لأن اللبنانيين يعرفون جيدا معنى الحرب الأهلية ومأساتها، فهم حاليا يعيشون حالة ترقّب وخوف مما ستؤول إليه الأمور في الأيام المقبلة، في قضية عرسال، والمخطوفين العسكريين، ووحدة الجيش والشعب، والتصدي للإرهاب.
كل هذه القضايا هي محط اهتمام وتساؤلات الشعب اللبناني الذي يعيش حالة من اللامبالاة، بل ما بات أشبه بحالة تعوّد على بعض الأمور منذ فترة طويلة، فهو لم ينزل الى الشارع ليقف بوجه التمديد مرة ثانية، ولم يطالب بانتخاب رئيس، ولم يعد يهتم للإنقطاع الدائم للماء والكهرباء، والطرقات والبطالة والطبابة… بل كل ما يهمه اليوم عدم الدخول في حرب جديدة، لأنه يكفي لبنان واللبنانيين الأزمات والحروب المتتالية التي مرت عليه منذ الإستقلال حتى يومنا هذا، حرب أهلية، إجتياحات إسرائيلية، إنفجارات…وآخرها ما حصل في عرسال.
فهل لبنان مقبل على حرب جديدة؟ أم أن التوتر الأمني بات أمرا طبيعي بالنسبة إلى لبنان بسبب الأوضاع الخطيرة التي تمر بها المنطقة من حوله؟
مستشار قائد “القوات اللبنانية” السابق، والمحلل السياسي حاليا، الدكتور توفيق الهندي شرح في حديث لـ”جنوبية” أسباب الخوف من انفجار الوضع في لبنان: “نعم نعيش اليوم حالة خوف كبيرة أن يحصل خراب في لبنان، وهذا الخوف بسبب الأحداث الأخيرة التي حصلت في عرسال، أزمة عرسال لم تنتهي بعد وفي أي لحظة يمكن أن يحصل أي تطور سلبي ويؤدي الى الإنفجار الكبير”.
وأضاف الهندي، الذي كان الأقرب إلى جعجع خلال الحرب الأهلية: “بات واضحا أن الهدف من معارك عرسال كان إدخال الجيش اللبناني كعنصر إستراتيجي الى جانب حزب الله والجيش السوري ضد داعش والنصرة، وكلنا نعرف أن الجيش اللبناني لا يمكن أن يصمد طويلا في هذه الحرب لأنه غير مجهز وغير قادر لحسم هذه المعركة لصالحه، إدخال لبنان عن طريق الجيش اللبناني داخل الصراع في المنطقة لم يكن فيه حكمة لأن الجميع يعرف حقيقة موازين القوى، فماذا جنينا من أحداث عرسال إلا المزيد من الشهداء والمخطوفين، التي لا نعرف مصيرهم، وهل المطلوب أن يصبح لبنان ساحة للصراع الدائر في المنطقة مثل سوريا والعراق، وكلنا نعرف أن الصراع اليوم هو بين الخلافة السنية والولاية الفقيه الشيعية”.
وتابع الهندي، الذي عاش الحروب الأهلية وخبرها جيّدا: ” لذلك يجب أن تحل قضية المخطوفين من الجيش بمزيد من الحكمة والتروي لكي لا نخسر المزيد من الشهداء، وحتى قضية عرسال الأمنية لا تُحلّ عن طريق فصل جرود عرسال عن بلدة عرسال، هذه مغامرة يمكن ان تجرّ عرسال الى معارك جديدة”.