هدية اللبنانيين في 2014 : البنزين بـ 25 ألفاً
تدهور سعر برميل النفط الى ادنى مستوياته منذ خمسة اعوام بسبب فائض المعروض في الأسواق العالمية بعد القرار الذي اتخذته حديثاً منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبيك) بالابقاء على سقف انتاجه عند مستوى 30 مليون برميل يومياً، بالاضافة الى سلسلة عوامل أخرى، ومن أهمها استمرار قوة الدولار مع قرب رفع البنك الفيديرالي الاميركي لأسعار الفائدة السنة المقبلة، في خطوة تعزّز مكانة العملة الأميركية وترفع أسعار السلع المقومة بالدولار، ومنها النفط، ما ينعكس سلبا على الطلب تجاه هذه السلع. وتضاف الى ذلك، ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة التي رفعت الفائض في الاسواق العالمية في مقابل طلب ضعيف نسبيا مع استمرار سيطرة الضعف في الاقتصادات العالمية الكبرى من الولايات المتحدة (أكبر مستهلك للنفط في العالم) والصين (ثاني أكبر مستهلك للنفط عالميا) وصولا الى الإتحاد الاوروبي.
في لندن، بلغ سعر برميل نفط برنت أدنى مستوى له منذ تشرين الاول 2009، ليصل الى 67,53 دولارا، فيما تراجع سعر برميل النفط المرجعي الخفيف في سوق نيويورك (نايمكس) الى ادنى مستوياته منذ تموز 2009، ليبلغ 63,72 دولارا.
ولانخفاض أسعار النفط عالميا انعكاس إيجابي على الاقتصاد اللبناني عموماً، من ناحية فاتورة الاستيراد النفطية وأيضا على “جيبة المواطن خصوصا” في ما يتعلق بقدرته الشرائية التي سترتفع نتيجة تراجع أسعار المشتقات النفطية.
فاستنادا الى الارقام الرسمية، بلغت قيمة ما استورده لبنان في 2013 من المشتقات النفطية حوالى 6,5 مليارات دولار، ونتيجة تراجع سعر برميل النفط عالميا بنحو 35% منذ بداية 2014 حتى مساء الثلثاء، من المتوقع ان يحقق ميزان المدفوعات اللبناني وفراً في حلول نهاية السنة الجارية، بنسبة تُقدر ما بين 15% و20% من الكلفة الاجمالية لفاتورة الاستيراد النفطية. اي ان عجز ميزان المدفوعات قد ينخفض هذه السنة بما بين 975 مليون دولار و1,3 مليارات دولار، إذا اعتبرنا أن قيمة الفاتورة النفطية لسنة 2014 تساوي قيمة فاتورة 2013.
أما في ما يتعلق بالتداعيات الايجابية المباشرة لتراجع أسعار النفط عالميا على القدرة الشرائية للمواطن، فتتمثل بتراجع واضح لأسعار المشتقات النفطية، أي كل من سعر صفيحة البنزين وصفيحة المازوت وصفيحة الديزل اويل. وأدى التراجع المستمر لأسعار النفط عالميا منذ حزيران 2014 الى تراجع أسعار المشتقات النفطية في السوق اللبنانية بأكثر من 20% منذ مطلع تموز الماضي، اذ انخفض سعر صفيحة البنزين 95 اوكتان من 35200 ليرة الى 27300 ليرة. (وهو السعر المتوقع لليوم الاربعاء)، ولكن اللافت في الامر، أن نعم تراجع أسعار النفط عالميا على المواطن اللبناني كانت لتكون أكبر بكثير لولا فرض الدولة مجموعة من الرسوم والضرائب على هذه المشتقات النفطية. فالاجراءات الضريبية التي تصل قيمتها الى نحو سبعة آلاف ليرة على سعر كل صفيحة بنزين تحرم المواطن اليوم من صفيحة بنزين 95 اوكتان بسعر 20 الف ليرة.
وفي العودة الى ما هو منتظر في الاسابيع المقبلة، ومع استمرار تراجع أسعار النفط عالميا، تشير الجداول التي يتم على أساسها تحديد أسعار المحروقات في لبنان الى أن سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان يتجه الى مستوى 25 الف ليرة في حلول نهاية السنة الجارية، ما يوصف بـ”الهدية الدولية” للمواطن اللبناني بمناسبة الأعياد! علماً أن صفيحة المازوت الاحمر التي تراجعت من 26500 ليرة مطلع هذه السنة الى قرب 20600 ليرة (السعر المتوقع لليوم الاربعاء) قد تصل بدورها الى مستويات قرب 18000 ليرة نهاية هذه السنة، ما يريح حكماً جيوب سكان القرى الجبلية في فصل شتاء عاصف وبارد.
ونتيجة تراجع أسعار المشتقات النفطية من المتوقع ان يحقق المستهلك اللبناني وفراً بقيمة إجمالية (لجميع مستهلكي المحروقات في لبنان) عند 500 مليون دولار، ما ينعكس حكما إيجابيا على القدرة الشرائية للمواطن خلال فترة الاعياد، ويدعم الدورة الاقتصادية كما يساهم في تنشيط الحركة التجارية في الاسواق.
وفي حال صدقت توقعات الملياردير الكندي موراي إدواردز رئيس مجلس إدارة “كانديان ناتشورال ريسورسز” والتي تتخصص في استكشاف النفط والغاز بأن أسعار الخام يمكن أن تشهد مزيدًا من الانخفاض في الفترة المقبلة لتراوح ما بين 30 و40 دولارًا للبرميل، سيبقى الموطن اللبناني الاوفر حظا والمستفيد الاكبر، ما يخفف من بعض الاعباء المعيشية التي يعاني منها.
“موريس متى – النهار”