رأى الرئيس سعد الحريري أنه “لم يكن ينقص لبنان والمشاكل التي يراكمها “حزب الله” على رؤوس اللبنانيين، سوى إقحام “تلفزيون لبنان” في حلبة الملاكمة الإعلامية والسياسية، واستدراجه الى فخ المشاركة، في حفلة الشتائم ضد المملكة العربية السعودية وقيادتها، التي خصصتها الإخبارية الرسمية السورية قبل يومين، من خلال المقابلة السيئة الذكر مع الامين العام لحزب الله”.
وأضاف الحريري في بيان: “ما يعنينا في هذا الشأن هو استخدام مواقع الدولة اللبنانية ومنابرها، للنيل من دولة عربية شقيقة والتطاول على السعودية ورموزها ودورها، أسوة بما تفعله الابواق المشبوهة وبعض الصحف الصفراء، التي تريد للبنان ان يقع في شرك العداء لأشقائه العرب، كرمى لعيون إيران ولسياساتها في المنطقة”.
وتابع: “الصمت في هذا المجال غير جائز وغير مبرر، سواء بدعوى الالتزام بمقتضيات الحوار الذي أردناه ونريده بكل أمانة واخلاص ، او بدعوى تقديم المصلحة الوطنية على أي مصالح خارجية، خصوصاً عندما نجد في المقابل من يمعن في تعريض تلك المصلحة لمخاطر يومية، ومن يعمل ليل نهار على ربط لبنان بكل نزاعات المنطقة، من معارك تكريت والموصل في العراق الى حروب القلمون والسويداء وحلب واليرموك في سوريا الى هجمات الحوثيين في صنعاء وتعز وعدن”.
ولفت الى أنه انه “لشيء مؤسف ومؤلم، ان يتم استغلال لبنان الى هذا الحد، وان تكون بعض منابرنا شريكة لمنابر السفّاح بشار الاسد في الاساءة لدولة، لم يرَ منها اللبنانيون سوى الخير، ولم يسمعوا من مسؤوليها سوى الكلمة الطيبة، ولم يعرفوا عنها منذ قيام دولة الاستقلال سوى إسهامها في إنهاء الحرب الأهلية ورفضها كل أشكال الاقتتال بين اللبنانيين، ووقوفها الى جانبهم في مواجهة الآثار المدمرة للحروب الإسرائيلية وآخرها حرب العام ٢٠٠٦”.
وأشار الى أن “التاريخ قد كتب وسيكتب بحروفٍ من ذهب ما قدمته المملكة العربية السعودية الى لبنان، ولن يكون في مقدور الابواق المسمومة ان تغيّر من هذه الحقيقة او ان تتمكن من تشويهها. فما فعلته السعودية وما تفعله اليوم، هو فعل إيمان بدورها في حماية الهوية العربية، وفي الدفاع عن حقوق الشعوب العربية بالامن والاستقرار والتقدم، خلاف من يسعى من الدول، كايران وغير ايران، لتدمير هذا الاستقرار وتحويل العواصم العربية الى ساحات مفتوحة امام الفوضى الطائفية والمسلحة”.
ورأى أنه “منذ ان قررت ايران تصدير ثورتها الى لبنان وهي تقدم الى اللبنانين، وجبات متتالية من الانقسام ومواد للنزاع الأهلي، اصطدمت اول ما اصطدمت بالطائفية الشيعية نفسها، في ما عرف في الثمانينات بحرب الأخوة بين “حركة أمل” و”حزب الله”، قبل ان تصطدم بباقي المكونات اللبنانية، وتجعل من “حزب الله” ميليشيا مسلحة وقوة عسكرية منظمة تعمل بقيادة الحرس الثوري الإيراني، وتمارس مهماتها بمعزلٍ عن الدولة اللبنانية وقوانينها ومؤسساتها الشرعية”.
واضاف: “لقد بات من المفهوم للقاصي والداني ان ايران لا تقيم وزناً للدول العربية ومؤسساتها الرسمية ، بالقدر الذي تعمل فيه على اختراق المجتمعات والتلاعب على العصبيات المذهبية ، وترفع من شأن الأحزاب والقوى والجهات التي تنضوي تحت أمرة الحرس الثوري ، او تحت أمرة المشروع الاستراتيجي للجمهورية الاسلامية الايرانية ، وهو ما تجلى قبل ٣٥ عاماً في لبنان مع خروج حزب الله من الرحم الإيراني ، وما يتكرر في اليمن حالياً مع صعود التنظيم الحوثي المسلح في اليمن المعروف بأنصار الله ، والذي عاش ونما في كنف الحرس الثوري أيضاً منذ العام ٢٠٠٢”.
وقال: “أن ايران تريد استنساخ النموذج اللبناني في اليمن، وتعمل منذ سنين على ان يكون تنظيم أنصار الله الحوثي نسخة عن “حزب الله” اللبناني، ليصبح اداة في يدها تطرق من خلاله أبواب مكة والخليج العربي، وهو ما حاولت المملكة العربية السعودية معالجته حتى اللحظة الاخيرة ، بالوسائل السياسية والدعوات المعقودة على الحوار، ولكن من دون جدوى، فكانت عاصفة الحزم وكان التحالف العربي المشترك لمنع وقوع اليمن في الخطأ الذي وقع فيه لبنان”.
وأضاف: “إذا كنا نحن في لبنان نتعامل مع هذا الخطأ ، انطلاقاً من الموجبات التي تفرضها المصلحة الوطنية وسد المنافذ أمام الفتن المتنقلة وقطع الطريق امام المزيد من تغلغل الحالة الايرانية في حياتنا المشتركة، فإن المسؤولية توجب علينا عدم السكوت على استمرار الخطأ والدعوة تلو الدعوة الى تحييد لبنان عن الحروب المحيطة ورفض كل أشكال المشاركة فيها ، بالقدر الذي توجب علينا أيضاً حماية مصالح لبنان وأبنائه والتصدي لأصوات الفجار، كباراً وصغارً، ممن يتحاملون ويتطاولون على السعودية وقادتها”.
وختم: “السعودية تعلم جيداً ان لبنان لن يبيع عروبته للمسيئين اليها، واللبنانيون يعرفون أيضاً ان مملكة الخير والحكمة والحزم لن تتخلى عن لبنان مهما تعالت الأصوات المسعورة بالسباب”.