للمرة الاولى منذ ١٢ عامًا، تدهور سعر صرف اليورو أمام الدولار في حدث وصف بـ”حرب العملات” التي ترافقت مع إستئناف البنك المركزي الأوروبي تطبيق برنامجه لشراء أصول عبر اعتماد سياسة “التسهيل الكمّي”، فيما تلوح في الأفق عودة التعادل بين اليورو والدولار. ويشير تراجع اليورو إلى إمكان إعتماد سعر صرف واحد بين العملتين قريبا.
ما الذي يتسبّب بتغيير أسعار العملات؟ تتأثر أسعار الصرف بالأسواق وليس بالحكومات، لأن الولايات المتحدة ومنطقة اليورو يعتمدان نظام التعويم، أي سياسة العرض من البنك المركزي والطلب على العملة في الأسواق والذي يتبدّل بسبب عوامل مثل التضخم وانكماش العملة مع مرور الزمن.
لمَ يتراجع اليورو بشكلٍ حاد؟ بدأ البنك المركزي الأوروبي بتحفيز الإقتصاد الذي يأخذ شكل “التسهيل الكمي”، وتتمثل سياسة البنك حاليا بشراء السندات من القطاعين العام والخاص مقابل مبالغ نقدية، وهذه الطريقة تؤدّي إلى إغراق الأسواق باليورو عبر ارتفاع العرض.
ما الذي يجعل الدولار أقوى؟ في ظلّ ضعف القوة الشرائية لليورو في الأسواق الخارجية تأثيرها على خطط المستثمرين في الأسواق الخارجية، يُنظر إلى الدولار في التداول كعملة أكثر استقرارا وتتمتع بقوة شرائية. وما يفاقم الوضع، هو أنه في الوقت الذي تهوي فيه معدلات العائدات في أوروبا، فإن البنك الإحتياطي الفيدرالي يخطط لرفع معدلات الفائدة وخفض ضخّ الأموال، مما يعني أن الأصول المقوّمة بالدولار ستصبح أعلى قيمة.
ماذا يعني ذلك؟ في الوقت الذي يؤثر سعر الدولار سلبًا على الشركات الأميركية، يبدو الأمر جيدا للمستهلكين الذين يريدون الإستيراد من أوروبا. وستشعر الشركات الأميركية التي تعمل في أوروبا بالتغيير بين الدولار واليورو، مما يعني أن شراءها للبضائع سيكون أكثر كلفة، مما يقلّص أرباحها.
إلى متى؟ لا أحد يعلم تحديدا إلى متى ستستمر الأزمة، لكن يبدو أنها طويلة الأمد لا سيما مع النزاع بين اليونان وألمانيا وأزمة الديون.
وتوقّع محرر الشؤون الإقتصادية مات أوبريان في “واشنطن بوست” أن ترتفع قيمة الدولار مقارنة باليورو، وقال “إن حرب عملات تدور، والولايات المتحدة تخسر. فاليورو انحدر لأكثر مرة منذ ١٢ عاما وسجّل ١.٠٥ دولارا، ونسبة التراجع بلغت ٢٤ % في ١١ شهراً. ولا أتوقع توقف الأمر قريبا”. ورأى أن سعر الدولار جيد الآن لمن يخطط للقيام برحلة إلى خارج الولايات المتحدة، “ولكنه سيء لمن يريد بيع منتجات في الخارج”. وأشار إلى أنّ مسار الإقتصاد الأميركي جيد، موضحًا أن عددا من البلدان سهّلت سياستها النقدية أخيرا، مثل أستراليا وكندا وشيلي والصين والدنمارك ومصر والهند وإندونيسيا وإسرائيل والبيرو وبولندا وسنغافورة والسويد وسويسرا ومنطقة اليورو “التي بدأت اخيرا بشراء السندات او ما يعرف بـ”التسهيل الكمي”، في محاولة لإنقاذ إقتصادها من معدل التضخم المنخفض”.