كأن السيد هاني فحص ادرك ان كلامه لم يعد يشبه هذا العالم او ان هذا عالم لم يعد يشبه نفسه ، او كأنه اراد ان يترك قبل رحيله وصايا جديدة سكب فيها روحه العذبة المتسامحة النقية ، لعلنا من خلالها نعود الى انفسنا
قبل غفوته الأخيرة تحدث الى صوت لبنان كما في كل اسبوع سجل محطته ” على مسؤوليتي “. لم نعرف لماذا استبق الزمن وترك اكثر من حلقة ولكنه هو كان يعرف ….
ترك زاده ، اغمض عينيه... ورحل والأمانة سنبثها تباعاً فترقبوها
آخر ما قاله عبر صوت لبنان : ضرورة العقل
انا ادعو الى اعتبار العقل امرا ضروريا في حياة الافراد والناس والاوطان والدول والاديان. نحن في حاجة في لبنان وفي الدول العربية في حاجة تشتد الحاحا” “وخلينا في لبنان، خلينا نقدم النموذج الايجابي” كما قدمنا النموذج السلبي، والفرصة لم تفت بعد، نحن في حاجة تشتد الحاحا” الى عقل يحكم منطقنا في الحديث الموجه الى الناس، اقصد المفكرين والادباء والشعراء والحكام والوزراء والنواب والاعلاميين والفنيين ليساعدهم على ان يكون يسعد الناس على ان يكون خوفه من الله والطبيعة والحرب خوفا عقلانيا” حتى يعرفوا كيف يعبدون الله عبادة الاحرار، وكيف يعملون في الطبيعة ويتعاملون معها ويصادقونها بدل قهرها لتعود فتقهرهم، وهو الله ربنا ربهم جميعا قال لهم اكثر من مرة وعلى لسان اكثر من رسول، ونبي وامام وعالم وقديس وطوباوي وطوباوية، ان عباداتهم لا تصب في طاحونته، لا طاحونة لله، ولا اقارب ولا وافى ولا حراس، ولا سماسرة ولا حزب، طاحونة الله طاحونة خلقه اجمعين، منذى الذي يقرظ الله قرظا حسنا” فيضاعفه له، يفعل خيرا لايادي الله، الخلق كل الخلق، واعظ رب الناس كلهم، ليس بأمكاننا ان نمنع الحروب، بامكاننا ان نصنع سلامنا ونفشي السلام، لا المساحات الممكنة، الحرب لا نمنعها ولكن ايضا نستطيع ان نصنع سلاما في قلب الحرب، جزر السلام تكون ضمانا تكون مقيلا، تكون احتياطيا ذهبيا للأرواح والاجساد والاجيال. الحرب نظر لها ماركس بانها قاطرات التاريخ والحضارة، ويمكن ان يكون هذا علما حقيقيا، رؤية حقيقية ولكنها مؤلمة. بامكاننا ان نصف العقل وننصح به، للمحاربين او المتحاربين او المتضررين او المتفرجين، او الممولين، واقالة من الضرر البالغ بنا وبهم وتقليلا للخسائر من الابرياء، مع ضرورة التذكير والتشديد على ان العقل العاقل اي الذي يعقل ويقيد الجنوح الى الشرق، لا ياتي الا من الشراكة في المعرفة، كلما كثرت الشراكة كثرت المعرفة وكلما كثرت المعرفة كثر العقل، وكلما كثر العقل قل الخطأ وقلت الحرب وقلت الجريمة، والمعرفة عقلية وقلبية، حب معرفة تفكير فكر معرفة وهناك علاقة يومية علاقة دائمة بين المعرفة والمحبة، المحبة تنتج معرفة والمعرفة تنتج محبة. الناس اعداء ما جهلوا ومن يصر على القطيعة هو ذاهب الى العنف قطعا. اللهم لا تقطعنا عن احبائنا المتفقين والمختلفين معا”.
و السّيد هاني فحص كان يطل يوميا في تمام الساعة الساعة ٧:٤٥ صباحا ضمن برنامج ” على مسؤوليتي ” عبر إذاعة صوت لبنان ١٠٠.٥ ، صوت الحرية و الكرامة ، ليتكلم بشفافية و جرأة واضحة و موضوعية كاملة .
المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى نعى فحص : أسهم في وضع أسس الحوار وفي عقد مؤتمرات وطنية اسلامية وعربية لخدمة المظلوم والقضايا المحقة .
وقد نعى رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع العلامة السيد هاني فحص، معتبرا أن “لبنان خسر بفقدان العلامة هاني فحص عالما ومفكرا كبيرا ورمزا من رموز الاعتدال والمحبة بين الطوائف في لبنان، لقد كان رجل حوار وتواصل بامتياز وسوف يفتقد الوطن لرجال أمثاله”
واعتبر رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط أنه “برحيل العلامة السيّد هاني فحص، فقد لبنان وجهاً بارزاً من وجوه الفكر والعلم والثقافة، وعلماً من أعلام الحوار والاعتدال والانفتاح في زمنٍ يغلب عليه السيف مكان الكلمة التي لطالما كانت موضع إهتمام السيّد الراحل، فهو كان يطوّع الكلمات ليؤكد على الثوابت الوطنيّة والاسلاميّة الحقة”.
جنبلاط، وفي بيان، قال “كان صديقاً لكمال جنبلاط، وخاض نضالات سياسيّة كبيرة وخاض معه الانتخابات النيابية سنة ١٩٧٢ قبل أن يعود وينسحب منها. كان متحمساً للقضية المركزيّة أي قضية فلسطين التي إحتلت مكانة خاصة في قلبه ووجدانه وعقله وخصّها بالكثير من المقالات والكتابات”.
من جهته نهى رئس الحكومة السابق سعد الحريري العلامة فحص “خسارة جسيمة لقيم الاعتدال والحوار”
.