ماريبال كفوري
وصل مدى فجوة الأزمة السياسية في لبنان إلى تدهور القطاعَين الإقتصادي والمالي الذين باتا يتهاوين بشكل سريع و مخيف ومستمر ما أدى إلى التدهور المالي الحاصل والإنحدار خاصةً بعد القرار الذي أطلقَته بعض البنوك الأجنبية بقطع العلاقات مع مصرف لبنان المركزي، فالبلد يعيش عزلة دولية في وسط الأزمة المالية التي تحاوطه .إن إعادة الثقة إلى القطاع المالي والقطاع المصرفي وعودة الإنتظام إلى المالية العامة ليس أمراً مستحيلاً ولكنه بالتاكيد امر صعبٌ ويتطلب جهداً وإهتماماً وجدية في التعامل مع الموضوع، فبحسب ما افاد به الخبير الإقتصادي الدكتور نسيب جبريل في حديثه لموقع :ML”لا حل قريب إن لم يتم البدء بتطبيق إصلاحات واجراءت انقاذية، و ذلك لان الأزمة تتضخم و تزداد سوءًا والغلاء المعيشي يتفاقم يوماً بعد يوم”.
إن جوهر الأزمة المالية والإقتصادية يكمن في غياب القدرة المالية بالدولار لكل من القطاع المصرفي وخزنة الدولة و ذلك خاصة بعد تدني قيمة الليرة اللبنانية امام عملة الدولار الاجنبية، وبحسب ما ادلى به جبريل :”إن العوامل الأساسية التي أودت البلاد الى هذا التدهور و التي اودت الشعب اللبناني إلى هذا الواقع الصعب في القطاع المالي والإقتصادي، هو سوء إدارة الشأن العام وإستخدام القطاع العام لأسباب سياسية ومصالح شخصية، إضافةً إلى ذلك ارتفاع النفقات العامة في ظل غياب الرقابة من قبل مجلس النواب، زد على ذلك التهرب الضريبي وإهمال تطبيق الإصلاحات بحيث تفاقم العجز وإرتفاع الدين العام”
كما تكلم عن التهريب الحاصل والمستمر على الحدود اللبنانية لجميع السلع على انواعها وأكد أن الشعب اللبناني يدفع ثمن العواقب كل يوم فهو يعاني من البطالة وتراجع القدرة الشرائية والإرتفاع الجنوني للأسعار فأصبح المواطن اللبناني غير قادر على شراء حاجته الثانوية لا بل الأساسية حتى من السلع الغذائية الأولية، هذا عدى عن غياب المواد المدعومة في الأسواق التجارية اللبنانية و تهريبها للخارج، وأكمل مصرحاً أنه لا يوجد نظرة أو ترجيحات بما سيحصل فيما بعد قائلاً :”الجو ضبابي بالكامل ولا وضوح مستقبلي لمصير القطاع المالي والإقتصادي في الوقت الحالي”.
البلد يعيش أزمة إقتصادية حادة على مختلف المستويات وفي جميع القطاعات الاقتصادية تقريباً والخلل الحاصل بالقطاع المصرفي يهدد الإقتصاد اللبناني في كل لحظة و بشكلٍ مباشر، فمصير أموال المودعين في المصارف مازال مجهول ولا فرص عمل شاغرة في سوق العمل وبنوك لبنان على حافة الإنهيار فعلياً.
اما بالنسبة إلى الخطوات الإنقاذية والخطط الخلاصية للحد من تفاقم التدهور اعرب د.جبريل عن ضرورة تشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن لأنها خطوة لا بديل عنها للمباشرة بحلحلة الأمور والمشاكل المتعلقة بالقطاع الاقتصادي والمالي.
إضافةً إلى هذا طرح جبريل حلاً آخر يتمثل بإعادة هيكلية القطاع العام من أساسه كما شدد على أهمية توقيع الإتفاقات مع صندوق النقد الدولي، فهذه الحلول هي الطرق الأولية والأساسية المفروض تطبيقها لنجاة لبنان والقطاع المالي والإقتصادي من الأعباق التي يرزح تحتها حتى لا يصل لبنان إلى الإفلاس الشرعي والتدمر بالكامل.
ففي الوقت الذي يغذي فيه الفقر المتسارع مشاعر الغضب واليأس والخوف من انفجار اجتماعي، يبدو أن جهود النخبة الحاكمة في لبنان لإنقاذ البلاد من الانهيار المالي بمساعدة صندوق النقد الدولي تسير في الاتجاه العكسي في لبنان الذي اشتهر وسط بلدان الشرق الأوسط بأنه سويسرا الشرق فأصبح الفقر الذي حل بالبلاد منذراً بعواقب وخيمة يتبدى في صور مواطنين يستجدون في الشوارع أو ينبشون القمامة بحثاً عن شيء يصلح للأكل أو يقايضون أثاث بيوتهم بالطعام فالى متى سيظل اللبناني يحارب للحصول على لقمة عيشه؟
خاص موقع “ML”
المقالات المُذيّلة بأسماء كاتبيها تُعبّر عن آرائهم الخاصّة، ولا تتبنى بالضرورة ادارة الموقع مضمونها، كما أن أي عملية نسخ ونشر من دون ذكر المصدر ستعرض صاحبها للملاحقة القانونية.