواب الحاليين ومسؤولي المناطق والكوادر والشباب.
ورغم أن بعض الاستطلاعات المدعومة بمؤشرات داخلية تؤكد أنه أكثر شعبية من باسيل, لم تستبعد المصادر أن يقدم آلان عون على الانسحاب من المعركة نتيجة إصرار عون على فوز باسيل بالرئاسة في أول انتخابات “ديمقراطية” للتيار, بحيث يصبح الأخير مرشحاً وحيداً أو يتم تقديم مرشح “صوري” في مقابله, منعاً للتزكية التي تنزع صفة الديمقراطية, ولو كانت شكلية, عن الانتخابات.
وتؤكد جميع المعطيات أن ميشال عون في مأزق حقيقي, فهو يريد إيصال باسيل للرئاسة, لكنه يأمل في الوقت عينه المحافظة على تماسك تياره والحؤول دون تفككه, وهو ما حذرت منه المصادر المسيحية المطلعة, موضحة أن “التيار العوني” نشأ وتطور تحت زعامة عون بما يمثله من رمزية لمؤيديه, لكنه الآن بات على مفترق طرق, فإما أن يتحول مع رئيسه الجديد إلى حزب سياسي فعلي وإما أن يصبح حزباً ضعيفاً تتنازعه المصالح والصفقات.
واعتبرت أن عون يغامر بمستقبل تياره من خلال إصراره على فوز باسيل بالرئاسة, رغم أن الأخير لا يحظى بشعبية داخلية واسعة (كما أنه لا يحظى بشعبية وطنية وهو ما أدى إلى خسارته في الانتخابات النيابية مرتين في البترون شمال لبنان) ويؤخذ عليه ابتعاده عن القاعدة العونية وتخليه عن رفاقه الذين ناضلوا معه لسنوات طويلة, إبان الاحتلال السوري, كما أنه يحيط نفسه بمجموعة من رجال الأعمال الذين يسعون إلى السلطة عبر الدخول إلى مجلس النواب على أن يتحولون لاحقاً إلى “مشاريع وزراء”.
في المقابل, يتمتع النائب آلان عون بشعبية كبيرة داخل التيار, ويحظى بدعم مجموعة تتكون من نواب حاليين وكوادر شبابية, معروفة بعملها الميداني الدؤوب وقربها من القاعدة الشعبية.
وبحسب المصادر, فإن إدراك ميشال عون أن ابن شقيقته أقوى من صهره هو الذي دفعه إلى المجاهرة بدعم الثاني وتدخله المباشر في الانتخابات, مع ما لذلك من تبعات ستترك تداعيات خطيرة على التيار على المديين القصير والمتوسط.
ورغم أن عون يزكي باسيل ما يجعل المعركة محسومة, إلا أن المصادر أوضحت أنه يمكن تقسيم التيار حالياً إلى ثلاث مجموعات: الأولى مؤيدة لباسيل وهي الأضعف, والثاني مؤيدة لمنافسه آلان عون وهي أقوى من الأولى نظرياً, والثالثة وهي الأهم تتكون من المترددين.
وعن الفئة الثالثة, قالت المصادر انها تتكون من العونيين الذين يعارضون باسيل باعتباره بات بدعم عمه “وزيراً دائماً” ومهيمناً على ملفات أساسية, سيما المتعلقة منها بالسلطة وشؤونها, لكن قسماً كبيراً منهم, خاصة النواب, يخشى على مستقبله السياسي في حال المجاهرة بمعارضة باسيل والمغامرة بتأييد خصمه.
ويحاول بعض هؤلاء تدوير الزوايا مع باسيل والتقرب منه, في حين أن بعض النواب ما زال يدرس موقفه بدقة على اعتبار أن معارضة باسيل قد تؤدي إلى تحويلهم لنواب سابقين بعد أي انتخابات نيابية.
وأوضحت المصادر أن هذه الخلافات تعرقل الوصول إلى هدف عون بتحويل تياره إلى حزب سياسي مستقر, على غرار حزب “القوات اللبنانية” المنافس الأول على الساحة المسيحية, مشيرة إلى أن “التيار العوني” يمر بمرحلة مصيرية على اعتبار أن أي اضطرابات في صفوفه ستؤدي بالتأكيد إلى تراجع شعبيته وانقسامه على نفسه, وتالياً تراجع عدد نوابه في الانتخابات النيابية المقبلة بدلاً من زيادتهم, كما يسعى عون من خلال الإصرار على إقرار قانون للانتخابات يؤمن التمثيل الفعلي والمناصفة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين.
وخلصت المصادر إلى أن الأمر محسوم برئاسة التيار لباسيل, وهو قرار أبلغه عون للمقربين منه, لكن “الصهر المدلل” يريد تحقيق فوز “كاسح” وتسجيل نسبة مرتفعة من الأصوات في الانتخابات المقررة في ٢٠ سبتمبر المقبل, ليدخل بذلك نادي “التوريث السياسي” من بابه الواسع, على غرار غالبية أبناء وأقارب الزعماء اللبنانيين.
“السياسة الكويتية”