الخبر بالصوت

أزمة تأليف الحكومة انتهت إلى أسوأ مما كانت عليه قبل المسعى الأخير لحل المشكلة القائمة بين الرئيس ميشال عون ‏والنائب جبران باسيل من جهة، والرئيس المكلف سعد الحريري، من الجهة الأخرى. ليس أدلّ على أن الأزمة تزداد ‏حدة سوى العبارات التي وردت في بيان تيار المستقبل أمس. ففي نظر الحريري، رئيس الجمهورية “يدير مستنقعاً ‏سياسياً”، وقصر بعبدا “مؤسسة حزبية”، وعهد عون هو “عهد جهنّم” و”أسوأ العهود في تاريخ لبنان”، وباسيل ‏‏”يستخدم الرئيس عون‎”…‎
‎ 
من قرر نشر هذا البيان هو الشخص الذي يفرض عليه الدستور تأليف الحكومة بالشراكة مع رئيس الجمهورية. ‏وكلامه لا يدل على عمق الأزمة بينه وبين عون وباسيل وحسب، بل يوحي، قبل ذلك، بأنه لا يريد تأليف ‏الحكومة، ما دام عون في قصر بعبدا. وما يؤكد هذا الاستنتاج أن البيان العالي اللهجة الذي أصدره “المستقبل”، ‏أتى بذريعة الرد على باسيل الذي قال (في مؤتمر صحافي مخصص للإعلان عن اقتراح قانون للبطاقة التمويلية): ‏‏”لن نترك أي مجال إلا ونقوم به لأننا نريد اليوم حكومة برئاسة دولة الرئيس سعد الحريري. أما إذا حصلت ‏مماطلة بالموضوع بعد مهلة الأسبوع التي حددها الرئيس نبيه بري، فسنطلب مجدداً من رئيس الجمهورية الدعوة ‏الى طاولة حوار، لأن المكاشفة ووضع المشاكل على الطاولة ستؤدي حتماً الى تسهيل وتسريع تشكيل الحكومة، ‏وهذا الحوار لا يمس أبداً بالأصول الدستورية بين رئيسَي الجمهورية والحكومة والتشاور مع الكتل النيابية كي ‏تنال الحكومة الثقة، أما إذا تم الامتناع عن المشاركة في الحوار الجماعي فسنفكر بمبادرة جديدة واللجوء الى ‏خطوات ضاغطة وملزمة لعملية التأليف”. كلام باسيل، بما يتضمّن من سحب لصلاحية تأليف الحكومة من ‏الرئيسين إلى طاولة للحوار، يعني أيضاً أن رئيس التيار الوطني الحر لا يريد حكومة يرأسها سعد الحريري‎.‎
‎ 
خلاصة التراشق بين الخصمين اللدودين، واللذين يفترض بهما أن يكونا شريكين في الحكومة المقبلة، أنْ لا ‏حكومة قريباً. هذا “النقاش” سبقته اجتماعات أول من أمس في عين التينة (بين بري والحريري) والبياضة (باسيل ‏وعلي حسن خليل وحسين الخليل)، كانت نتيجتها أن المفاوضات التي أجراها بري، مدعوماً من حزب الله، ‏توقفت. الحريري قدم تشكيلة من 24 وزيراً “كانت مقبولة بنسبة كبيرة”، بحسب مصادر الوسطاء. وباسيل رد ‏بأنه سيتشاور مع رئيس الجمهورية، لكنه عاد وأصرّ على رفضه أن يسمّي الحريري أي وزير مسيحي، وبالتالي ‏أن تقتصر حصة رئيس الحكومة وحليفه وليد جنبلاط على 6 وزراء، في مقابل 8 وزراء لعون والتيار، علماً بأن ‏الاتفاق الأولي كان يقضي بتأليف حكومة من ثلاثة أجزاء متساوية العدد (8 – 8 – 8). وقد ردّ الحريري على ‏رفض باسيل، بالإصرار على أن تكون حصته 8 وزراء‎. 

كان من المفترض عقد اجتماع آخر بين باسيل والخليلين، لكن رئيس تكتل “لبنان القوي” فاجأ الوسطاء بمؤتمره ‏أمس الذي دعا فيه إلى طاولة حوار. وتساءلت مصادر الثنائي عما إذا كانت هذه الدعوة هي رفض غير مباشر ‏للتشكيلة، مستغربة أصل الدعوة “طالما أن الطرفين الأساسيين يرفضان الاجتماع”. وقد اعتبر الحريري الدعوة ‏إلى عقد طاولة للحوار في بعبدا محاولة لمصادرة صلاحيات الرئيس المكلّف تأليف الحكومة، فيما أكدت مصادره ‏أنه لن يعتذر، وسيتمسك بورقة التكليف. أما رئيس التيار الوطني الحر، فلا يزال يدرس إمكانية الاستقالة من ‏مجلس النواب‎. 

بين الحريري وبري، كان ثمة نقاش وصل الى تفاصيل الحقائب والأسماء. وقبل يوم أمس، كان رئيس المجلس قد ‏وصل إلى اقتناع مفاده أن رئيس “المستقبل” لا يريد تأليف الحكومة. لكن رفض باسيل للتشكيلة الأخيرة، أعاد ‏إليه صفة “المعطّل” في نظر برّي‎.
ماذا بعد فشل ما يمكن اعتباره آخر مساعي التأليف؟ أسهم “حكومة الانتخابات” ترتفع؟

“الأخبار”

اترك تعليقًا