أعرب عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي عن عدم ثقته بمقاربة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمسألة التدقيق المالي الجنائي لأنها أتت خارج السياق وكأنها لحرف الانظار، مضيفا: “نحن ندعم التدقيق الجنائي، لكن هذا لا يعني أن نوقف معالجة كل المواضيع من الفقر والانهيار المالي والاقتصادي ووقف التهريب إلى معالجة الفشل في العلاقات الخارجية في زمن الوزير جبران باسيل ونركز فقط على التدقيق الجنائي. لا تختزل الحياة السياسية ومشاكل المواطنين بمقاربة موضوع واحد”.
وفي مقابلة تلفزيونية أضاف: “قال عون انتم تعرفوني، صحيح نحن نعرفه وحرف الانظار عن مسؤوليته الاساسية في انهيار البلد هو جزء من تاريخه. عنيت مسؤولياته بدءا من الملف المالي والاقتصادي والتهريب والكهرباء وصولا الى انفجار المرفا. وإذا نظرنا الى تعطيل البلد في آخر 15 سنة، نرى أن ميشال عون هو المعرقل الاساسي”.
لم أسمع كلمة عن التدقيق الجنائي من عون في مجلس الوزراء
ذكر بو عاصي أن في الثمانيات كان المطلوب من عون تنظيم انتخابات رئاسية ولحرف الانظار شن حرب التحرير، وفي كل محطة كان يطرح موضعا دسما لحرف الانظار كما يعمد اليوم بطرحه التدقيق المالي الجنائي.
تابع: “أنت رئيس البلاد التي لم تر مثل هكذا حالة في تاريخها وتعيش فشلا مطلقا على كافة الصعد. شاركت في اول حكومة لعهدك وقد استمرت لنحو سنتين ولم نسمع منك كلمة على طاولة مجلس الوزراء عن التدقيق الجنائي”.
كما شدد بو عاصي على انه لا يمكن لرئيس الجمهورية القول “كنت شايف الانهيار”، وأردف: “انت في موقع المسؤولية وعليك ان تتحمل مسؤولياتك مع غيرك من المسؤولين، لا التنصل من المسؤولية من خلال حرف الأنظار عبر رفع شعار حقوق المسيحيين أو”الدواعش بالكرافاتات” او عبر العودة الى الماضي او الادعاء زورا وجود مقابر جماعية في اوتوستراد حالات”.
هناك عدم ثقة وحذر دوليين تجاه باسيل
ردا على سؤال بشأن استثناء النائب باسيل من جدول لقاءات المسؤولين العرب والاجانب، إعتبر ان الامر يعكس عدم ثقة وحذر دوليين تجاهه. واردف: “هم يعرفونه جيدا يوم كان وزيرا للخارجية ويعلمون كمية الأذى التي سببها باسيل للبنان على صعيد العلاقات الخارجية حيث ادخله الى جانب ممارسات حزب الله بعزلة عن محيطه العربي وعن اوروبا. كما يحملونه بشكل واضح عرقلة تشكيل الحكومة”.
اردف: “هناك فرق كبير بين حقوق المسيحيين وحقوق المسيحي جبران باسيل وهو يبالغ بحجمه. حقوق المسيحيين تصان بقيام دولة عادلة تحمي الكل. الاهم هو دور المسيحيين. عن أي حقوق مسيحيين يتكلم ومعظم الشباب المسيحيين غادر لبنان والدولار لامس 15الف ل.ل. والبطالة بلغت أرقاما قياسية؟”.
التدقيق الجنائي
وذكر بو عاصي برفض”القوات” بشكل واضح الا يسلم المصرف المركزي المعلومات لوزارة المال المسؤولة عنه وفق قانون النقد والتسليف، مشيرا الى ان هذا لا يتعارض مع استقلاليته بإدارة الملفات.
وأضاف: “في هذا الاطار، نحن فتحنا الباب لعدم التحجج بالسرية المصرفية لرفض تسليم المعطيات عبر تقدم تكتلنا “الجمهورية القوية” باقتراح اصبح قانونا لرفع السرية المصرفية لمدة سنة وتحديدا على الملفات التي يطلبها وزير المال من مصرف لبنان. أصبح رفع السرية المصرفية قانونا نافذا ومن هنا يبدأ دور السلطة التنفيذية”.
وتابع: “اذكر ان نائب رئيس حزب “القوات” النائب جورج عدوان طالب في عام 2017 من مجلس النواب بالتدقيق بحسابات مصرف لبنان والوزارات و”قامت القيامة” عليه، فيما الحلقة الضيقة حول رئيس الجمهورية وفي طليعتها الوزير السابق سليم جريصاتي دافعت عن حاكم مصرف لبنان وتهجمت على عدوان. التدقيق المالي الجنائي شرط ضروري وغير كاف لأن الأهم هو وقف الهدر والسرقة والفساد”.
الدعم غير المدروس
وشدد بو عاصي على ان كلمة سلفة من خزينة الدولة لشركة كهرباء لبنان كذبة لانه لم يتم إرجاع أي سلفة، مضيفا: “فريق رئيس الجمهورية مسؤول عن ملف الطاقة منذ عشر سنوات ونحن في اقل تقدير أمام 43 مليار دولار هدر بالمطلق. كان مطلوب منهم استبدال النفط بالغاز ووقف الهدر وزيادة الإنتاج، ولكنهم لم يقوموا بأي شيء. اول خطة قدمها جبران باسيل وإختفت، ثم تقدم سيزار ابي خليل بخطة واختفت ايضا. بعده تقدمت ندى البستاني بخطة اخرى واختفت كذلك واتى بعدها ريمون غجر. كل وزير كان يضع خطة جديدة ولا تطبق رغم أنهم من نفس الفريق السياسي! وهنا يطرح السؤال: من له الحق بالاطاحة بخطة اقرت في مجلس الوزراء وبعدم تنفيذها؟!”.
تابع: “نحن في وضع اقتصادي كارثي حيث نستورد 80% من استهلاكنا والدولار يقارب 13الف ل.ل. فبتنا أمام واقع مرعب. في المقابل، كانت هناك خطوة مأساوية تتمثل بالدعم غير المدروس الذي كلفنا 8 مليار دولار في عام دون تقييم الوضع ودراسة أثر هذه العملية. كما لم يشعر المواطن بحقيقة هذا الدعم اذ اقله 30% من الدعم اصبح في سوريا و30% اصبح في جيوب التجار. لذا تقدمت مع زميلي النائب جورج عقيص باسم تكتل “الجمهورية القوية” بإقتراح قانون يقتضي باعتماد بطاقة تمويلية للعائلات الاكثر حاجة، دعم الصناعات اللبنانية كي تغطي الجزء الاكبر من الاستيراد وعدم المس بالاحتياطي الالزامي الذي يشكل آخر شبكة امان نقدية. لكن لم يدرج حتى الآن على جدول الاعمال. وفي الجلسة الاخيرة لمجلس النواب حمل الزميل عدوان مسؤولية جزائية لرئيس الحكومة والوزراء ان مسوا بالاحتياطي الالزامي الذي هو ملك الناس ونحن كقوات سنخوض هذه المعركة حتى النهاية”.
الحدود البحرية
ردا على سؤال عن ان “القوات” جزء من المنظومة السياسية، اجاب بو عاصي: “هذا كلام لا معنى له. هل احاسب اليسار في فرنسا على عمل قام به الرئيس ايمانويل ماكرون لأنه جزء من المنظومة السياسية من مئة عام؟! لا يستقيم منطق أن تتحمل الأقلية أفعال الأكثرية في مجلس النواب وتستقيل. إذا ذهبت الأقلية فورا إلى الاستقالة تنتهي الديمقراطية اذ تغيب المعارضة للأكثرية”.
وعن ترسيم الحدود البحرية، أوضح: “صوتنا كان واضحا في موضوع الحدود الجنوبية كما الحدود الشمالية، من مؤتمر جنيف الى لجنة العلاقات الخارجية النيابية الى كل التصاريح والمقابلات. لبنان ارتكب أخطاء في الماضي ولكن اليوم همنا استرجاع حقوق اللبنانيين. هذه ثروة نفطية مهمة للبنان لنا جزئياَ وللاجيال الآتية بشكل اكبر. يجب تثبيت حقوقنا أولا في الأمم المتحدة وعلى الحكومة ان تراسل فورا الامين العام للامم المتحدة والرئيس السوري بشار الاسد والشركة الروسية لتثبيت حقوق لبنان في المنطقة المتنازع عليها”.
وتابع: “تجربتنا مع السوريين في مسألة ترسيم الحدود غير ايجابية، فلم يحضروا الى اي اجتماع عام يومها كان يترأس الجانب اللبناني السفير وليم حبيب. فالنظام البعثي لا يعترف بسيادة لبنان وان اضطر بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري الى فتح سفارة بلبنان عبر عملية مقايضة لاستقبال الاسد في فرنسا”.
بيروت
وتوقف بو عاصي عند قرض البنك الدولي لدعم الأسر الأكثر فقرا الذي تبلغ قيمته 246 مليون دولار، موضحا: “شهد تعديلا لنص الاتفاقية عبر اضافة ملحق من قبل لبنان وتصويت مجلس النواب (الذي يعطي إذن ابرام الاتفاقيات) عليها في الجلسة التي لم نشارك بها كقوات لبنانية من دون علم البنك. ما دفعه إلى إعادة ارسالها الى نيويورك لدرسها ما قد يتسبب بتأخير القرض لستة أشهر او حتى الإطاحة به”.
وتابع: “بالتزامن هناك مجموعة من الاطراف السياسية في لبنان تشتم البنك الدولي ليلا ونهارا فيما نحن نطلب كلبنان مساعدتها. لذا علينا التعاون وفقا للمصلحة الوطنية اولا وباحترام. أتمنى ألا يتكرر الامر مع الشركاء الألمان”.
وفي الختام، قال بو عاصي: “بيروت تدمرت مرتين أول مرة أقله بالاهمال الذي ادى الى الانفجار والمرة الثانية بالاهمال القاتل ما بعد الانفجار عبر تقاعس الدولة عن كشف الحقيقة حيث لا يوجد عمل جدي في التحقيقات للوصول الى نتيجة وابلاغ اهل الضحايا ومن خسر مقدراته المادية بها وابلاغ الشعب اللبناني لماذا تدمرت عاصمته. نشكر الجهات الألمانية التي تهتم بإعادة إعمار بيروت. لكنني احذر ان أي دولة لن تقدم على مساعدة لبنان ما لم تلمس جدية بالسير بالإصلاحات وتشكيل حكومة فاعلة ووجود محاور جدي لهم. كل بلد قد يحتاج إلى دعم خارجي من هبات أو قروض ولكن ان يعتمد فقط على ذلك فالأمر كارثي”.