يتجدّد الحديث عن سجن روميه المركزي، إنما هذه المرة ليس عن حادثة فرار سجين أو عن حوادث شغب، ولا حتى عن مبادلة الأسرى العسكريين بـ»الموقوفين الإسلاميين»، وإن كان لهؤلاء حصّة من «الحديث»، إنما فضيحة «أبطالها» ضباط ائتمنوا على حماية السجن فشرّعوا الأبواب أمام تجّار المخدرات، الذين صنعوا «إمبراطوريتهم» داخل السجن.
ويكشف القرار الاتهامي الذي أصدره أمس الجمعة قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا الحجم الحقيقي للفساد داخل السجن، فلا عيش للفقراء داخله، ولكل نزيل «سعره»، سجناء «نافذون» يتاجرون «بكل شيء»، في أماكن النوم، والفِرش، ويفرضون الخوات على زملائهم من الميسورين، ويتاجرون بالمخدرات والهواتف الخلوية. وكل ذلك بتسهيل من ضابطين في السجن، بعد «إغرائهما» من قِبَل شاويش مبنى الأحداث الذي «يعاونه» سجناء آخرون. إغراء دغدغ مشاعر آمر السجن الذي ذهب إلى حد الإشراف بنفسه على عملية إدخال كمية كبيرة من المخدرات إلى السجن، بمساعدة معاونه وهو برتبة نقيب الذي اعتبر طلب آمر السجن منه بمثابة «أمر عسكري» لا يمكن رفضه.
وإذا كان عدد من الموقوفين الإسلاميين يدعون تطبيق الشريعة الإسلامية وقواعدها الصارمة، داخل «غرفة تعذيب» كُشف النقاب عنها أثناء محاكمة بعضهم في قضية قتل السجين غسان قندقلي فإنهم لعبوا دوراً في إدخال الممنوعات إلى السجن بإخفائها في سراويلهم، وامتناعهم عن تفتيشهم على اعتبار أنه من غير المسموح شرعاً مسّهم في «أماكن حسّاسة».
وتنشر «المستقبل» وقائع القرار الاتهامي الذي خلص فيه القاضي أبو غيدا إلى اتهام ضابطين وتسعة سجناء بجرائم تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد، فضلاً عن آخرين فارين، وأحالهم أمام المحكمة العسكرية الدائمة للمحاكمة.
وفي ما يلي وقائع القرار:
أثناء قيام مفوض الحكومة المعاون القاضي داني زعني بزيارة تفقدية لسجن رومية ابلغه العديد من السجناء بأنهم يتعرضون لابتزاز مادي من سجناء نافذين، ويفرضون عليهم خوات لتأمين بعض الأمور الحياتية الضرورية كما يتاجرون بأماكن النوم، وتأجير الفرشة بمبلغ مائتي دولار أميركي للسجين الواحد، ويتم ترويج الحبوب المخدرة، وحشيشة الكيف وبيع الهواتف الخلوية.
ومن بين افراد العصابة التي تقوم بهذه الأفعال السجناء: ربيع المولى، ونايف المولى وجورج مشنتف وأحمد زعرور، وعلي ناصر الدين، وديب علوية.
كما تبين تورط ضابطين برتبتي عقيد ونقيب بالمساعدة بادخال المخدرات والممنوعات بالاشتراك مع السجناء مقابل قبولهما رشوة عبارة عن مبالغ مالية.
وبسماع إفادة السجناء فؤاد وهبي، وديب علوية، وجودت الخوجا، وخالد كنعان تبين أنهم كانوا ضحية عمليات احتيال وابتزاز.
وأفاد السجين فؤاد وهبي انه اثناء توقيفه بمبنى الاحداث في سجن رومية، حضر اليه الشاويش ربيع المولى وطلب منه دفع مبلغ /1500/دولار ليبقيه في الجناح رقم «6» وبرفضه دفع المبلغ نقله إلى النظارة رقم 2، ثم طلب منه مبلغ خمسة الاف واربعمائة دولار لاعادته الى الغرفة رقم 6، وأرسل له المدعى عليهما أحمد زعرور وحسين المولى للضغط عليه لدفع المبلغ، لكنه بقي مصراً على الرفض.
إزاء ذلك، جرى إتهامه من قبلهم بأنه يروج المخدرات في السجن وعثر بغرفته على كيس منها، كما هددوه بمنعه من حضور جلسات محاكمته، بحال لم يدفع، فاضطر للاتصال بزوجته طالباً منها تحويل مبلغ /2000/ دولار للمدعوة نسرين دياب التي اسماها المدعى عليهم، ثم مبلغ الف دولار، وكذلك منعوه من مقابلة أقاربه بأوقات المواجهات وابتزوه بأموال أخرى واشترك معهم هذه المرة المدعى عليهم نزار حواط وعلي ناصر الدين ومحمد سعادة.
وأفاد السجين ديب علوية انه منذ دخوله السجن في روميه ـ مبنى الأحداث والسجناء أحمد زعرور، علي ناصر الدين، حسين المولى، وجورج مشنتف يقومون بابتزازه عن طريق طلب مبالغ مالية، وبتهديده بحال الرفض والاستيلاء على أغراضه الشخصية.
واضاف أنه على علم ان ربيع المولى اشترى النظارة رقم 5 من آل ناصر الدين بمبلغ 8 آلاف دولار وقام بتقسيمها إلى خيم وغرف من كرتون ويبيع بعضها ويؤجر البعض الآخر شهرياً وأسبوعياً.
خطف في النظارة
وأفاد السجين جودت الخوجا، ان المدعى عليه سعد الله المولى خطفه الى نظارته رقم 4 وهدده بالطعن بسكين طالباً منه مبلغ /4000/ دولار، فاتصل بوالده في استراليا الذي حول له المبلغ على دفعتين بواسطة «الوسترن يونيون» كما ان أحمد زعرور طلب منه دفع مبلغ الف دولار، وذكر اسماء ربيع المولى وعلي ناصر الدين وعباس الهق بأنهم من ضمن العصابة التي تبتز السجناء وكذلك جورج مشنتف.
وأفاده السجين خالد كنعان، انه كان نزيل النظارة رقم «3» وحضر إليه ربيع المولى وأوهمه أنه يستطيع تخلية سبيله لقاء مبلغ 38 الف دولار أميركي، ثم جمعه مع حسين المولى للاتفاق على كيفية الدفع، وتم الاتفاق على ان تكون الدفعة الأولى عشرة الاف دولار، وثمانية عشر الف بعد خروجه من السجن.
وبالفعل اتصل بوالده أحمد كنعان وشقيقه لؤي اللذين دفعا لشخص من قبل ربيع وحسين قرب السفارة الكويتية مبلغ 20 ألف دولار.
ثم دفعا لاحقاً مبلغ 8 آلاف دولار، وطلب منه أحمد زعرور مبلغ 3 آلاف دولار ثم مبلغ عشرة آلاف دولار، ومبلغ خمسة الآف أخرى لأحمد زعرور، ليكشف السجين خالد كنعان انه كان ضحية عملية إحتيالية.
وبسماع إفادة المدعى عليه أحمد زعرور، أفاد أنه مع حسين المولى وعلي ناصر الدين، وأحمد ناصر الدين ونزار حواط، وعباس الهق مسؤولون عن النظارات، ويبتزون السجناء على الوجه التالي:
ـ تأمين إقامة مريحة للسجناء الميسوري الحال لقاء مبالغ مالية تتراوح بين 300 و200 دولار.
ـ يبيعونهم هواتف خلوية وخطوطاً.
ـ يتوسطون بنقل السجناء من مبنى الى آخر لقاء مبالغ مالية.
ـ يروجون المخدرات، خاصة حسين المولى وجورج مشنتف وأحمد ناصر الدين، ومهدي ناصر الدين، وحسن الجاروش.
وعن الطريقة التي يدخلون فيها هذه الممنوعات افاد، أحياناً بواسطة السجناء الاسلاميين الذين يخفونها داخل ملابسهم الشرعية ويرفضون تفتيشهم، كابو الوليد، وابو جندل، وابو عبيدة، وأحياناً بواسطة موظف الحانوت عمر لدشيم الذي يلاحق بهذا الجرم على حدة.
وأفاد المدعى عليه حسين المولى، أنه شاويش مبنى الأحداث يعاونه المدعى عليهم أحمد زعرور وعلي ناصر الدين، وأحمد ناصر الدين، ونزار حواط، وعباس الهق، وعلي أمهز.
وهو الذي يوزع العمل بينهم بكافة النظارات التابعة له.
وكرر بالتفصيل ما ذكره أحمد زعرور حول كيفية إبتزازهم للسجناء.
وعن طريقة ادخال الممنوعات من حبوب مخدرة، وهواتف خلوية وغيرها، كانت تتم عبر آمر السجن وهو برتبة مقدم ـ الذي يلاحق بهذا الجرم بدعوى على حدة ـ وكذلك بواسطة السجناء الاسلاميين كابو الوليد وابو التراب الذين كانوا يخفون الممنوعات داخل سراويلهم ويمنعون العناصر من تفتيشهم بحجة انه من غير المسموح شرعاً مسهم بأماكن حساسة.
وهؤلاء كانوا يستحصلون عليها من آمر السجن المذكور، ومؤخراً بواسطة عقيد ومن السجناء الميسورين الذين كانوا عرضة للابتزاز، صلاح عز الدين، وسجينين كولومبيين.
وأكد المدعى عليه علي ناصر الدين، وقائع الافادتين السابقتين مضيفاً إن رئيس العصابة هو حسين المولى، والمخطط والرأس المدبر ربيع المولى، ـ باع النظارة رقم «5» لربيع المولى بمبلغ ستة الاف دولار. والغاية من بيع النظارات السيطرة على مواردها من: خوات وإيجارات وتجارة مخدرات.
ـ إن الأموال الناتجة عن إبتزاز السجناء تدفع بواسطة حوالات مالية بواسطة OMT. ـ دخله الرئيسي من بيع الهواتف الخلوية بسعر عال لميسوري المال، وترويج المخدرات.
ابتزاز السجناء
واعترف المدعى عليه ربيع المولى انه مع احمد زعرور وحسين المولى يؤلفون عصابة لابتزاز السجناء، وذكر تفصيلاً كيفية ابتزازهم للسجناء: فؤاد وهبي، وديب علوية، وخالد كنعان.
أما لجهة ادخال المخدرات والحبوب المهدئة وترويجها فقد أدلى المدعى عليه حسين المولى، انه بعد استلام عقيد لأمرة السجن، قام بعدة زيارات متتالية لمبنى الأحداث، وحصل تعارف وثيق بينهما، ثم استدعاه الى مكتبه، وفاتحه انه بحاجة الى مبلغ 25 مليون ليرة نتيجة لديون مترتبة عليه، فقام حسين بالتكفل بدفع هذا المبلغ بحال موافقة العقيد على إدخال كمية من المخدرات الى السجن، فأجابه الأخير ان لا مشكلة لديه بذلك وهو سيرسل ضابطاً ليتفق معه على تفاصيل العملية.
وبالفعل اجتمع الثلاثة بمكتب آمر سجن الأحداث وتوافقوا على إدخال عشرة الاف حبة «بنزيكسول» بعلب تنباك، وثلاثة كيلوغرامات من حشيشة الكيف، على ان يتسلم هذه الكمية المدعى عليه النقيب من عديل حسين المدعى عليه مهدي بلوق. اثر ذلك اتصل المدعى عليه حسين المولى بعلي محمود طليس طالبا منه توضيب عشرة الاف حبة بنزيكسول، و3 كيلوغرامات حشيشة، ضمن علب تنبك، وارسالهم الى بيروت قرب كنيسة مار مخائيل ليستلمهم المدعى عليه مهدي، وهو ما حصل فعلاً.
ثم توجه هذا الأخير الى منطقة صربا قرب بنك البحر المتوسط وسلم كمية المخدرات الى النقيب الذي بعد استلامه حضر في اليوم التالي الى داخل مبنى الأحداث واجتمع مع حسين مبلغاً اياه انه سيحضر الساعة الثانية بعد منتصف الليل الى سطح المبنى «د» المطل على باحة النزهة لمبنى الأحداث وسيرمي البضاعة عن السطح.
وبالوقت المحدد كان المدعى عليهم حسين المولى وأحمد زعرور وعلي ناصر الدين في الباحة حيث استلموا الكمية بعد رميها اليهم. واقتسم المذكورون الكمية بالتساوي، وروجوها بالاشتراك مع جورج مشنتف وجوزف البعيني وعباس الهق، وأحمد ناصر الدين ونزار حواط وهم مسؤولو النظارات، وحصلوا على مبلغ ثلاثين مليون ليرة من عملية الترويج.
وفي اليوم التالي لدخول المخدرات، حضر المدعى عليه العقيد الى مبنى الأحداث واطمأن الى حسن سير العملية، واتفق مع حسين على استلام مبلغ 25 مليون ليرة بعد حوالى عشرة ايام، من شخص يرتدي قبعة سوداء على رأسه بالقرب من تعاونية فرن الشباك ويقود دراجة نارية لون ابيض وطلب حسين ايضا ان يدخل له العقيد جهازين خلويين من نوع Calaxy s4 I phone.
وبالموعد المتفق عليه توجه الأخير الى المكان والتقى المدعى عليه مهدي بلوق بعد أن بادره بكلمة السر «إنت يللي معك تلفونين» وجرت عملية التسليم.
وأضاف المدعى عليه حسين انه جرت شائعة في السجن مفادها ان العقيد عين محمد فياض اسماعيل شاويشاً لمبنى المحكومين مقابل خمسين الف دولار.
كما انه تداول مع العقيد بفكرة انشاء صندوق للسجناء، وقبض مبالغ مالية منهم بحجة القيام باصلاحات بالسجن، ومن ثم الاستيلاء على هذه الأموال.
وكذلك تداولا بموضوع نقل السجين صلاح عز الدين وسجينين كولومبيين وهؤلاء من الميسورين مادياً من مبنى الموقوفين «ب» الى مبنى الأحداث لابتزازهم.
وتم استجواب المدعى عليهما علي ناصر الدين، وأحمد زعرور، حول واقعة ادخال المخدرات الى السجن بالتواطؤ مع العقيد والنقيب وحسين المولى.
فأفاد المدعى عليه علي ناصر الدين، ان حسين المولى، اطلعه على الاتفاق مع آمر السجن حول ادخال كمية من المخدرات وانه انتظر في لولب السجن، وذهب حسين وأحمد زعرور الى الباحة، ورجعا ومعهما سطل بلاستيكي وفيه ست علب تنباك بداخلها حبوب بنزيكسول، وثلاثة كيلوغرامات من حشيشة الكيف، وتم تصريف البضاعة خلال عشرة ايام وبيعها وترويجها للسجناء ودفع علي ناصر الدين ثمن حصته خمسة الاف وخمسمائة دولار.
أما المدعى عليه أحمد زعرور، فأدلى ان حسين المولى اتفق مع آمر السجن العقيد لادخال المخدرات الى السجن مقابل تقاضي الأخير مبلغ 30 مليون ليرة لكل عملية، وأن النقيب هو الذي سيستلم المخدرات ويقوم بادخالها، على ان يرميها عن سطح مبنى «د» المطل على الباحة، وهو ما حصل فعلاً، وروجت الكمية من حصته بواسطته وبواسطة عباس الهق وعلي أمهز.
واضاف ان المدعى عليه العقيد كان يسهل ادخال أغراض الى السجن كالبرادات والتلفزيونات، ويلبي طلبات حسين بنقل عناصر قوى الأمن من داخل المبنى إلى مبنى آخر، ونقل سجناء بين المباني.
وبعد شيوع خبر إدخال الممنوعات دخل الرعب الى نفس العقيد وطلب منا عدم الاجابة عن أسئلة شعبة المعلومات والامتناع عن الحضور اليهم.
ولدى حضور القوة الضاربة التابعة للشعبة اتصل العقيد باللواء المدير العام لتأخير عملية جلبهم، فلم يستجب له، ثم نصحنا بالاتصال بمرجعيات سياسية للضغط على الأخير، لكن القوة دخلت وداهمت المبنى.
وجرى سماع المدعى عليه مهدي بلوق، الذي أفاد أن حسين المولى هو عديله، ولكن يتصل به من السجن ليجمع له مبالغ مالية من أصحاب مكاتب ومحال الهواتف كثمن لوحدات هاتفية، مقابل أجرة.
مخدرات من المنازل
وأخيراً طلب منه الذهاب إلى منزله في حي السلم لاستلام كيس حبوب مخدرات من زوجته المدعى عليها ليلى المولى، لتسليمها إلى شخص سينتظره بمحلة صربا، مقابل مئة دولار أميركي.
وبالفعل استلم المخدرات وذهب بسيارة ليلى من نوع جيب «غراند شيروكي» إلى أحد مواقف السيارات خلف بنك البحر المتوسط في صربا، واستلمها منه الشخص المكلف بذلك أي النقيب.
وعلى ضوء هذه الاعترافات جرى سماع المدعى عليهما العقيد والنقيب.
وأدلى الأول في إفادته الأولية، أنه منذ استلامه قيادة سرية السجون راح السجين حسين المولى يتقرب منه، ويقدّم له الإغراءات قائلاً بالحرف الواحد: «إن كل الذين قبلك استفاد مادياً، فلماذا لا تستفيد؟».
«والاستفادة عبارة عن الموافقة على إدخال الممنوعات إلى السجن فقط لا غير».
وهذا الإغراء، دغدغ مشاعر العقيد، ونقله إلى مساعده النقيب الذي لم يبدِ أي ممانعة لعرض رئيسه، فاجتمع الثلاثة بمكتب آمر السجن، وصار الاتفاق والتخطيط للعملية، بأن يتولى النقيب مهمة استلام الممنوعات وإدخالها إلى المبنى «دال»، ثم يعمد إلى رميها عن سطح هذا المبنى إلى الباحة حيث ينتظره حسين المولى، على أن تتم خلال مهمة تفتيش مباني السجن من النقيب المذكور.
وبعد أربعة أيام من هذا الاجتماع، حضر العقيد إلى مكتب النقيب وعاين البضاعة في الخزانة الموضّبة بعلب كرتون داخل كيس نايلون وشاهد كمية من الحبوب من اللون الأخضر والأصفر.
وباستيضاح المدعى عليه العقيد عن نوعية البضاعة، أفاد أنه بالإضافة إلى الحبوب شاهد كمية من حشيشة الكيف في الخزانة.
وعن المبلغ الذي تقاضاه مقابل ذلك، أجاب ستة عشر مليون ليرة على دفعتين، استلمها شقيقه من زوجة حسين المولى قرب سوبرماركت فهد في فرن الشباك، وهذا الأخير لم يكن على علم بما كان يحصل.
كما استلم مبلغ أربعة ملايين ليرة من ليلى المولى زوجة حسين بالموقف الخارجي لحرم السجن بالقرب من الطريق العام.
وعن حصة النقيب، أجاب العقيد أنها أربعة ملايين ليرة على دفعتين، علماً أن الاتفاق على حصته الإجمالية هو مبلغ ثمانية ملايين ليرة.
وكرر في إفادته الاستنطاقية مجمل ما ورد بإفادته الأولية، إنما برّر قبوله إدخال الممنوعات إلى السجن بأنه جاء تحت الخوف والتهديد من قبل السجين حسين المولى الذي قال له: «بدك تشتغل معنا وفهمك كفاية، وإيدي طايلة خارج السجن».
تهديد وتسجيلات
لكن هذا التبرير غير قابل للتصديق: لأنه لا يمكن لضابط برتبة عقيد أن يسكت عن تهديد وُجّه إليه، ولأنه لم يُفدْ رؤسائه بما حصل بحال كان تبريره صحيحاً، ولأنه يوجد تسجيلات تدحض هذا التبرير تؤكد وقائع ما حصل بينه وبين حسين المولى والنقيب.
وأدلى النقيب بإفادته الأولية أن العقيد عرض عليه إدخال ممنوعات إلى داخل السجن لقاء منفعة مادية، وهي عبارة عن حبوب مخدّرة «بنزيكسول» وطلب منه التنسيق مع السجين حسين المولى حول تفاصيل عملية الإدخال، وأنه لهذه الغاية كلّفه بمهمات التفتيش الليلي.
ولاحقاً اجتمع مع حسين بمكتب آمر سجن الأحداث بحضور العقيد، وتوافق الثلاثة على تنفيذ العملية وملخصها:
1 استلام كمية المخدرات بمحلة صربا قرب ملعب كرة قدم.
2 تفحّصها لدى وصوله إلى موقف سيارات منزله وتبيّن أنها حبوب بنزيكسول وحشيشة الكيف موضبة بعلب تبغ معسّل.
3 خبأها مكان الإطار الاحتياطي لسيارته العسكرية.
4 وبوصوله إلى باحة السجن حمل كيس المخدرات ووضع سترته العسكرية وأدخلها إلى مكتبه ووضعها بخزانته.
5 رماها عن سطح المبنى «دال» إلى حسين المولى أثناء التفتيش الليلي.
وأضاف أن العقيد أخبره أن المبلغ الذي سيقبضه من حسين هو ثمانية آلاف دولار ستكون مناصفة بينهما.
لكنه أخلّ بوعده ولم يدفع له سوى مليوني ليرة على دفعتين.
وكرر في إفادته الاستنطاقية، مضمون إفادته الأولية عازياً قبوله إدخال الممنوعات إلى السجن بأمرين:
الأول: ضغوط وتهديدات من حسين المولى.
الثاني: اعتبر طلب العقيد منه إدخال المخدرات، أمر عسكري، وبالطبع فإن التبريرين لا يمكن الأخذ بهما لعدم جديتهما.
وبسؤال قاضي التحقيق، ألم يكن هناك حرس على سطح المبنى عندما رميت المخدرات؟
أجاب، في العادة، يكون هناك حرس، إنما العقيد ليلة التسليم، أعطى الأوامر بعدم الحراسة على السطح.
وبسؤاله، كيف تمكن حسين المولى وأحمد زعرور من الخروج إلى باحة النزهة ليلاً؟ أجاب، هذه من صلاحية العقيد.
وبسؤاله، عما إذا كان مديناً بمبالغ مالية؟ أجاب، أجل عليّ «كمبيالة» إسكان كبيرة قدرها مليون وأربعمائة ألف ليرة.
وما هو راتبك؟ أجاب مليونين وأربعمائة ألف ليرة.
وتبيّن أن المدعى عليهم حسين المولى وأحمد زعرور وعلي ناصرالدين أقدموا خلال مداهمة السجن من قبل رجال شعبة المعلومات على معاملة عناصر قوى الأمن بالشدة، وكسّروا أبواب النظارات، وأضرموا النار.
وجرى سماع المدعى عليهم: جورج مشتنف وحسن الجاروش وعباس الهق وأحمد ناصرالدين ونزار حواط ومهدي ناصرالدين حول ما ورد بإفادة حسين المولى وأحمد زعرور وعلي ناصرالدين بأنهم روّجوا المخدرات للسجناء، فأنكروا ما نُسِبَ إليهم.
وأدلى المدعى عليه سعدالله المولى، أنه مضى عليه قرابة السنتين في سجن تبنين، ولا علاقة له بإدخال أي ممنوعات إلى سجن رومية بهذه الدعوى لأن مكان توقيفه في تبنين، ولا يفرض خوّات على السجناء.
وتبيّن أن المدعى عليها ليلى المولى متوارية عن الأنظار وصدر بحقها مذكرة توقيف غيابية.
ولم يتوصل التحقيق إلى معرفة كامل هوية المدعى عليهم محمود طليس وجوزف بعيني وعلي أمهز.
المستقبل