الخبر بالصوت

لبنان لا يزال يئنّ تحت وطأة الفراغ الرئاسي. وفي هذا الاطار يؤكد مستشار الرئيس نجيب ميقاتي الدكتور خلدون الشريف انّ هذا الملف “ليس على طاولة الحوار السعودي – الايراني، إنما الأولوية في الوقت الحالي هي لكيفية المحافظة على الاستقرار في لبنان”، مشدّداً انّ هناك “قراراً دولياً بذلك”، من خلال حماية البلاد من أيّ اهتزاز للوضع الأمنيّ، إضافة الى انّ هناك ملفاتٍ اقليمية أهم بكثير من الملف الرئاسي اللبناني كالحرب السورية والوضع الخطير في العراق واليمن.
وحول عرقلة “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” للانتخابات الرئاسية يشدّد الشريف في حديثه لـ”الجمهورية” بأنه لو كان في موقع “حزب الله” لما تخلّى عن حليفه المسيحي الوحيد الجنرال ميشال عون، والانتخابات الرئاسية ضمن الوضع الاقليمي والمحلّي القائم لن تُجرى وفي اعتقادي “حزب الله” وحلفاؤه ليسوا السبب في ذلك.
وعن التمديد للمجلس النيابي يؤكد الشريف أنه موضوع محسوم فالمكوّنات السياسية في لبنان لا مصلحة لديها بإجراء الانتخابات النيابية لانها غير خاضعة لضغط الشارع، و”الحركات المدنيّة لا تستطيع مواجهة الطبقة السياسية التي بالتأكيد ستذهب للتمديد لنفسها”، مؤكداً أنّ “موقف الرئيس سعد الحريري الرافض لإجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية أتى مكمّلاً لموقف الرئيس نبيه بري وليس العكس”.
أداء حكومي سيّئ
وحول ملف المخطوفين العسكريين يؤكد الشريف أنّ الأداء الحكومي في هذا الملف سيّئ جداً فوزير الاعلام صرّح منذ فترة وجيزة بأنّ الحكومة ستبدأ بالمفاوضات الجديّة، ما يعني أن “ليس هناك من بوادر جدّية في هذا الملف حتى الساعة”.
ويشير الى “وجوب بقاء هذا الملف محصوراً بيد رئيس الحكومة وبعض الأجهزة الأمنية”، أما في ما يتعلّق بهيبة الدولة في حال تمت المقايضة، فيرى الشريف أنّ “هيبة الدولة تكون في الحفاظ على أرواح العسكريين والمواطنين”.
وعن حقيقة ما يشعر به المسيحيون في الشرق يؤكد الشريف أنه من حق كلّ مسيحي أن يخاف على وجوده خصوصاً في ظلّ هذا الصراع السنّي- الشيعي في المنطقة، بحيث لا يهتمّ احدٌ بالمسيحيين ولا بحقوقهم او وجودهم كونهم يشكلون أقلية استهدافها سهلٌ جداً على عكس الطائفة السنّية الكبيرة التي لا يمكن استهدافها او إلغاء وجودها، معتبراً أنّ “المسيحيين في حاجة الى طمأنة من الدولة كي يشعروا بالأمان”.
وفي تعليقه على مسألة تدّخل “حزب الله” في الحرب السورية، يقول الشريف إنّ “حكومة الرئيس ميقاتي غير مسؤولة عن إدخال البلاد في هذا النفق لأنّ الحزب شارك في الحرب بعد أن غادر ميقاتي الحكم واستقال”.
ويتابع، عندها دخل “حزب الله” سوريا بذريعة المحافظة على المقامات الدينية، وكانت البداية في ريف دمشق”، مشدّداً على أنّ “حكومة الرئيس سلام لم تنجح في سحب الحزب من سوريا”، إضافة الى “حصول الكثير من الخضات الامنية في عهدها” حسب رأيه.
“المستقبل” رفض ترحيل النازحين
وماذا حول عدم سيطرة حكومة ميقاتي على تدفّق العدد الكبير من النازحين السوريين الى لبنان؟ يقول الشريف إنّ “حكومة ميقاتي عملت مرّات عدة على ترحيلهم الى سوريا، إلّا انّ كتلة المستقبل النيابية كانت ترفض ذلك وأرادت بقاءهم في لبنان لأنها راهنت على أنّ الأمور لن تطول وعلى أنّ النازحين السوريين سيعودون الى ديارهم قريباَ. فلا الكتلة صدقت توقعاتها، ولا الفريق الآخر الذي كان يظنّ انّ النظام السوري مسيطرٌ على الوضع وسينتصر في النهاية صحّت استنتاجاته…”.
ويجزم الشريف بأنّ “الرئيس ميقاتي لم يندم على ترؤسه الحكومة الأخيرة، لأنه لو لم يترأس الحكومة في تلك الفترة لكانت البلاد دخلت في صراع سنّي – شيعيّ كبير”. الشريف أضاف: “ميقاتي حمى لبنان من الفتنة في أصعب الظروف وأخطرها وذلك بالتوافق والتنسيق مع الرئيس ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط، وكان ذلك الخيار الأسلم في ظلّ ما يجري في المنطقة ومنع لبنان من الوقوع في المواجهة الطائفية والمذهبية”.
وماذا عن الوضع الأمني في طرابلس وعمّا يُشاع من أنها بيئة حاضنة للارهاب؟ يُجيب: “الوضع الامني في المدينة معقّد ولكنّ الامساك به ليس مسألة صعبة ونأمل من المبادرة التي سيطلقها المفتي الشعار أن تريح المدينة”، موضحاً انه “التقى عدداً من المشايخ حيث رفض الجميع الدخول في مواجهة بطرابلس، ففي بلد كلبنان متعدّد الاطراف السياسية والعائلات الروحية لا يمكن للإرهاب أن ينتصر”.
ويصف الشريف ما حصل أخيراً في التبانة وخروج شادي المولوي وأسامة منصور من مصلّى عبدالله مسعود بأنه “أمرٌ ممتاز خصوصاً لجهة تجنيب مواجهة مع الجيش اللبناني في هذا الوضع الأمني الصعب”.
وعن ثقة المواطنين بهيئة العلماء المسلمين اكثر من السياسيين قال إنّ الامر يعود لـ”فشل السياسيين السنّة من تقديم قصة نجاح للمواطنين. أما هيئة العلماء المسلمين فساعدت في حلّ العديد من الامور منها ملف المخطوفين العسكريين”.
التسوية الإقليمية أنهت اشتباكات طرابلس
وحين تسأله عن سبب فشل حكومة ميقاتي في وقف النزيف الذي حصل في المدينة على مدار أكثر من 14 جولة اشتباكات بين التبانة وجبل محسن والتي سرعان ما توقفت في عهد الحكومة الحالية يقول: “إنّ التسوية الامنية التي رعتها القوى الدولية خوفاً من تنامي التطرّف والحركات الارهابية انعكست ايجاباً على المدينة ولبنان عموماً”.
ولمَ لم تنجح الحكومة السابقة في تحقيق المشاريع الانمائية في طرابلس على رغم وجود رئيس وأربعة وزراء من ابناء المدينة؟ يردّ بأنّ “الحكومة أقرّت 100 مليون دولار من اجل المشاريع الانمائية، ولكنّ الخلاف الكبير بين الوزراء في ذلك الوقت جمّدها ما حال دون تنفيذ المشاريع الإنمائية، إلّا انّ المبلغ لا يزال محفوظاً حتى اليوم وهو بتصرّف الحكومة الحالية”.
وعن فكّ التحالف بين الثلاثي ميقاتي والصفدي وكرامي يؤكد الشريف انّ “التعاونَ لا يزال قائماً، لكنّ الكلّ يعلم أن لا انتخابات نيابية في الوقت الحالي، وكلّ واحد منهم أعلن ترشّحه فقط ليضمن نفسه في اللعبة السياسية”.
وهو يرى أنّ “الظرف السياسي هو الذي يصنع التحالفات التي تحكمها المصالح في غالبية الاحيان”، ويعتبر أنّ “الرئيس سعد الحريري ليس خصماً سياسياً بالنسبة للرئيس ميقاتي إلّا إذا اراد الحريري نفسه ذلك”، مشدّداً على أنّ “زعامة الرئيس الحريري الكبيرة عند الطائفة السنّية ناجمة عن الدور السعودي في المنطقة وعن حاجة لبنان لهذا النوع من التسويات”.
ويختم الشريف مثنياً على أهمية المؤتمر المسيحي – الإسلامي الذي دعا اليه سماحة مفتي طرابلس والشمال الدكتور مالك الشعار والمزمع عقده السبت المقبل في طرابلس، ووصفه بـ”الخطوة الممتازة والمبارَكة التي تخفّف مِن الحقن الطائفي في لبنان”.
(الجمهورية)

اترك تعليقًا