وطنية – شارك وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في المؤتمر العلمي الأول للجمعية الطبية العالمية اللبنانية ILMA الذي عقد في “بيت الطبيب”، الى جانب نقيب الأطباء البروفيسور انطوان بستاني وفي حضور النائب فادي كرم، والدكتور عماد باسيل ممثلا رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل وعدد من الأطباء اللبنانيين المغتربين والمقيمين.
وألقى باسيل كلمة قال فيها: “يسعدني ان التقي معكم اليوم، مع أطباء ناجحين وملتزمين بلبنانيتهم، إنها مبادرة ذاتية وفردية قمتم بها بدافع من لبنانيتهم ومحبتهم للبنان وشعورهم انهم يجب ان يلتقوا واختاروا مركز النقابة في لبنان لشخص النقيب الذي يعمل على المحافظة على السمعة الطيبة للجسم الطبي في ظل ما يتعرض له من هجمة كما يتعرض كل شي ناجح في لبنان لهجمة. والقطاع الطبي يتعرض لهجمة عنيفة اليوم، إنما ما نستطيع قوله الآن ان هؤلاء الأطباء أختاروا هذا المعلم الطبي كي يقولوا ان لبنانيتنا وإجتماعنا العالمي نركزه في وطننا وذلك تمسكا منا بالنجاح الطبي فيه. وهذا التكامل ما بين اللبنانيين المغتربين والمنتشرين هو أساس لبقاء وإستمرار لبنان. اعرف ان الجهد الذي قمنا به للملمة أطراف الاغتراب اللبناني وجمعه، من خلال زياراتنا التفقدية والمؤتمرين الذين عقدناهما، هو جهد متواضع، ولكن لمؤتمر الطاقة الاغترابية الذي عقد في بيروت في شهر آيار الماضي، تكملة وذلك من 5 الى 7 ايار 2016”.
واشار الى ان “الإمكانيات في المجال الطبي هائلة جدا وواسعة، ومن خلال الجولات التي قمت بها لمست النجاحات الطبية اللبنانية الكبيرة في دول الانتشار، منها أكبر مستشفى في اميركا اللاتينية في ساو باولو ثم في بوينس إيريس، و5600 طبيب في فرنسا، 10 الف طبيب في اميركا، و550 في بلجيكا وغيرهم ..إنما تشير هذه النجاحات الى ان اللبناني ليس بالصدفة استطاع تحقيقها إنما هذا الامر هو بتكوينه الإنساني، ان مهنة الطبابة تختزن الكثير من القيم الانسانية تدفعه الى هذه النجاحات والخدمة الانسانية المتطورة”.
أضاف: “من هنا علينا ان نسأل كيف يمكننا تثمير هذه النجاحات الطبية، فمثلا في افريقيا هناك حاجة لتطوير القطاع الطبي فيها، وفي مقابل النجاح الذي يحققه اللبناني المنتشر فيها في كل القطاعات لم يستثمر بعد في القطاع الطبي. ان اليوم هناك حاجة للنجاح اللبناني وللتبادل الطبي والعلمي والجامعي والأكاديمي. هناك حاجة أيضا اليوم من أن نمكن أنفسنا ونحافظ على المستوى الطبي في لبنان، لانه وكما قلنا نحن نتعرض لهجمة بشرية تغير معالم وطننا، وهي طبعا ستطال القطاع الطبي. وانا اعرف ما يفد إلينا من عدم كفاءات طبية نتيجة هذه الهجمة، لتأخذ مكان الطبيب اللبناني. ان الخوف ليس على الطبيب اللبناني الناجح الذي يستطيع الذهاب الى الخارج والنجاح هناك، إنما الخوف على لبنان لأنه حينها سينحدر فيه المستوى الطبي. ان هذا الامر يجب ان ندركه اولا من خلال مناعة الطبيب والمؤسسات الطبية التي يجب ان تحافظ عليه”.
وتابع: “من هنا اهمية ILMA التي تكمن في نقل التكنولوجيا والخبرات وتبادلها. انا اشجعكم وأشكركم واقول لكم ان الطريق ما زال طويلا أمامكم انتم اليوم 15 دولة، ونحن لم نستطع الوصول إلا الى 73 دولة في مؤتمر الطاقة الاغترابية، ولا يوجد بلد في العالم الا ووجد فيه طبيب لبناني ناجح. ان الأمثلة كثيرة في العالم، في كوبا مثلا يوجد اهم مركز للابحاث العلمية الطبية ومؤسسه لبناني. وفي كندا واميركا وغيرهم… وعلينا ان نجمع كل هذا النجاحات معا وبهذا تتضاعف نجاحاتكم وتفيدكم وتفيد بلدكم وتمكنه من المحافظة على صورته وسمعته الطيبة”.
وإذ رأى باسيل ان “النجاحات اللبنانية هي المستهدفة”، قال: “نحن مستهدفون اليوم بتميزنا، لذلك نرى ان اللبناني الناجح مستهدف، وما يطالنا في لبنان هو نتيجة تميزنا اذ وجدنا في هذه البقعة من الارض وميزناها عن غيرها، وهذا التميز يواجه اليوم بأحادية تسعى الى إلغائه، وهذا هو الصراع بين التميز والأحادية بين الرجعية بفكر متخلف عنوانه التكفير، وبين فكر متطور يواكب الانسانية وعنوانه الحرية المطلقة للانسان. ونحن مستهدفون بهذه القيمة. اعرف ان اللبناني المستهدف في لبنان بإمكانه ان يذهب وينجح في الخارج، وانه أينما وجدنا تكون بقعة الحرية. واعرف المقولة التي تقول انه بإمكاننا العيش على صخرة ونكون احرارا او بإمكاننا اختيار اي بقعة في العالم ونمارس فيها حريتنا، إنما عندما نصبح مستهدفين بسبب تلك القيمة حينها سنكون ملاحقين أينما وجدنا لأننا نحمل هذه القيمة. وهذه اهمية الارض في لبنان انها اذا تركناها سنلاحق على اي ارض اخرى، واهميتها في لبنان انها تلازمت مع القيم المطلقة والحرية على رأسها، لذلك نحن مدعوون اليوم للتمسك اكثر بأرضنا لأننا سنلاحق أينما كنا ولأن هذه الارض منبع ثقافتنا وحضارتنا”.
واردف: “اليوم يعيش المنتشرون والمقيمون اللبنانيون المعاناة نفسها. بإمكان المنتشر اللبناني القول ان دولته لا تريده ولم تقم بالجهد اللازم كي تسترده عندما ترك وطنه. كما نفكر نحن اليوم في ظل هذا النظام اللبناني أننا مرفوضون بغض النظر عن رأينا فيه. تمد يدك الى وطنك كمنتشر ولا تعلم بالمقابل الى اي مدى يده ممدودة لك. ما قمنا به نحن اليوم اننا مددنا يدنا إليكم، ونعرف انه ليس لدينا العضل الكافي لسحبكم كلكم. نحن ندرك انه حين سنمد يدنا إليكم هناك من سيسعى الى كسرها، كي لا تصل إليكم، وهذا ما يترك لديكم شعورا انكم غير مرغوب فيكم من كل وطنكم. نحن نتحدث عنكم إنما الى اي مدى نحن نعمل لأجلكم؟ هذا هو السؤال الأساسي، مثل قانون إستعادة الجنسية لأنه حقكم، وغيره من الحوافز التي لا تعطيكم فقط حقوقكم إنما تعطي المنعة الكبيرة للبنان وتميزه وهذا الامر الذي لا يريدونه، لأنها مرفوضة في منطقة يرسم لها الذهاب في صراعات لا تنتهي وبأحاديات تتصارع مع بعضها البعض. وليس المطلوب النموذج المتعدد والقادر على الاندماج والعيش في كل المجتمعات”.
وتابع باسيل: “إننا نعرف اهميتكم ونعرف اننا لا نستطيع في معادلة تقوم على التعويض عن اللبنانيين في الداخل اللبناني بالاغتراب اللبناني، عندما سنخير بخيارات كهذه ما هو البديل المعروض علينا؟ ان يصبح لبنان بقعة ارض من دون اللبنانيين ويصبح ارضا للنزوح واللجوء ويصبح اللبنانيون الاصيلون لاجئين في كل دول العالم. لقد سبق وعشنا هذه المرحلة. انتم أبناء هذه الهجرة ونحن اليوم نسعى خلفكم لنرد لبنان الى اللبنانيين. نحن معرضون اليوم الى موجة جديدة من التهجير باسم العسكرة والسيف والسلاح وباسم السياسة، لأن مفعولهم علينا هو ذاته، لأن ارتباطنا هو بالحرية، ليس حرية الحياة فقط إنما حرية العيش بكرامة والدور والرسالة التي نحملها. من هنا أهمية الاغتراب لنا ولكم. لذلك، لبنان لا يمكنه الاستمرار من دون منتشريه لأنهم اساسه. نحن اليوم معرضون لأن نكون بعد مئة سنة منتشرين، ونخسر جنسيتنا ولا يعود لدينا الحق بأرضنا ووطننا. عندما نفكر بكم نفكر بأنفسنا وأولادنا. لذلك، لدينا هذا الشغف والاهتمام بكم، لأن التكامل بين الأجيال يجب المحافظة عليه كي نحافظ على وطننا، وبالتالي عندما نخسركم ونخسر أنفسنا نخسر لبنان وتخسر المنطقة القيمة المتميزة فيها. البعض يفكر انه سبب لترحيلنا، وبعضنا يفكر وللاسف انه بإمكانه مغادرة لبنان، انما نحن نرفض ذلك ونحن مصممون على البقاء لأن قيمتنا المطلقة مرتبطة بهذه الارض ومنها نشع الى العالم، وعندما نفقد المنبع نخسر الانتشار وميزتنا ولبنانيتنا”.
وختم: “نأمل ان نراكم في المؤتمر القادم في ايار 2016، انه التزام منا ومنكم وذلك بغض النظر عن السياسات، لا تدعو السياسة تدخل الى جسمكم الطبي الاغترابي، انما لا تتخلوا عن تميزكم واستمروا في مبادرتكم هذه بغض النظر عما تقوم به الوزارة او الدولة لكم، لأنكم انتم الدولة، انتم لبنان في العالم وأنتم العالم في لبنان، وهذه قيمة لا يمكن لأحد المس بها طالما انتم تحافظون عليها”.
بستاني
ثم ألقى بستاني كلمة عرض فيها لتاريخ الهجرة اللبنانية ونجاحات الأطباء اللبنانيين في بلاد الانتشار، وقال: “سنعمل جاهدين سويا كي يتوسع اللقاء بين جمعيات الاطباء اللبنانيين في بلاد الانتشار والعاملين في قطاع الصحة فيشمل جميع بلدان التواجد وما أكثرها، وان تنظم الامور وأن تمأسس حتى لا تبقى منوطة بأفراد أو بمناسبات تهب ّوتغيب تبعا لظروف وأوضاع ومتغيرات. ونتمنى أيضا أن يتم التواصل والتعاون وخاصة التنسيق بين كافة القطاعات الطبية والاقتصادية والصناعية والثقافية والاجتماعية والسياسية في رؤية واضحة بين المقيمين والمنتشرين. حينذاك يكون عملنا فعالا وجهودنا مثمرة فنحافظ فعلا لا قولا على ما أؤتمنا عليه، على لبنان، وذلك وفاء واحتراما لأجدادنا وأسلافنا وحبا بأولادنا وذريتنا”.
أضاف: “نعرف ان الفضل الاكبر لتلك الانطلاقة ما كان ليحصل بهذه السرعة وهذا التنظيم وتلك الفعالية لولا جهود وزير خارجية قلما شهد لبنان منذ استقلاله مثيلا في دينامية عمله وبعد نظره ومواظبته في متابعة الامور حتى خواتيمها (واجتماعنا اليوم مثال لذلك) وخصوصا في جرأته وإقدامه حين يكون الحق بجانبه او الخطر محدق بمواطنيه، وهذا ما نحن بأمس الحاجة اليه عند المسؤولين من سياسيين ورجال دين وتربويين وباقي القطاعات. فباسم الجميع، مقيمين ومنتشرين، أقول شكرا جبران باسيل”.
وسأل: “لكن هل يمكننا اختصار الحياة او الوطن او المصير بمهنة مهما علا شأنها وسمت مهمتها؟”. وقال: “ما يدفعني لتلك التساؤلات الوضع الشديد الخطورة والحالة المحرجة التي يمر بها لبنان والمنطقة وتقلق اللبنانيين وبالطبع تشغل بالكم. وفي هذا السياق تذكرت قول السيد المسيح في إنجيله المقدس: “ماذا ينفع الانسان إن خسر نفسه وربح العالم” لأطبقه على ما نمر به ونعيشه منذ فترة منتظرين الآتي الاعظم حسب ما بشرونا: “ماذا ينفع اللبناني إن ربح مهنة الطب أو أي قطاع آخر وخسر لبنان؟”.
وختم: “الوضع من الخطورة بمكان تحول فيه الى قضية وجودية تنتفي أو تصغر باقي القضايا أمامه. أغتنمها فرصة أثير تلك المقاربة مخافة أن تجدوا أنفسكم يوما، إذا ما تمت التنبؤات التي يعمل الغرب لها حسب ما فهمنا، امام غزوة جماعية من الاطباء اللبنانيين لا امكانية لكم لاحتوائهم ولا مجال لتركهم. حال شبيهة بالتي يعيشها لبنان اليوم بلاجئيه ومهجريه”.
وكان المؤتمر افتتح بالنشيد الوطني اللبناني وكلمة لعريفة الحفل الزميلة رولا معوض، بعدها كلمة ترحيبية للدكتور بول واكيم.
وكانت مداخلات لعدد من الأطباء، من اوستراليا وليد الأحمر، ومن البرازيل توفيق سليمان، ومن فرنسا جورج نصر، ومن كندا دونالد أده، ومن اميركا راي هاشم، ومن إيطاليا وليد سروجي، شددت على ان الجمعية اللبنانية العالمية ستكون على مستوى التحدي العلمي، وستسعى على العمل جاهدة للاستمرار بالمشاركة الفعالة في كل القضايا المتعلقة في مجال الطب مع كل النقابات الطبية والجامعات بهدف خدمة المواطن اللبناني”.
ثم جرى التوقيع على اتفاقية تأسيس الجمعية الطبية اللبنانية العالمية ILMA.