هل ما حصل في طرابلس هو نتيجة ام سبب؟
القراءات السياسية متعددة ومتضاربة في الوقت نفسه، مع التسليم الضمني والاجماعي لمختلف مكونات المدينة وفعالياتها السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية بتأييد الاجراءات التي اتخذها الجيش اللبناني، وان تفاوتت ردات الفعل حول الآليات التي اعتمدت خلال المعارك. ويقول البعض ان بعض هذه التدابير اتسمت بحدة كان من الممكن تجنبها، ولو انهم يعترفون بأن الظروف الموضعية هي التي تفرض طريقة التعاطي مع هذه الحالة او تلك.
وما تجمع عليه مختلف القيادات الطرابلسية هو ضرورة البدء بالتفكير الجدي والمسؤول بالطرق الناجعة التي من شأنها ان تزيل فتيل التفجير من احياء عاصمة الشمال مرة اخيرة، وتنهي معاناة المدينة واهلها في شكل جذري وحاسم، بحيث لا يضطر الطرابلسيون الى العيش مرارة المآسي الموسمية وما يليها من دمار وخراب وتهجير.
وفي رأي هذه القيادات ان الارهاب، الذي يتخذ اشكالا متعددة، يفتش دائما عن نقاط الضعف في المجتمعات، بحجة او بأخرى، متلطين وراء شعارات جذابة ورنانة تستهوي ضعاف النفوس، او اولئك الذين ليس لديهم ثقافة عامة او ثقافة دينية عميقة، وبالتالي فهو يسعى دائما الى الاستفادة من الوضع الاجتماعي الذي يتسم بنوع من الحرمان ويفتقر الى الحدود الدنيا من مقومات العيش اللائق والمحترم، وهو غالبا ما يلاقي الارضية الخصبة في تلك المجتمعات المهملة والمهمشة.
وتقول هذه القيادات ان الآوان حان لتبدأ الدولة باجهزتها الانمائية والاجتماعية والصحية والتربوية بالتفكير الجاد والجدي في تأمين الظروف الافضل لابناء طرابلس الذين يتملكهم الشعور بأنهم متروكون من دولتهم، وهي لا تفكر في الوسائل المتاحة لتحسين ظروف عيشهم وانتشالهم من احزمة البؤس والفقر، الذي يبلغ مستويات مرتفعة، مع نقص حاد في الخدمات العامة، المفترض ان تكون من اولى اوليات الدولة، وذلك من اجل اشاعة اجواء تعيد الثقة بالدولة ومؤسساتها، من خلال تعميم المشاريع الانمائية على كل المستويات، التي تزيد من فرص العمل وتؤمن الحدود الدنيا من مستوى عيش مقبول، تربويا وصحيا وتنمويا.
والدولة، كما تقول هذه القيادات، يجب ان تكون لجميع ابنائها على حد سواء، وبالاخص مع الذين يتعرضون اكثر من غيرهم لظروف قاسية، وهذا الامر يتطلب مضاعفة الجهود من اجل التخفيف من معاناتهم وتقديم المساعدات الضرورية، وباسرع ما يمكن، لكي يقوى لديهم الشعور بالانتماء اليها.
وقد يكون للمبادرات الفردية دور مكمل لما يفترض ان تقوم به الدولة، على صعيد البنى التحتية، وما توفره من خدمات تساعد على اجتثاث كل الاسباب الممكن ان تؤدي الى لجوء البعض الى ما يتصورونه ملاذا لهم، وذلك هربا من واقعهم المأسوي.