قد لا يكون في كلام الرئيس فؤاد السنيورة جديد في شأن موقف “تيار المستقبل” من ترشح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، اذ أن للتيار ولفريق 14 آذار عموما مرشحه، لكن ما هو جديد أنها المرة الاولى يُعلن التيار بهذين الصراحة والوضوح ليس رفضه لعون وإنما عدم وجود أي فرصة له لبلوغ سدة الرئاسة.
صحيح أن كلام السنيورة على إنتفاء الحظوظ أمام عون جاء رداً على سؤال صحافي، لكنه بدا واضحاً أنه يعكس موقفاً موحداً داخل “المستقبل” حيال هذا الموضوع.
ثمة حقيقتان يعكسهما السنيورة في شكل حاسم وحازم: لا حمائم وصقور داخل التيار “المستقبلي”، في معرض رده على الاسئلة المتعلقة بالحوار مع “حزب الله”، والذي ينسحب أيضاً على مسألة التباينات الحاصلة داخل التيار نفسه لجهة التشدد في هذا الموضوع أو في ملف سجن رومية أو غيره من الملفات الساخنة المطروحة على طاولة النقاش.
أما الحقيقة الثانية فثابتة كذلك بالنسبة إلى السنيورة: لا خلاف أو تباين في الرأي بينه وبين زعيم “المستقبل” الرئيس سعد الحريري. ليس لرئيس الكتلة مواقف تخرج عن الخط العام للتيار أو تتمايز عنه.
عند هذه القراءة، يمكن الاستنتاج أن ما كشفه السنيورة عن أن التفاوض مع عون حول قيادة الجيش يعكس حتماً موقف التيار. لا يمكن “المستقبل” ان يعطي عون كسباً مزدوجاً: الرئاسة وقيادة جيش، وإلا ماذا تُرك للحلفاء؟ وما جدوى بقاء عون في أحضان “حزب الله” إذا كان “المستقبل” مستعداً لهذا الكم من التنازلات؟
ليس لدى أوساط السنيورة أي تعليق على الرد العوني غير المباشر عبر الاعلام على كلامه. فالرجل قال ما لديه، وإذا كانت أوساط عون لا تعترف بكلامه وتفضل أن تسمع ذلك مباشرة من الرئيس سعد الحريري، فلمَ لا؟ فلتنتظر ذلك.
لكن القراءة في الاوساط الحليفة لعون مغايرة لقراءة أوساطه. فهي، إنطلاقاً من مواكبتها للسنيورة، تدرك أن الرجل لا يمكن إستدراجه لقول كلام ليس مقتنعاً بجدواه، وتالياً فهي تتفق مع القراءة المستقبلية على أن لا إختلاف أو تباين بين رئيس الكتلة ورئيس التيار. بل تذهب أبعد بقولها إن كلام السنيورة “يريح الحريري ولا يثقل عليه. بل يعطي الرئيس السابق للحكومة هامشاً من الوقت والمناورة. فإذا كان يريد تلمس صدى مثل هذا الكلام على الوسط العوني، فإن الوقت ملائم جداً لذلك”. لم يصدر نفي أو تصحيح أو توضيح لكلام السنيورة من جانب الحريري. وهذا يعني، في رأي الاوساط الحليفة لعون، أنه موافق عليه. وإذا كان فُهم في مرحلة ماضية أن ثمة إلتزاماً من جانب زعيم “المستقبل” حيال الجنرال، فمثل هذا الكلام ينهيه ويسقطه، ما دام لم يصدر ما ينفيه. وفي رأي هذه الاوساط أن على عون أن يأخذ هذا الامر في الاعتبار، فلا يطيل إنتظاره لتوضيح قد لا يأتي.
وفي إعتقاد هذه الاوساط أن السنيورة سمّى الأمور بأسمائها وكسر حلقة التسريب “المفخخ”، ورسم، معطوفاً على مواقف جديدة مماثلة وإن في مجالات أخرى، مشهداً جديدا لا بدّ للتطورات المقبلة أن تبلوره ولا سيما على صعيد الاستحقاق الرئاسي.