أكد الرئيس سعد الحريري أنّ “حماية لبنان من الفتنة تتقدّم على أيّ موضوع”، وقال إنّ “قناعتنا ما تزال هي”، متوقفاً عند “أربعة عناوين رئيسية، أوّلها: موضوع رئاسة الجمهوية، لأنّنا لم نغلق الباب أمام أحد، بناء على قناعتنا بالتوافق الوطني بغض النظر عن الأسماء، لكن هذه القاعدة اصطدمت في الاتجاهين، وصولاً إلى ما سمعناه مؤخراً بأنّ هذا الحق الحصري محصور بشخص واحد”.وأعلن الحريري في كلمة ألقاها عبر الشاشة خلال الإفطار السنوي الذي أقامه “تيار المستقبل” في بيروت وعدد من المناطق أنّ “الأبواب ليست مغلقة في وجه أيّ مخرج واقعي ولا فيتو على أيّ إسم، ولكن تحت سقف الوفاق”، معتبرا أنّ “الرهان على تغيير في سوريا لن يصنع رئيساً ولا مثلها في الرهان على المفاوضات النووية”، طالباً من الجميع “الهدوء والتوقف عن سياسات التعبئة وإعطاء البلد لحظة لالتقاط الأنفاس”.
وأضاف: “قبل أكثر من سنتين قلنا لحزب الله إنّ التورط في المسألة السورية لن ينقذ بشار الأسد، فردّوا بأنّ النظام لن يسقط، وهذا أمر صحيح، ولكن النظام يقف فوق صفيح من الدم والاهتراء، وإنّ الشباب اللبنانيين الذين تمّت التضحية بأرواحهم لن ولم يحققوا حماية بشار الأسد”، وأشار إلى أنّ “سوريا تحترق أمام عيوننا، وهذا يعني أنّ الخطر على أبوابنا، وأنّ صب الزيت هناك، هو جريمة بحق الشعبين في لبنان وسوريا”، مؤكداً أنّ “الذهاب الى الحرب السورية لن يحمي لبنان”.
وأوضح الحريري أنّ “الدعوة إلى الحوار التي سمعناها بالأمس كانت مزحة”، معلنا أنّ “المجال الوحيد المتاح أمامنا هو إقامة سد أمام النيران المحيطة بنا، وهذا السد هو الإجماع الوطني، وتحديد الإطار الكامل لمكافحة الإرهاب، وحماية البلدات البقاعية ومعالجة النزوح السوري بما تطلبه العلاقة الأخوية”، متهماً “حزب الله” بأنّه “لا يسمع هذا الكلام”.
وكشف أنّه “ليس في موقع الرفض المطلق للحرب الاستباقية للإرهاب”، مميزاً “بين تخطيط لبنان لهذه المهمة، وبين أن تتفرّد مجموعة لبنانية مسلّحة بإعلانها الحرب الاستباقية خارج الحدود، وضمن مجموعة ذات وجه مذهبي، تبدأ في دمشق مروراً بقاسم سليماني، وصولاً إلى صنعاء وعدن”.
وردّ الحريري على الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله من دون أن يسميه، فقال: “إنّ عاصفة الحزم ما تزال شوكة في زلعوم الإيراني في المنطقة، كما أنّ الطريق الى فلسطين لا يمر من الزبداني ودمشق”.
ورأى أنّ “الجيش يقوم بدوره، وما التجارب في طرابلس وعرسال إلا دليل على ذلك”، نافيا “وجود بيئات حاضنة للإرهاب”،”.
واستغرب “وجود نظريات تدعو إلى قيام كيانات على صورة حزب الله في لبنان، في موازاة الجيش اللبناني، كما الحشد الشعبي في العراق، والجيش الشعبي في سوريا، وأنصار الله في اليمن”، معتبراً أنّ “هذه التشكيلات هي على نموذج الحرس الثوري في إيران”، واصفاً ذلك بأنّه “لإحالة الجيوش على التقاعد، واستبدال رايات الاجماع الوطني ضد الإرهاب، برايات الفتنة والحروب المذهبية”.
وإذ أكد أنّ “هذه الخطة، لغة لإبقاء الفتنة في صفوف المسلمين”، دعا الجميع إلى رفضها.
وتطرق الحريري إلى اتفاق الطائف، فقال: “إنه يظلم عندما يجري الحديث عن إلغاء الطائفية السياسية، ويظلم عند الحديث عن الانتخابات النيابية، وعند الحديث عن اللامركزية، لكنّ الظلم الأكبر على اتفاق الطائف عندما نتحدث عن حصرية السلاح بيد الشرعية وحل جميع المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية”.
وأضاف: “سمعنا قبل فترة عن المثالثة بديلاً من المناصفة، وأيضا المطالبة بعقد تأسيسي يطوي مرحلة الطائف”، لافتاً إلى “سحب هذه الاقتراحات من التداول، لكن اليوم نسمع كلاما عن الفيدرالية منطلقا من الأكثرية في المنطقة”، مشيرا إلى أنّ “أمامنا خيار واحد لا ثالث له، وهو التضامن خلف المؤسسات الدستورية واتفاق الطائف”.
وأثنى على “الرئيس تمام سلام لحمايته الركن الأخير في السلطة التنفيذية، بعدم وقوعها في الفراغ، وسعي الرئيس نبيه بري في العمل التشريعي، وأولها انتخاب رئيس الجمهورية”، لافتاً الى “محاولات البعض بتحويل الحوار الى متاريس طائفية”، معلنا “عدم وجود تيار المستقبل في هذه المحاولات”، متطرقاً الى “التعاون مع التيار الوطني الحر في الحكومة، ولكن حصل خلاف في التعينات الآنية، إنما هو داخل الحكومة، ونحن لا نشكل أكثرية فيها، ولكن وفجأة ظهرت آراء تحكي عن حقوق مهدورة”.
وأكد مجددا “رفضه الوقوف في مواجهات طائفية ضد أحد”، محملا “حزب الله” “مسؤولية تيار المستقبل بالخلاف مع التيار الوطني الحر”.
واعتبر أن “تيار المستقبل أمانة رفيق الحريري في الحياة اللبنانية”. وقال: “قتلوا رئيسنا ورمز كرامتنا، فكانت ثورة الأرز، فتحقق خروج الجيش السوري، وزرعوا العبوات لمفكرينا، لكن واجهنا الموت وبقينا أمناء على المسيرة، واجتاحوا بيروت بسرايا الفلتان الأمني، وبقي التيار عاصيا على الالغاء، وتحاملوا على طرابلس وأغرقوها بمسلسل من الفوضى، لكنها استمرت مدينة الوفاء لرفيق الحريري وقاعدة العبور الى الدولة، ورصدوا الأموال الطائلة وكل أشكال الترهيب لإسقاط عرسال في بحر متلاطم من الاتهامات واستفزاز صيدا وغيرها في عكار والشمال والبقاع، وفي كل جهة ترفع راية المستقبل، ولم تسقط الرايات رغم كل الأهوال ومحاولات الخرق الأمني والسياسي”.
وأضاف: “قدموا إغراءات لا تحصى لمتمولين ورجال أعمال وطامحين لبلوغ السلطة، لكنّ النتيجة أمام أعينهم، فكان الانتقال من الموجة تلو الموجة من تفجيرات ومؤامرات سماحة- مملوك، واغتيال وسام الحسن ومحمد شطح. كما راهنوا أن تكون على صورتهم لكنهم فشلوا في استدراجهم الى هذه اللعبة”.
وأعلن ان “الميليشيا ليست ملعبنا، لأن تيار رفيق الحريري يستحيل أن يشارك في ألعاب الدم بين الاخوة”.
وتحدث عن قضية تعذيب بعض السجناء في روميه، واصفا إياها ب”الخطأ الفادح”، مؤكداً أنّه تجري “محاسبة الذين ارتكبوه”، لكنّه قال إنّ من غير المقبول تحويل الخطأ إلى حملة على وزير الداخلية وعلى شعبة المعلومات، مؤكداً أنّ “شعبة المعلومات ساهمت في كشف شبكات التجسس لاسرائيل، ومؤامرة سماحة- مملوك فلا يجوز قيام حملة عليها”.
وأضاف “إن النظام مع حزب الله يرتكبون أكبر جريمة بحق الدين الاسلامي والمسلمين في العالم، وبحق الأبرياء من كل الأديان في العالم العربي وخارجه”.
وشدّد على أنّه “مقارنة بما يجري حولنا، ما نزال بألف خير، ولكن هناك أطرافا عديدة لا يوجد عندها أي عمل سوى إلحاق التهم بتيار المستقبل بالتطرف”.
ورأى أنه “رغم كلّ الضجة ما يزال غالبية اللبنانيين، تريد سماع صوت العقل والمنطق، ونحن في تيار المستقبل تيار رفيق الحريري تيار العقل والهدوء والمنطق، لا ننجر الى التصعيد والتطرف، لأنها وصفة باتجاه الحرب الأهلية”.
وقال: “لا أحد يزايد علينا، لا في الدين ولا في الوطنية ولا بالاعتدال ولا بالحرص على اللبنايين وحقوقهم. نحن إسمنا تيار المستقبل لأننا نتطلع الى الأمام، وليس الى الوراء، وأنا على يقين ان الصبر والحكمة، هو بصميم خياراتنا الوطنية لأننا أنتم وأنا مؤتمنون على خيار دولة ناجحة”.
وطالب الحضور بـ”التمسك بهذا النهج”، قائلا: “ابقوا رفيق الحريري في وجدانكم وحافظوا على لبنان”، وختم واعدا بأنه “سيكون في العام المقبل في بيروت أو طرابلس أو البقاع أو في أي مكان في لبنان”.